أصدرت لجنة حقوق الإنسان في نقابة المحامين في إنجلترا وويلز (BHRC) تقريرها بشأن النظام القضائي العسكري الإسرائيلي في الضفة الغربية، مسلطة الضوء على مخاوف جسيمة تتعلق بامتثاله للقانون الدولي، وبناءً على جولة رقابية أجريت في أوائل عام 2023، كشف التقرير عن انتهاكات منهجية لاتفاقية جنيف الرابعة والقانون الدولي لحقوق الإنسان، مؤكدًا على الحاجة الملحة للمساءلة والإصلاح.
يكشف التقرير عن قضايا جوهرية في نظام المحاكم العسكرية، منها غياب الاستقلالية والنزاهة، والاستخدام الروتيني للاعتقال حتى انتهاء إجراءات المحاكمة دون وجود مبرر، بالإضافة إلى العوائق الكبيرة التي يواجهها الفلسطينيون في الحصول على تمثيل قانوني عادل أمام محاكم الاحتلال، كما يتم نقل المعتقلين بشكل غير قانوني إلى سجون ومعتقلات داخل دولة الاحتلال، ما يعد انتهاكًا واضحًا للقانون الدولي، علاوة على ذلك، فإن الاعتماد الكبير على صفقات الاعتراف بالذنب تحت الاكراه يُبرز عجز النظام القضائي عن تحقيق العدالة.
منذ إنشائها عام 1967، تعاملت المحاكم العسكرية الأسرائيلية مع أكثر من 800,000 فلسطيني، بما في ذلك عشرات الآلاف من الأطفال، بموجب قوانين عنصرية وقمعية، إذ يخضع الفلسطينيون لأنظمة وقوانين عسكرية، بينما يُحاكم المستوطنون الإسرائيليون في نفس المنطقة بموجب القانون المدني الإسرائيلي. كما يسلط التقرير الضوء على التصعيد الأخير في حملات الاعتقال الجماعية والاحتجاز الإداري بعد السابع من أكتوبر 2023، وسط تصاعد عنف المستوطنين.
وعلى مدار أكثر من 30 عامًا، عملت مؤسسة الضمير على توثيق الانتهاكات والجرائم الممنهجة التي يرتكبها النظام القضائي العسكري الإسرائيلي، حيث كانت مؤسسة الضمير وعلى مدار سنوات قد كشفت من خلال تقاريرها ودراساتها، إضافة إلى جهودها في المناصرة عن الاستخدام الواسع للاعتقال الإداري التعسفي، والتعذيب، وأشكال أخرى من المعاملة اللاإنسانية التي يواجهها المعتقلون الفلسطينيون في سجون الاحتلال، وسلطت مؤسسة الضمير الضوء على كيفية استخدام الاحتلال لهذه المحاكم لقمع أي عمل مناهض للاحتلال، وللابقاء على السيطرة على السكان القابعين تحت الاحتلال، إذ تتوافق نتائج تقرير لجنة BHRC مع توثيق مؤسسة الضمير على مدار كل تلك العقود.
ويسلط التقرير الضوء على العديد من القضايا الجوهرية المتعلقة بمعاملة المعتقلين الفلسطينيين في ظل المحاكم العسكرية التابعة للاحتلال الإسرائيلي، ومن أبرز هذه القضايا غياب الاستقلالية والنزاهة في النظام القضائي العسكري الإسرائيلي، حيث تعمل هذه المحاكم تحت سيطرة القوات العسكرية المحتلة، دون أي فصل فعلي بين السلطات أو استقلالية قضائية، مما يقوض عدالة المحاكمات وشرعيتها.
وفي انتهاك آخر أبزره التقرير، فقد أكد أن هناك استخدام روتيني للاعتقال حتى الانتهاء من إجراءات المحاكمة، إذ يتم تطبيق الاعتقال السابق للمحاكمة في معظم الحالات دون مبرر، مما ينتهك حقوق المتهمين بموجب القانون الدولي، وهذه الممارسة تضع المعتقلين الفلسطينيين في احتجاز طويل الأمد دون محاكمة عادلة، مما يزيد من تعقيد تحدياتهم القانونية.
كما تشكل العوائق أمام التمثيل القانوني للمعتقلين معضلة أخرى، حيث يواجه المعتقلون الفلسطينيون قيودًا في الوصول إلى المحامين، مع فرص محدودة للتشاور مع محاميهم بخصوصية، وهذه القيود تضعف قدرتهم على تقديم دفاع فعال وتؤثر على حقهم في محاكمة عادلة.
علاوة على ذلك، فإن العديد من المعتقلين الفلسطينيين، الذين لغتهم الأساسية هي العربية، لا يستطيعون المشاركة والتفاعل بشكل كامل في جلساتهم بسبب نقص خدمات الترجمة وممارسات المحكمة غير المناسبة، وهذا النقص في الترجمة المناسبة يعزل المتهمين بشكل أكبر ويقلل من عدالة محاكماتهم.
وأخيرًا، يعالج التقرير قضية نقل المعتقلين بشكل غير قانوني إلى داخل دولة الاحتلال، حيث يتم نقل الآلاف من الفلسطينيين إلى مراكز احتجاز داخل الدولة المحتلة، وهو ما يتعارض مع اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر مثل هذه الأفعال، وهذا لا ينتهك القانون الدولي فحسب، بل يتسبب أيضًا في صعوبات إضافية للمعتقلين، بما في ذلك الفصل عن عائلاتهم ومجتمعاتهم.
في تقرير مؤسسة الضمير لعام 2021، "في قضية الشعب الفلسطيني ضد المحاكم العسكرية"، تم التأكيد على أنه "أكثر من أي وقت مضى، حان الوقت للمجتمع الدولي للامتثال لمسؤولياته بموجب القانون الدولي والوفاء بالتزامه القانوني والأخلاقي في استعادة وحماية حقوق الإنسان الفلسطينية ضمن الإطار الأوسع لحق تقرير المصير، يجب على المجتمع الدولي إنهاء صمته المستمر ومحاسبة الاحتلال الإسرائيلي على الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني للحفاظ على السلام والعدالة الدوليين، من أجل الشعب الفلسطيني، بما في ذلك الأسرى السياسيين الفلسطينيين، في سعيهم للحرية والعدالة والكرامة."
ما زالت مؤسسة الضمير تطالب بذات المطالب أكثر من أي وقت مضى بعد ثلاث سنوات، وبعد أكثر من عام من الإبادة الجماعية المستمرة ضد شعبنا وحملات الاعتقال الجماعي التي ينفذها الاحتلال. نكرر مطالبنا ونضيف إليها المطالبة بالإفراج الفوري عن كافة الأسيرات والأسرى الفلسطينيين، والتفكيك الكامل للمحاكم العسكرية، ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم التي ترتكب بحق الفلسطينيين.