يستنكر الائتلاف الفلسطيني لمناهضة التعذيب بأشد العبارات وأقساها ما يرتكبه الاحتلال الإسرائيلي من جريمة مستمرة بحق الأسير الفلسطيني سامر العربيد (44 عاماً)، والذي تعكس وقائع اعتقاله وحشية الاحتلال وهمجيته التي لا تراعي القوانين الإنسانية والدولية.
حيث جرى اعتقاله من أمام مكان عمله صباح يوم الأربعاء 25-9-2019، عندما كان برفقة زوجته، وتعرض للضرب بأسلحة القوات الخاصة التي قامت باعتقاله، ومنذ تلك اللحظة، حرمت قوات الاحتلال سامر العربيد من لقاء محاميه حتى تاريخ هذا البيان. في اليوم التالي للاعتقال، صرح سامر للقاضي العسكري بأنه يشعر بآلام في صدره، ولا يستطيع البلع ويستمر في التقيؤ، بالإضافة إلى وجود آثار للضرب خاصة على رقبته، وبالرغم من ذلك فإن سلطات الاحتلال تجاهلت شكواه ولم تنقله إلى المستشفى بشكل عاجل أو تقدم له العلاج الطبي اللازم والذي يشكل حق من حقوقه الأساسية بموجب المواثيق والاتفاقيات الدولية، بل استمرت قوات الاحتلال في تعذيبه. وهو ما يؤكد تواطؤ كل سلطة الاحتلال بما فيها القضاء الذي يشرعن تعذيب الأسرى الفلسطينيين، ففي تصريح صحفي لجهاز المخابرات الشاباك وزع على الصحافة العبرية، أقر الجهاز باستخدامه التعذيب في التحقيق مع سامر.
لاحقاً لذلك، وتحديداً السبت 28-9-2019، تلقى محامي مؤسسة الضمير والتي هي عضو في سكرتاريا الائتلاف، اتصالاً هاتفياً من أحد عناصر التحقيق في المسكوبية ليعلمه أن العربيد في حالة صحية سيئة فاقداً للوعي ويتنفس بصورة اصطناعية من خلال أجهزة التنفس وأنه تم نقله إلى مستشفى هداسا في جبل الزيتون، في حين تبين لاحقاً أن العربيد تم نقله إلى المستشفى قبل الاتصال بيوم واحد دون إعلام عائلته أو محاميه، وأنه وصل إلى المستشفى بحالة فقدان للوعي، وكسور في القفص الصدري، ورضوض وأثار ضرب في كافة أنحاء جسده وفشل كلوي شديد.
يذكر الائتلاف أن الممارسات العنيفة وغير المشروعة التي تمارس ضد المعتقل في غرف التحقيق تتعارض بشكل مباشر مع القانون الدولي، بما في ذلك المادة (2/1) من اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، التي وقعت عليها إسرائيل الدولة القائمة بالاحتلال في 3 تشرين الأول / أكتوبر 1991، والتي تقتضي من أي دولة طرف أن تمنع استخدام التعذيب والممارسات المرتبطة به. وبالرغم من أن هذا الحظر مطلق وغير قابل للانتقاص ولا يسمح "بظروف استثنائية مهما كانت"؛ فإن إسرائيل الدولة القائمة بالاحتلال تنتهك القانون في كل يوم وتتجاوز كافة المواثيق والمعاهدات الدولية وتستخدم مختلف أنواع التعذيب ضد الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين على مرأى ومسمع من كافة الجهات الدولية دون رقيب أو حسيب. ففي كثير من الأحيان يجرم المعتقل نفسه تحت الضغط والتعذيب الشديد بأساليب لا إنسانية، بالرغم من حقه الذي تنص عليه كل من المادة (14/3) (ز) من "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية" والمبدأ (21) من "مجموعة المبادئ" في عدم إجباره على تجريم نفسه. حيث يحظر استخدام الإكراه البدني أو النفسي الذي قد يستعمل في إرغام المتهمين على الإدلاء بشهادة ضد أنفسهم أو الإقرار بالذنب. ما يعني، عدم جواز الاستشهاد في المحاكمة بالأدلة القائمة على مثل ذلك الإجبار. وكذلك تنتهك بصراحة وتجاهر بعدم احترامها وتقيدها بما تطالب به قوانين حقوق الإنسان الوطنية والدولية من المعاملة الإنسانية للأسرى والمعتقلين وعدم المساس بكرامتهم وعدم تعريضهم للتعذيب سواء النفسي أو الجسدي، وخلاف ذلك يعد انتهاكاً جسيما للعديد من الاتفاقيات والمبادئ الدولية من أهمها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، مجموعة المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز والسجن لعام 1988.
يجب التنويه الى أن هناك أسرى آخرين في وضع مماثل لوضع الأسير العربيد ويمنعون من لقاء محاميهم منذ لحظة اعتقالهم وحتى اليوم، ولم يتسن لطاقم محامي الضمير عضو سكرتاريا الائتلاف اللقاء بهم، وهو ما يشكل هدراً تاماً لحقوق المعتقلين وضمانات المحاكمة العادلة ، وقد وثق جميعهم في محاضر جلسات تمديد التوقيف أنهم يتعرضون للتعذيب الجسدي العنيف، والتعذيب النفسي خاصة، من خلال اعتقال أفراد من عائلاتهم للضغط عليهم، وهو ما يشكل جريمة عقاب جماعي وفقاً للمادة (33) من اتفاقية جنيف الرابعة التي حظرت معاقبة أي شخص محمي عن مخالفة لم يقترفها هو شخصياً.

مطالب الائتلاف الفلسطيني لمناهضة التعذيب
1- فضح انتهاكات سلطات الاحتلال والمطالبة بالإفراج الفوري عن سامر العربيد للمباشرة في تقديم العلاج اللازم له والتذكير أن كل اعتراف يؤخذ تحت التعذيب يجب أن يكون باطلاً ولا يمكن لهذه الاعترافات أن تكون أساساً لمحاكمة جنائية، وعليه هذه المحاكم تعتبر غير عادلة وبالتالي هي اعتقال تعسفي وجريمة حرب.
2-
مطالبة سلطات الاحتلال بإجراء تحقيق فوري في ظروف تعذيب سامر العربيد ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات التي تعرض لها منذ اعتقاله.
3-
مطالبة الصليب الأحمر بتحمل مسؤولية القانونية فيما يتعلق بزيارة سامر والوقوف على حيثيات التعذيب .
4-
مطالبة الأمين العام للأمم المتحدة وكافة الهيئات واللجان في الأمم المتحدة باتخاذ قرارات تلزم دولة الاحتلال بإنهاء سياسة التعذيب والاعتقالات التعسفية ومساءلتها ومحاسبتها على هذه الجرائم، وتذكير المؤسسة الدولية أن صمتها يوحي للاحتلال بقبولها بهذه الممارسات وهو ما يسمح باستمرارها ويجعلهم مساهمين بالصمت.
5-
مطالبة الدول السامية، التحرك بشكل سريع لوقف هذه الجرائم لأن الصمت عن جرائم الحرب هو شراكة بالجرم، وعدم مساءلة دولة الاحتلال ومحاسبتها كما تقضي اتفاقية جنيف الرابعة هو إخفاق في تحمل المسؤولية.