منذ سبعة وعشرون عاماً، عملت مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الانسان على توثيق الانتهاكات المتعلقة بمعاملة الأسرى والأسيرات الفلسطينيين في السجون ومراكز التحقيق التابعة للاحتلال الاسرائيلي، وعلى جميع الأصعدة. وتأتي هذه الدراسة كجزأ لا يتجزأ من جهود المؤسسة المتواصلة برصد وفضح الانتهاكات الممارسة من قبل جهاز الأمن العام للاحتلال "الشاباك"خلال التحقيق مع المعتقلين الفلسطينيين في احدى أشهر مراكز التحقيق لدى الاحتلال المعروف بالمجمع الروسي "المسكوبية".
تهدف هذه الدراسة بتسليط الضوء على التعذيب والمعاملة اللانسانية والانتهاكات الممارسة في المسكوبية باطار واقعي، قانوني وشمولي. ابتداءً من اللحظات الأولى للاعتقال، حتى الوصول الى مركز التحقيق والاجراءات المتبعة قبل البدء بالتحقيق. مع التركيز على الجزئية المتعلقة بالتحقيق، بتفصيل الأساليب المستخدمة من محققي "الشاباك"، حيث أظهرت الدراسة وجود أنماط ممنهجة للتعذيب والمعاملة اللانسانية خلال التحقيق، وبعض الأساليب العشوائية الممارسة بصورة لا ممنهجة.
وسوء المعاملة الممارس في المسكوبية لا يمارس فقط في غرف التحقيق، انما هي منظومة متكاملة تعمل على خلق أجواء للترهيب واضعاف نفسية المعتقل، بعزل المعتقل، واسماعه أصوات تعذيب من زنازين مجاورة بالاضافة الى ظروف الزنازين التي تفتقر الى الحد الأدنى من مقومات المعيشة الانسانية.
وتبين الدراسة بشكل جلي، تطويع المؤسسات الاحتلالية من قضاة، وسجانين، ومشرعين لخدمة جهاز "الشاباك" بتجريم المعتقلين الفلسطينيين وشرعنة تعذيب وغض الطرف عن الشكاوى المقدمة بموضوع التعذيب، فبحسب التقرير الشامل لمنظمة العفو الدولية عن وضع حقوق الانسان في الأعوام 2016/2017 فانه الرغم من أن شكاوى التعذيب باتت تنظر من وزارة العدل منذ العام 2014 الا أنه لم يلحظ أي تغيير جذري في التعامل مع حالات التعذيب الممارسة على يدي محققين الشاباك، فمنذ العام 2001 تم تقديم أكثر من ألف شكوى التعذيب ضد المعتقلين الفلسطينيين بجميع فئاتهم بما يشمل الأطفال والنساء الا أن أي من هذه الشكاوى لم يحققوا بها ولم يتم محاسبة أي من الذين مارسوا التعذيب من المحققين.