يدين مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية اعتداءات المستوطنين الواسعة الممنهجة والمتواصلة بحق المواطنين الفلسطينيين العزل ومنازلهم ممتلكاتهم في قرى محافظات الضفة الغربية، خاصة محافظات رام الله والبيرة ونابلس وسلفيت، بحماية من قوات الاحتلال الإسرائيلي في مشهد يعيد للأذهان ما جرى في القرى الفلسطينية المهجرة في العامين 1948 و1967.

فيوم الأربعاء 21 حزيران الجاري اقتحم مئات المستوطنين، البعض منهم مسلحين، بلدة ترمسعيا شمال شرق رام الله، أضرموا النيران في عشرات المنازل والسيارات ووجهوا رصاصهم صوب المواطنين العُزل، ليقتحم جيش الاحتلال البلدة بأعداد كبيرة لحماية المستوطنين، وإطلاق النار على المواطنين المحتجين، ما أدى لاستشهاد الشاب عمر أبو القطين (27) عاماً أثناء تواجده في محيط منزله، واصابة 12 آخرين بجراح وذلك بحسب تصريحات وزارة الصحة، فيما أكد رئيس البلدية لافي أديب، أن اعتداءات المستوطنين أسفرت عن التسبب بأضرار جسيمة لحوالي 30 منزلا،  وحرق وتكسير عشرات المركبات، كما تواصلت اعتداءات المستوطنين الليلة الماضية لتطال عدة قرى وبلدات في مدن نابلس والخليل وسلفيت وأريحا والأغوار، وبحماية قوات الاحتلال ما أسفر عن إصابة 34 فلسطينيا.    

ويأتي انفلات المستوطنين المتورطين بهذه الأعمال الإجرامية الإرهابية، نتيجة للحماية والحصانة التي يحظون بها على مختلف المستويات السياسية والعسكرية والقضائية في دولة الاحتلال.

ويجدر الإشارة إلى الزيادة المأساوية في عدد الشهداء العام حيث بلغ عددهم منذ بداية عام 2023 وحتى يوم الأربعاء 176 شهيدًا في الضفة الغربية وقطاع غزة، بما في ذلك 30 طفلًا و6 سيدات. فيما يستمر التصعيد والتوتر في الفترة الأخيرة، وتحديدًا في الـ 48 ساعة الأخيرة من 19 إلى 21 يونيو، فقد استشهد 15 شهيدًا.

 

 

يحمل المجلس الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة والمباشرة عن ارهاب وعنف المستوطنين وجيش الاحتلال الممنهج بحق المواطنين المدنيين العزل واستهداف أرواحهم وممتلكاتهم، ما يجسد اسوأ اشكال العقاب الجماعي للسكان المدنيين. فهذه الاعتداءات ما هي إلا نتاج طبيعي  لسياسة التحريض المستمرة وتصريحات الوزراء المتطرفين في الحكومة الإسرائيلية العنصرية الحالية، خاصة المتطرفين سموتريتش وبن غفير، وتغذية خطاب الكراهية ضد الفلسطينيين والتشجيع على ارتكاب الجرائم بحقهم. الأمر الذي يُنذر بارتكاب المزيد منها دون وجود رادع مع الغياب التام للمحاسبة، وهو ما ينذر بالخطورة الشديدة لكونه إرهاب مكمل لعنف دولة الاحتلال.

ويلفت المجلس الانتباه الى استغلال حكومة الاحتلال التوسعية الفرصة لتصعيد جريمة الاستيطان والاعلان عن توسيع مستعمرات قائمة وإقامة بؤر جديدة والسماح للمستوطنين بالدخول الى بؤرة افياتار المقامة على جبل صبيح شرق بلدة بيتا الفلسطينية.

كما ويحمل المجلس (إسرائيل) القوة القائمة بالاحتلال، المسؤولية الكاملة وعن تدهور حالة حقوق الإنسان الفلسطيني، وتحذر من تدهور وتفاقم الأوضاع في الضفة الغربية بتصاعد عنف واعتداءات المستوطنين المتواصلة.

وبحسب توثيقات مجموعة الرقابة الفلسطينية، فقد ارتكب المستوطنون ما لا يقل عن 694 اعتداء خلال الشهور الخمسة الأولى من العام الحالي، تمثلت في الرشق بالحجارة، مهاجمة المنازل واقتحام البلدات الفلسطينية، اقتلاع أشجار، اعتداءات بالضرب على المواطنين، دهس أطفال ومهاجمة ممتلكات، حرق سيارات وإطلاق النار. وهو ما يتطلب التدخل العاجل لضمان حماية حياة المدنيين الفلسطينيين تحت الاحتلال، وملاحقة ومحاسبة المتورطين باقتراف مخالفات جسيمة للقانون الدولي الإنساني، وعليه يطالب بـ:

  • فتح تحقيق دولي عاجل في جرائم المستوطنين المتواصلة بحق الفلسطينيين ومحاكمتهم.
  • المجتمع الدولي بممارسة الضغط الجاد على إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، للإيفاء بالتزاماتها القانونية تجاه الأرض الفلسطينية المحتلة، ومسؤوليتها في توفير الحماية للسكان الفلسطينيين وفقا لاتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية المدنيين وقت الحرب للعام 1949، ووقف القتل اليومي وسياسة العقاب الجماعي بحقهم، ومحاسبة مقترفي الجرائم من عصابات المستوطنين.
  • الأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة الوفاء بالتزاماتها والتدخل العاجل والفوري لضمان حماية حياة المدنيين الفلسطينيين تحت الاحتلال، وملاحقة ومحاسبة المتهمين باقتراف مخالفات جسيمة للقانون الدولي الإنساني.
  • تحرك المجتمع الدولي الفوري لوقف ازدواجية المعايير في تطبيق أحكام القانون الدولي.
  • هيئات الأمم المتحدة الوقوف أمام واجباتها القانونية والأخلاقية، واتخاذ التدابير والإجراءات المتاحة لوضع حد لاعتداءات المستوطنين وقوات الاحتلال المتواصلة بحق المدنيين الفلسطينيين العزل وضمان حمايتهم.
  • تفعيل استخدام المجتمع الدولي لآليات الولاية القضائية الدولية باعتباره دول أطراف ثالثة، واتخاذ إجراءات ملموسه لتحقيق العدالة ووضع حد لإفلات قوات الاحتلال والمستوطنين من العقاب.
  • بدء المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية الفوري بالعمل الجاد بإجراءات التحقيقات في الملف الفلسطيني وفي جرائم المستوطنين وملاحقة ومحاكمة المتورطين في اقترافها.