بلال وجيه محمد كايد

تاريخ الإضراب عن الطعام: 15/6/2016

السجن الحالي: مستشفى برزلاي

 

مرحلة الاعتقال والحياة داخل الأسر:

اعتقل بلال كايد شابا؛ فلم يتجاوز عمره التاسعة عشر آنذاك، لتبدأ رحلته التي استمرت مدة أربعة عشر عاما ونصف، قضاها متنقلاً بين مختلف سجون الاحتلال ومراكز التحقيق. تعرض في بداية اعتقاله لتحقيق في مركزي تحقيق الجلمة والمسكوبية، استمر قرابة ال75 يوما، واجه خلالها أساليب تحقيق قاسية، و حُكم عليه بالسجن الفعلي لمدة أربعة عشر عاما ونصف، وذلك بعد أن قدّمت ضده لائحة اتهام تتعلق بتهم مقاومة الاحتلال.

شكل السجن محطة هامة في حياة وتكوين شخصية بلال، وكان دافعاً له من أجل بناء ذاته من الناحية الثقافية والتعليمية بشكل مستمرّ. تعلم بلال خلال سني اعتقاله 4 لغات إضافة إلى لغته الأم، حيث أتقن اللغات العبرية والإنجليزية والفرنسية كتابة وقراءة، وفي سنوات اعتقاله الأخيرة بدأ بتعلم اللغة الألمانية. لم يقتصر تعليمه على ذاته، بل عمل على إعداد منهج تعليمي للغة الإنجليزية خاص بالأسرى. كما واظب بلال على قراءة مختلف الكتب والروايات، و اهتم بالكتب التي تتحدث عن التجارب العالمية التحررية بشكل خاص، وفي عام 2007 أنهى كتابة مؤلفين: الأول بعنوان "الأيدولوجيات الفكرية في فلسطين"، والثاني بعنوان "أوجه التحرر" ولكن لم يتم نشرهما بعد، إضافة إلى أنه يحب قراءة الشعر ويكتب الأشعار. وقد استطاع بلال أن يحقق هذه الإنجازات رغم كل التحديات والصعوبات التي فرضتها إدارة مصلحة السجون عليه، أهمها حرمانه من التعليم الجامعي كعقوبة له إثر مشاركته وخوضه مع زملائه الأسرى إضرابات مطلبية، كان آخرها إضراب عام 2012، والذي خاضته الحركة الأسيرة لمدة 23 يوماً مطالبة بإنهاء سياسة العزل بحق 19 أسيراً، حيث تعمد إدارة مصلحة السجون إلى استخدام المنع من التعليم كعقوبة، معتبرة استكمال التعليم داخل السجن امتيازا للأسير، وليس حقا من حقوقه. مع كل الصعوبات صمم بلال على الاستمرار في صقل ذاته وباقي رفاقه وزملائه الأسرى.

العزل:

 أصدر أمر عزل بحق بلال يوم 6.9.2015، تسعة أشهر قبل موعد إطلاق سراحه،  بادعاء أن الأسير بلال كايد يشكل خطرا أمنيا، وعلى إثره تم نقله إلى قسم العزل في سجن عسقلان. خلال هذه الفترة خاض بلال إضراباً مفتوحاً عن الطعام لأيام احتجاجاً على قرار عزله، وأوقف إضرابه بناءاً على طلب من الحركة الأسيرة التي كانت في ذلك الوقت تخوض خطوات ضد العزل والتضييقات التي تمارسها إدارة مصلحة السجون على الأسرى بشكل عام. خلال فترة عزله تنقل بلال بين أقسام العزل في سجني عسقلان وريمون، وعاش في ظروف تفتقر للحد الأدنى من الحياة الإنسانية، وبعد انتهاء أمر العزل تم تجديد الأمر لستة أشهر أخرى تنتهي في شهر أيلول من العام 2016، ثلاثة أشهر بعد موعد الإفراج عنه، ما يدل على النية المبيتة لدى أجهزة مخابرات الاحتلال باعتقال بلال إداريا رغم انتهاء مدة حكمه.

الاعتقال الإداري والإضراب عن الطعام:

 يوم  13/6/2016  نقل بلال من العزل في سجن ريمون إلى سجن عوفر، وهناك تم عرضه على المحكمة العسكرية ليفاجأ بإصدار أمر اعتقال إداري  بحقه لمدة 6 أشهر، بدلا من الإفراج عنه. وعلى إثر هذا الإجراء بدأ بلال إضرابا مفتوحا عن الطعام يوم 15.6.2016 احتجاجاً على تحويله للاعتقال الإداري ورفضاً له.

في 5/7/2016 أصدر القاضي العسكري "رون دلومي" قراره بتثبيت أمر الاعتقال الإداري لكامل المدة، قابلة للتجديد، ويفيد فيه أن أسباب العزل لا دخل لها بخلاف بين كايد وإدارة السجن، ويقول القاضي أيضا في قراره أن كايد خلال فترة سجنه كان من القياديين في تنظيم الجبهة الشعبيّة وله دور أساسي؛ حيث كان المتحدث باسمهم من قبل التنظيم في سجن مجيدو، ويضيف أن سبب الاعتقال الإداري هو فعاليات كايد ونشاطاته، التي بدورها لها تأثيرها في السجن وفي مكان سكنه (عصيرة الشمالية)، وأن المواد السريّة الموجهة ضد كايد هي مواد أمنية جديدة، وتظهر خطورة مستقبليّة واضحة من قبله، وبالتالي فان مدة الأمر الإداري المطلوبة منطقيّة ومناسبة وفقا لهذه المواد،  ويدعي القاضي أنه لا  بديل آخر يمكنه أن يحصر خطورة كايد إلا من خلال اعتقاله إدارياً.

تستخدم سلطات الاحتلال سياسة الاعتقال الإداري بطريقة ممنهجة وواسعة النطاق، مما يشكل انتهاكا للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان. حيث أنه وفقا للقانون الدولي يمكن استخدام الاعتقال الإداري في حالات الطوارئ فقط، ويشترط على السلطات إتّباع القوانين الأساسية للاعتقال بما في ذلك المحاكمة العادلة التي تمكن المعتقل من الطعن في أسباب احتجازه. لقد تم انتهاك الحد الأدنى من معايير المحاكمة العادلة بشكل فادح في حالة المعتقل بلال كايد، ولم تترك له سلطات الاحتلال أي وسيلة قانونية مشروعة للدفاع عن نفسه. وتُعتبر ممارسة سلطات الاحتلال لسياسة الاعتقال الإداري إجراء تعسفيا ممنهجاً مخالفا للقانون الدولي. وقد لاقى استخدام الاعتقال الإداري إدانة واسعة النطاق من المنظمات المحلية والدولية وذلك كونه انتهاكا جسيما لحقوق الإنسان الأساسية.

 قدمت مؤسسة الضمير استئنافا على قرار التثبيت، وأصدر القاضي العسكري  قراره يوم 27.7.2016، على الرغم من أن الجلسة عقدت يوم 14.7.2016. وحاول فيه أن يضفي صبغة قانونية شرعية على سياسة التعذيب النفسي بحق بلال؛ ففي قراره يؤكد القاضي أن إصدار أمر الإداري في الوقت الذي كان المعتقل ينتظر الإفراج عنه تشكل ضربة قوية للمعتقل ولحقوقه، من جهة يدرك القاضي شدة المعاناة النفسية التي تسبب بها هذا الأمر لبلال، ولكن من جهة أخرى يأبى أن يعترف أن هذا الأمر هو تعذيب نفسي، وهو جريمة حرب في سياق الاحتلال طويل الأمد، ويجب أن يمنع بصورة مطلقة ولا شيء يمكن أن يبرر ممارسة التعذيب.

بينما يدعي القاضي العسكري أن المواد السرية التي قدمت له تؤكد على خطورة بلال في حال أطلق سراحه، إلا أنه يقر أن هذه المواد تشير إلى أفعال بلال قبل اعتقاله، ونواياه بعد أن يتم تحريره. وهذا ما يؤكد على تعسف قرار القائد العسكري بإصدار أمرر اعتقال إداري بحق بلال بعد أن قضى كامل مدة حكمه على الأفعال التي كان قد قام بها قبل احتجازه، والآن يحاسبه على نواياه وكلا الأمرين مخالفة في معايير القوانين الجنائية في العالم؛ إذ لا يمكن معاقبة الشخص على ذات الفعل مرتين ولا يمكن محاكمة شخص على نواياه!

قرار محكمة الاستئناف في قضية بلال، يكشف وبشكل صارخ كيف تقوم المحاكم العسكرية بتوفير المسببات القانونية للقرارات السياسية التعسفية لجهاز مخابرات الاحتلال والقائد العسكري للأرض الفلسطينية المحتلة، وكيف تحاول إضفاء الصبغة القانونية على إجراءات اعتقالات تعسفية تشكل مخالفة جسيمة لاتفاقية جنيف الرابعة.

الوضع الصحي:

يرقد المعتقل بلال كايد في مستشفى برزلاي في عسقلان، في ظروف تفتقر للحد الأدنى من الإنسانية، فهو مكبل بالسرير بيده اليمنى ورجله اليسرى طوال الوقت، رغم جسده الهزيل وعدم قدرته على الحركة، ويعاني من إعياء شديد وأوجاع بكافة أنحاء جسده، كما يشعر بالبرد والقشعريرة طول الوقت ويضع أكثر من غطاء على جسمه ورأسه ليشعر بالدفء، إضافة إلى أنه لا يستطيع النوم بسبب الأوجاع ومضايقات السجانين المستمرة. وهو يتناول لتر ماء مع كمية من ملح الطعام، ويرفض أخذ المدعمات، كما يرفض إجراء فحوصات دم مما يحول دون تحديد مدى خطورة وضعه الصحي. وهو مستمر بإضرابه حتى تحقيق الحرية.

العائلة:

 بلال هو الشقيق الأصغر في العائلة، لديه 3 أشقاء وشقيقتين: محمد الأكبر  مقيم في السعودية، أحمد  توفي قبل اعتقال بلال بأشهر، ومحمود الذي يعمل مدرسا وينهي تعليمه الجامعي بدرجة دكتوراه تخصص تربية رياضية، إضافة إلى نجوى، وسهى التي عادت مؤخرا من ألمانيا  خصيصا لاستقبال بلال عند تحرره. يقول شقيق بلال "محمود" أنهم كعائلة كانوا في انتظار فرحة تحرر بلال بفارغ الصبر فبعد وفاة والدهم العام الماضي لم يعد البيت يشهد أفراحاً وكانوا ينتظرون تحرر بلال ليعم الفرح بيتهم من جديد، حيث بدأت والدة بلال بتحضيرات استقباله منذ أشهر وهي تزغرد وترقص فرحاً للقاء ابنها. 

Last Update