اعتقلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي خلال شهر تموز/ يوليو 2022، (375) فلسطيني/ة من الأرض الفلسطينية المحتلّة، بينهم (28) طفلاً، وسيدتان، وبلغ عدد أوامر الاعتقال الإداريّ الصّادرة (191) أمراً، بينها (65) أمراً جديداً، و(126) أمر تمديد.

رافقت عمليات الاعتقال انتهاكات جسيمة بحق المعتقلين، وعائلاتهم، حيث تعمدت قوات الاحتلال استخدام أساليب التهديد، والترهيب المتبعة من ضرب، واعتداء، وتكسير ممتلكات وتحقيق ميداني مع المعتقلين أمام ذويهم، عدا عن تنفقذ سياسات العقاب الجماعي بحق المدن والقرى الفلسطينية من اقتحامات متكررة، وحملات اعتقال جماعية، وإطلاق الرصاص تجاه المواطنين وترويعهم.

 

جاء ذلك ضمن تقرير شهري مشترك صدر، عن مؤسسات الأسرى وحقوق الإنسان؛ (هيئة شؤون الأسرى والمحررين، نادي الأسير الفلسطيني، مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان ومركز معلومات وادي حلوة-القدس)، أكّدت فيه أنّ عدد الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال بلغ نحو (4550) أسيراً، وذلك حتّى نهاية شهر تموز/يوليو 2022، من بينهم (27) أسيرة، و(175) قاصراً، ونحو (670) معتقل إداري.

 

ويستعرض التقرير جانباً من انتهاكات الاحتلال المرافقة لحملات الاعتقال اليومية وظروف التّحقيق والاحتجاز، بالإضافة إلى  السياسات التنكيلية المنفذة بحق الأسرى والمعتقلين والتي تستهدف واقعهم داخل الأسر، والتي رصدها التقرير خلال الشهر الماضي.

سياسة العقاب الجماعي والاعتقالات الجماعية في البلدات والمدن الفلسطينية

 

تستخدم سلطات الاحتلال العقوبات الجماعية كسياسة ثابتة ضد القرى والمدن الفلسطينية، حيث تتعمد الاقتحامات بأعداد كبيرة من الجنود والآليات العسكرية، وتبدأ بعمليات تفتيش واسعة واعتقالات بأعداد كبيرة جدًا، ويتعدى ذلك حيث تصل إلى حد التكسير وتخريب محتويات المنازل والمرفقات العامة كنوع من الانتقام والعقاب لأهالي المعتقلين والبلدات.

 في بلدة سلواد قضاء رام الله شنت قوات الاحتلال يوم السادس من تموز / يوليو 2022، حملة اعتقالات واسعة طالت 30 معتقلاً، وكانت قوات الاحتلال قد اقتحمت البلدة بأعداد كبيرة جدًا وبدأت بحملة اعتقالات واسعة لم تشهدها البلدة منذ مدّة، رافقها عمليات  تنكيل وترهيب وعنف عالٍ بحقّ المعتقلين وعائلاتهم وذلك في إطار جريمة العقاب الجماعيّ التي تنتهجها سلطات الاحتلال، حيث طالت حملات الاعتقال في غضون أقل من  شهر نحو 45 حالة اعتقال.

 

إحسان حامد (21 عامًا) من بلدة سلواد تعرض لتحقيق ميداني وتنكيل أثناء عملية الاعتقال، تقول والدته: "الساعة 5:30 فجرًا اقتحمت وحدات خاصة منزلنا برفقة المخابرات ودخلوا إلى غرفة إحسان وقاموا بإغلاق الغرفة وبدأوا بالتحقيق الميداني معه، عزلونا عن بعضنا البعض حيث وضعوني في غرفة النوم وزوجي وأولادي في غرفة الصالون، كنا طوال الوقت نسمع صوت صراخ من قبل ضباط المخابرات، استمر التحقيق معه حتى الساعة 8:30 صباحًا، قاموا بتخريب محتويات المنزل حيث كسروا كل أسرّة النوم وقلبوا أثاث البيت وقاموا بتمزيقه، حتى "أبجورات" المنزل قاموا بفتحها وتخريبها، طوال وقت الاقتحام كان هناك ترهيب وعنف وتخريب لمحتويات المنزل".

 

في ذات السياق، اعتقل الاحتلال طاهر حامد (24 عامًا) بتاريخ 29/6/2022 بعد أن اعتدوا عليه بالضرب المبرح، تقول والدته: "في تمام الساعة 5:15 فجراً اقتحم عدد كبير من جنود الاحتلال منزلنا بطريقة وحشية، في البداية اقتحموا منزل ابني المتزوج والذي يعيش في الطابق الأول "طارق"، فور دخولهم المنزل هجموا على ابني طارق واعتدوا عليه بالضرب على كل أجزاء جسمه، وركزوا بالضرب على منطقة الرقبة والأرجل والأيدي، بعد نصف ساعة عندما تأكدوا أن طارق ليس طاهر خرجوا من المنزل، وصعدوا إلى الطابق العلوي حيث نسكن".

 

تكمل والدته: "فور دخولهم كسروا باب المنزل ودخلوا فوراً على مكان ابني طاهر حيث كان نائمًا في الصالون وقاموا بتكبيل يديه بقيود بلاستيكية ورموه على الأرض، وبدأوا بضربه على رأسه ورجليه وعلى مكان اصابة كسر قديمة في قدمه اليمنى، وقاموا بسحله مباشرة خارج البيت، أثناء اعتدائهم على ابني طاهر كانت شقيقته رهام تحاول ان تصور الاعتداء، وما إن رفعت هاتفها لتقوم بالتصويرتم مصادرته من قبل جنود الاحتلال وقاموا بالاعتداء عليها بالضرب على أرجلها، حتى ابني علاء الذي لم يكن متواجدًا في المنزل أثناء الاقتحام ذهبوا إليه في مكان عمله، وقاموا بالاعتداء بالضرب عليه، قام الضابط بتهديدي بالضرب أثناء الاقتحام، أخرجوا طاهر خارج المنزل، انتشروا بكثافة داخل المنزل وبدأوا بتكسير وتخريب محتويات المنزل، حيث كسروا خزانة ملابسي ورموا كل ما فيها على الأرض، وهكذا فعلوا في جميع غرف النوم، وقاموا بتفتيش المطبخ بشكل دقيق وخربوا المواد التموينية وقاموا بخلطها، بعد ذلك بدأوا بالتحقيق الميداني معه خارج المنزل، واستمروا بضربه والاعتداء عليه بشكل مبرح".

الأسيرة سعدية فرج الله وتفاصيل تدهور حالتها واستشهادها وفقاً لما روته أسيرات  معتقل "الدامون":

اعتقلت الأسيرة سعدية فرج الله (68 عامًا) في كانون الثاني من العام الماضي، وهي أكبر الأسيرات سنّاً،  وجرى احتجازها بمعتقل "الدامون"، وكانت تعاني فرج الله من عدّة مشاكل صحية منها السكري وارتفاع ضغط الدم، وقد بدأ وضعها الصحي بالتدهور داخل السجن، حيث كانت تشتكي من إرهاق مستمر وضعف حاد، ولم تقوى على الوقوف أو الحركة، وكانت الأسيرات حينها يقمن بمساعدتها في تلبية حاجاتها، والذهاب إلى دورة المياه أو ساحة الفورة، وكانت تتنقل على كرسي متحرك بمساعدة إحدى الأسيرات.

 

 وتقول الأسيرات: "بتاريخ 26  حزيران الماضي تفاقم الوضع الصحي للأسيرة فرج الله، ولاحظنا انتفاخ في يدها اليسرى، فطلبنا من ضابط القسم نقلها للعيادة، وفعلاً نُقلت للعيادة ومن هناك تم تحويلها  إلى أحد مشافي الاحتلال، وبعد حوالي أربع ساعات أعادوها للقسم، وضابط القسم أخبر ممثلة الأسيرات بأنهم أجروا لها فحوصات أشعة للرأس واليد والقدم،  وفحوصات "سي تي" ، كذلك فحوصات لضغط الدم والسكري، لكن جميع الفحوصات -حسب أقوالهم- كانت سليمة ولم يجدوا أي شيء مخيف عندها ونفوا حصول جلطة دماغية، لذلك اعادوها للقسم دون أن تتلقى أي علاج، وبعد أن عادت سعدية من المستشفى ساءت حالتها الصحية وكانت تفقد توازنها طوال الوقت، ولم تكن حينها تستطيع تناول الطعام بنفسها ولا حتى شرب الماء".

تضيف الأسيرات: "في الثاني من تموز الماضي حوالي الساعة العاشرة صباحاً أرادت فرج الله دخول الحمام فطلبت من إحدى الأسيرات مساعدتها وعند خروجها وضعت يدها على صدرها، وسقطت أرضاً على وجهها، حينها ذهبت ممثلة القسم عند السجان، وطلبت منه أن يحضر ممرض العيادة للقسم، وعند وصوله حاول قياس النبض ثم أحضر نقالة ورفعها ونُقلت إلى عيادة السجن برفقة عدد من الأسيرات، وهناك قاس الممرض ضغطها وحاول الضغط على صدرها لانعاشها لكنها لم تستجيب، وبعدها قام أحد الضباط بطلب الإسعاف، وبقيت معها ممثلة الأسيرات مرح باكير، وبعد حوالي عشر دقائق وصلت سيارة الإسعاف، وأجروا لها عدة محاولات إنعاش استمرت حوالي نصف ساعة لكن دون فائدة، حينها أعلنوا خبر وفاتها".

 

أقسام "المعبار" في سجون ومعتقلات الاحتلال:

لا تتوقف إدارة سجون الاحتلال عن التنكيل بالأسرى، والمعتقلين بمختلف الطرق والإجراءات التعسفية، ويأتي ذلك بهدف التنغيص عليهم بمختلف تفاصيل حياتهم داخل المعتقل، وتضييق الخناق عليهم، ومن بين تلك الإجراءات التنكيلية المنفذة بحقهم، زجهم في أقسام مؤقتة خُصصت لاحتجاز الأسير لفترة معينة قبل أن يتم نقله إلى المحاكم أو لسجون أخرى أو لأحد مشافي الاحتلال، محطة انتظار يُقاسي فيها الأسير الأمرين، ولا يكاد يخلو سجن أو معتقل إسرائيليّ من ذلك القسم المؤقت أو ما تم الاصطلاح على تسميته بقسم "المعبار".

وفي الآونة الأخيرة تم رصد العديد من الشكاوى لأسرى ومعتقلين عانوا من أوضاع اعتقالية، وحياتية مأساوية داخل تلك الأقسام لا سيما قسم "المعبار" في سجن "الرملة"، ومن بينهم الأسير فهمي مشاهرة والذي جرى نقله خلال الفترة السابقة من معتقل "بئر السبع" إلى معتقل آخر لاخضاعه للاستجواب، وخلال نقله جرى زجه داخل "معبار" سجن "الرملة" لمدة 5 ساعات. 

وبحسب ما سرده الأسير مشاهرة بإفادته:" فإن قسم المعبار في "الرملة" عبارة عن قفص ضيق المساحة، ولا يتسع سوى لثمانية أشخاص،  لكن إدارة المعتقل تتعمد زج أكثر من 20 أسيراً في تلك المساحة المحدودة،  دون مراعاة للأسرى المرضى وكبار السن، مما يُجبر الأسرى على تقسيم أنفسهم لقسمين والتناوب بالوقوف والجلوس وفقاً للمساحة المتوفرة".

وأضاف "إن دورة المياه الموجود بذلك القسم قذرة للغاية، ولا يوجد مكان نظيف لتأدية الصلاة داخل قسم "المعبار" نتيجة للاكتظاظ والروائح الكريهة، مع العلم بأن هذا القسم مخصص لاحتجاز الأسرى الموقوفين والمحكومين على حد سواء".

من الجدير بالذكر أن الأسير مشاهرة من مدينة القدس المحتلة معتقل منذ عام 2002 ومحكوم بالسّجن لـ 20 مؤبداً.