في الوقت الذي يواصل فيه أكثر من 120 معتقلاً إدارياً إضرابهم عن الطعام ضد سياسة الاعتقال الإداري منذ تاريخ 24 نيسان / أبريل 2014، صادقت اللجنة الوزارية الإسرائيلية لشؤون التشريع أمس الأحد 18 آيار2014، على مشروع قانون قدمته وزارة الأمن الداخلي الإسرائيلي في العام 2012 ودعمته وزارة العدل ووزيرة الصحة الإسرائيلية، يجيز لسلطات السجون، بعد استصدار أمر قضائي بالإطعام القسري للأسرى والمعتقلين المضربين عن الطعام وتقديم العلاج الطبي لهم قسرا في حال تعرضت حياتهم للخطر.

 وذكرت صحيفة "هآرتس" في عددها الصادر هذا اليوم، أنّ نصوص القانون الجديد تمكن سلطات الاحتلال من تغذية المضربين عن الطعام قسراً وتقديم العلاج الطبي لهم رغماً عنهم، في شروط محددة، وفي مقدّمتها موافقة رئيس المحكمة أو نائبه، مع اتاحة التمثيل القضائي للأسير ومحاميه أمام المحكمة لعرض موقفه.

ترى مؤسسة الضمير أن إقرار هذا القانون بحجة حماية حياة المضربين عن الطعام، ما هو إلا استمرار لسياسة التضليل والخداع التي تمارسها دولة الاحتلال، وهي محاولة فاشلة تكشفها حقيقة دأبها على استخدام أبشع أساليب القتل والتعذيب بحق الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين ويعد بمثابة تصريح لقوات مصلحة السجون الإسرائيلية وطاقمها الطبي بقتل المزيد من المعتقلين الفلسطينيين وخاصة المعتقلين الإداريين المضربين عن الطعام منذ 26 يوماً متواصلة.

وتعتبر الضمير أن هذا القرار يشكل محاولة من قبل حكومة الاحتلال لتوفير غطاء قانوني لجرائم قوات مصلحة السجون الإسرائيلية وتعد تحدياً سافراً للأعراف والمواثيق الدولية التي حرمت التغذية القسرية وأكدت على ضرورة احترام سلطات السجون لحرية وكرامة المعتقلين. فلقد أكدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر معارضتها الإطعام القسري وشددت على ضرورة احترام خيارات المحتجزين والحفاظ على كرامتهم الإنسانية. ويتفق موقف اللجنة الدولية مع موقف الرابطة الطبية العالمية والمعلن عنه في إعلاني مالطا وطوكيو المنقحين في سنة 2006.

 حيث نص إعلان مالطا الذي تبنته الرابطة الطبية العالمية أن " كل قرار تم بشكل غير إرادي وتحت التهديد والإلزام هو عديم القيمة الأخلاقية، حيث لا يصح إلزام المضربين عن الطعام بتلقي علاج يرفضونه. واعتبار الإطعام الإجباري لمن يرفض ذلك بأنه عمل غير مبرر. ويجب على الأطباء حماية المضربين عن الطعام من أي إجبار. وإن الإطعام الذي يصاحبه التهديد او الإلزام او استعمال التكبيل يعتبر شكل من أشكال التعامل المذل واللاإنساني، حتى ولو كان الهدف منه منفعة المضرب عن الطعام، ويرفض الإطعام القسري لبعض المحتجزين بهدف تخويفهم وإجبارهم على إيقاف الإضراب عن الطعام".

 فمنذ العام 1967 قتل منهم أكثر من 205 أسيراً ، 74 منهم قضوا نتيجة القتل العمد، 71 استشهدوا تحت التعذيب أثناء التحقيق، و54 نتيجة الإهمال الطبي المتعمد وبمشاركة الجهات الطبية التابعة لمصلحة السجون الإسرائيلية كما وقع عندما لجأت مصلحة السجون الإسرائيلية للتغذية القسرية "الزوندا " بحق الأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام في سنوات السبعينات والثمانيات والتي أفضت إلى وفاة 3 أسرى: وهم الشهيد عبد القادر أبو الفحم الذي استشهد أثناء الإضراب عن الطعام في سجن عسقلان في تاريخ 11 أيار من العام 1970، والأسير راسم حلاوة الذي استشهد في تاريخ 20 تموز 1980، والأسير علي الجعفري الذي استشهد في تاريخ 24 تموز من العام 1980 أثناء الإضراب عن الطعام في سجن نفحة. 

وتؤكد الضمير أن هذا القانون لا يسعى إلى حفظ حياة الأسرى والمعتقلين الذين يمارسوا حقهم في الإضراب عن الطعام بل هو بمثابة تصريح لقوات مصلحة السجون الإسرائيلية بقتل المزيد من الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين الذين يلجؤون للإضراب عن الطعام بشكل متواصل من العام 2011، في مسعى لنيل حقوقهم المشروعة والمكرسة في اتفاقيات القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان الخاصة بمعاملة وحقوق المحرومين من حريتهم وفي مقدمتها الاعتراف بمكانتهم كأسرى حرب ومناضلين من أجل الحرية وسائر حقوقهم الصحية والغذائية والتعليمية، وحقهم في التمتع بضمانات المحاكمة العادلة، حقهم في الزيارات العائلية واحترام كرامتهم الإنسانية .

ويأتي هذا القرار ليستكمل سلسلة قوانين وقرارات قضائية ولوائح داخلية صادرة عن مصلحة السجون الإسرائيلية تعكس عنصرية وهمجية الاحتلال التي تتطلع إلى كسر إرادة الأسرى والمعتقلين وحرمانهم من أبسط حقوقهم المكفولة بموجب القانون الدولي الإنساني الخاصة بحماية المدنيين في أوقات النزاع المسلح والاحتلال.

فلقد أصدرت المحكمة العليا الإسرائيلية قبل سنوات قراراً قضائياً يسمح بموجبه لقوات مصلحة السجون الإسرائيلية بسحب الملح من المضربين عن الطعام طوال 14 يوماً الأولى من بدئهم الإضراب عن الطعام. كما تعمد قوات مصلحة السجون الإسرائيلية معاملة الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين المضربين عن الطعام بموجب الأمر بتعليمات رقم (00/16/04) الخاص بالإضراب عن الطعام الذي يجيز لوحداتها الخاصة مداهمة غرفهم وحرمانهم من أبسط حقوقهم واحتياجاتهم، والاعتداء عليهم بالضرب في كثير من الأحيان، وعزلهم في زنازين انفرادية ، إضافة إلى منعهم من الزيارات العائلية؛ ولقاءات المحامين بما يحقق عزلهم التام عن العالم الخارجي.

 

 

مؤسسة الضمير تطالب

-        اللجنة الدولية للصليب الأحمر وكافة منظمات الأمم المتحدة ولجانها الحقوقية والمؤسسات الحقوقية الدولية لممارسة دورها لمنع إقرار هذا القانون الخطير، وفضح انعكاساته الخطيرة على صحة الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين مع التأكيد على حقهم في الإضراب عن الطعام كوسيلة قانونية لضمان تمتعهم بحقوقهم المكفولة بموجب القواعد الآمرة للقانون الدولي الإنساني.

-        الأمم المتحدة و لجانها الحقوقية بضرورة التدخل لإنقاذ حياة المضربين عن الطعام والضغط على دولة الاحتلال لاحترام التزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.

-        منظمة الصحة العالمية بفتح تحقيق فوري لممارسات وانتهاكات أطباء مصلحة السجون الإسرائيلية واشتراكهم في معاقبة وإيذاء المضربين عن الطعام.

 كما وتطالب الضمير

-        منظمة التحرير الفلسطينية ممارسة حقها كدولة عضو في اتفاقيات جنيف والمسارعة إلى مطالبة الأطراف السامية المتعاقدة في اتفاقيات جنيف الأربع وبموجب التزامها الوارد في نص المادة الأولى من الاتفاقيات الاربع

 ( تتعهد الأطراف السامية المتعاقدة بـأن تحترم هذه الاتفاقية وتكفل احترامها في جميع الأحوال) للاجتماع الفوري للنظر في انتهاك قوات الاحتلال لالتزاماتها كقوة احتلال التي نصت عليها اتفاقيات جنيف الأربع.