اعتقلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي خلال شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2022، (690) فلسطينيًا/ة من الأرض الفلسطينية المحتلّة، من بينهم (119) طفلاً، و(30) من النساء، وشكّلت حالات الاعتقال في القدس النسبة الأعلى كما في كل شهر، تليها الخليل، ورام الله، ونابلس، وبيت لحم.
وتُشير مؤسسات الأسرى وحقوق الإنسان؛ (هيئة شؤون الأسرى والمحررين، نادي الأسير الفلسطيني، مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، ومركز معلومات وادي حلوة- القدس)، إلى أنّ عدد الأسرى، والمعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال بلغ نحو (4760) أسيراً، وذلك حتّى نهاية شهر تشرين الأول/أكتوبر 2022، من بينهم (33) أسيرة، ونحو (160) قاصرًا، و(820) معتقلًا إداريًّا من بينهم ثلاث أسيرات، وأربع أطفال.
وكانت أعلى نسبة اعتقالات خلال تشرين الأول/أكتوبر في القدس، بلغت (343) حالة، تليها الخليل بـ(114) حالة، ورام الله بـ(60) حالة، فيما بلغ عدد أوامر الاعتقال الإداريّ الصّادرة خلال الشّهر؛ (219) أمراً، منها (84) أمراً جديداً، و(135) أمر تجديد.
وتؤكّد المؤسسات أن شهر أكتوبر/ تشرين الأول، من بين الأشهر التي شهد تصاعد في عمليات الاعتقال، رافق ذلك كثافة عالية من الجرائم والانتهاكات التي نفّذتها قوات الاحتلال بحقّ المعتقلين وعائلاتهم، عدا عن استمرار الاعدامات الميدانية، وحجم الدمار الذي خلفته قوات الاحتلال داخل منازل المعتقلين وعائلاتهم.
كذلك جرى استهداف لمجموعة من الجرحى، الذين أصيبوا خلال عمليات الاقتحام أو خلال المواجهات، من بينهم أطفال، وجزء كبير منهم بحاجة إلى متابعة صحيّة حثيثة.
وفيما يلي مجموعة من القضايا التي نسلط الضوء عليها إلى جانب واقع المعتقلين المحتجزين في سجون الاحتلال، وأبرز السّياسات والإجراءات التّنكيلية التي نفّذها الاحتلال بحقّهم خلال شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2022.
مئات الاعتقالات في القدس التي شهدت مواجهة عالية.
صعّدت قوات الاحتلال الإسرائيليّ، من حملات الاعتقالات في القدس وبلداتها، خلال شهر تشرين الأول، ورصدت المؤسسات (343) حالة اعتقال، من بينها 12 طفلًا أقل من 12 عامًا، و80 قاصراً، و24 من النساء، بينهن فتاة قاصر.
ومن أبرز المعطيات التي تابعتها المؤسسات، هو تضاعف حالات الاعتقال بعد الأسبوع الأول من شهر الشهر، فمنذ 8 تشرين الأول، وحتّى 18 تشرين الأول، سجلت 209 حالات اعتقال، 49 حالة اعتقال نُفّذت في مخيم شعفاط وبلدة عناتا، و116 اعتقال من المسجد الأقصى، وأبوابه، وشوارع القدس، و36 من العيسوية، و34 من بلدة سلوان، و20 اعتقالًا من بلدات: جبل المكبر، ام طوبا، وصور باهر، إضافة إلى اعتقالات متفرقة جرت في بلدات وأحياء أخرى في القدس.
كما اعتقلت قوات الاحتلال خلال تشرين الأول حوالي 15 فتىً من بلدة بيت حنينا، تتراوح أعمارهم بين 14- 15 عامًا، وتعرضوا خلال الاعتقال، والنقل إلى مراكز التّحقيق، وداخل غرف التّحقيق، للضرب والتّهديد المتواصل، وبعد تحقيقات قاسية تعرض لها الفتية، قُدمت لسبعة منهم "لوائح اتهام" تضمنت "القيام بأعمال شغب، إلحاق الأضرار بمركبات للمستوطنين".
كما وحوّلت سلطات الاحتلال خلال شهر تشرين الأول الماضي، ثلاثة مقدسيين للاعتقال الإداريّ.
الاحتلال يصعّد من عمليات اعتقال الأطفال
تستمر سلطات الاحتلال في انتهاكاتها ضد الأطفال الفلسطينيين المتمثلة في اعتقالهم، والتّنكيل بهم أثناء عملية الاعتقال وخلال فترة التّحقيق، دون أدنى احترام للحماية الواجبة للطفل وحقوقه، وخلال شهر تشرين الأول/ أكتوبر شهد تصعيد واضح واستهداف للأطفال بحيث كان ثاني أعلى نسبة منذ بداية العام بعد شهر نيسان، وبلغ عدد الأطفال والقاصرين الذين تعرضوا للاعتقال (119)، رافق عمليات اعتقالهم انتهاكات جسيمة بحقّهم، ويواصل الاحتلال اعتقال نحو160 طفلًا في سجونه موزعين على سجون (عوفر والدامون ومجدو).
ومن الحالات التي رصدتها المؤسسات خلال شهر تشرين الأول حالة الطفل شادي سهيل خوري (16 عاماً) من القدس، حيث اعتقله الاحتلال من منزله فجرًا بتاريخ 18/10/2022، وبحسب شهادة والدة شادي: " فإن قوة من جيش الاحتلال باعداد كبيرة اقتحمت منزلنا الساعة الخامسة فجرًا، ثم سألوا عن ابني شادي لاعتقاله، طلب شادي تبديل ملابسه، وحصلت مشادة كلامية بينهم، وإذ بهم جميعهم يقومون بالهجوم على شادي، وتم دفعه أرضاً بشكل عنيف، وكان جزء منهم ذو بنية كبيرة، وبدأوا بضربه على وجهه، ورأسه وكان شادي يصرخ، وبدأنا نشاهد الدماء تسيل من رأس شادي، وقتها تدخلنا من أجل أن يتوفقوا ولكنهم هددو زوجي سهيل، وابني يوسف بمسدس الكهرباء، ثم قاموا بحمله وسحبه من رقبته، حيث كان شخص منهم كبير البنية الجسدية هو الذي يشده من رقبته، وكانت الدماء تسيل على أرضية البيت، وقاموا بإخراج شادي حافي القدمين وفي ملابس النوم".
الاعتقال الإداري.. سياسة الاحتلال الثابتة للانتقام من الفلسطينيين:
تنتهج دولة الاحتلال سياسة الاعتقال الإداري كسياسة ثابتة، وممنهجة ضد الفلسطينيين منذ عشرات السنوات، وفي الآونة الأخيرة صعّدت سلطات الاحتلال من سياسة الاعتقال الإداري بشكل كبير وملحوظ، حيث شنّ جيش الاحتلال حملة اعتقالات واسعة، طالت عدد كبير من الأسرى السابقين، ومعظمهم تم تحويلهم إلى الاعتقال الإداريّ، وبلغ عدد أوامر الاعتقال الإداريّ خلال شهر تشرين الأول 219 أمرًا، ونتيجة لاستمرار هذه الجرمية، نفّذ المعتقلون خطوات نضالية، وكانت بمثابة صرخة في وجه هذه الجريمة المستمرة بحقّهم، وكرسالة للعالم للمطالبة بوقفها، حيث يبلغ عدد المعتقلين الإداريين اليوم أكثر من (820) معتقلًا إداريًا، من بينهم أربعة أطفال، وثلاث أسيرات.
ففي تاريخ الـ25 من أيلول/ سبتمبر 2022، نفّذ 30 معتقلًا إدارياً في سجون الاحتلال إضرابًا مفتوحًا عن الطعام، تحت شعار إضرابنا حرّيّة، لينضم إليهم 20 معتقلاً من بينهم معتقلون إداريون، بالإضافة إلى أسرى موقوفين، ومحكومين لسنوات، بالتزامن مع الإضراب قاطع المعتقلون الإداريون كافة درجات المحاكم العسكرية المختصة بالاعتقال الإداري، كخطوة استراتيجية هامة يسعون من خلالها إلى ترسيخ هذه الخطوة كأساس لمواجهة جريمة الاعتقال الإداريّ، واستمر الإضراب المفتوح عن الطعام 19 يومًا.
وفي السياق، تتعمد أجهزة الاحتلال التنصل من الاتفاقات التي تمت مع المعتقلين الإداريين الذين خاضوا إضرابات عن الطعام، أو توجيه تهم لهم للالتفاف عليها، ونذكر هنا قضية المعتقلين خليل عواودة، ورائد ريان، ومؤخرًا قضية المعتقل عدال موسى، حيث خاض ثلاثتهم إضرابات وكان أطولها إضراب المعتقل عواودة الذي استمر لمدة 172 يومًا، وتعمد الاحتلال توجيه تهمة جديدة له للاستمرار باعتقاله، والتنصل من الاتفاق الذي تم.
ونذكّر مجددًا بأبرز معطيات حول جريمة الاعتقال الإداريّ
• ومنذ بداية العام الجاري 2022 أصدرت (1829) أمر اعتقال إداريّ، وكانت أعلى نسبة في أوامر الاعتقال الإداريّ قد صدرت في شهر آب/ أغسطس الماضي، وبلغت 272.
• تجاوز عدد المعتقلين الإداريين اليوم 820 معتقلاً بينهم أربعة قاصرين وثلاث أسيرات، ويقبع أكبر عدد منهم في سجني (النقب، وعوفر).
• منذ أواخر عام 2011، حتى نهاية العام الجاريّ، نفّذّ الأسرى والمعتقلين ما يزيد عن 400 إضراب فرديّ، كان جلّها ضد الاعتقال الإداريّ.
• ما يزيد عن 80 % من المعتقلين الإداريين هم معتقلون سابقون تعرضوا للاعتقال الإداريّ مرات عديدة، من بينهم كبار في السن، ومرضى، وأطفال.
معاناة الأسرى والمعتقلين في فصل الشتاء:
مع بدء فصل الشتاء تزداد معاناة الأسرى الفلسطينيين، خاصّة أنّ إدارة السّجون تتعمد عدم توفير الاحتياجات الأساسية للأسرى، منها الأغطية والملابس الشتوية، وما فاقم من معاناتهم هذا العام، تصاعد عمليات الاعتقال، والاكتظاظ الحاصل داخل مراكز التوقيف و"المعابر"، إلى جانب ذلك فإن الأسرى يواجهون ظروفًا معيشية صعبة جدًا من خلال بنية السّجون، واحتجازهم في غرف ضيقة تعج بالرطوبة، والبرودة الشديدة.
كما وتمنع إدارة السّجون إدخال الأغطية، والملابس الشتوية من قبل عائلات الأسرى، وإن سمحت فإنها تسمح بدخول عدد ضئيل وغير كاف، وفي بعض السجون تمنع شرائها من "الكانتينا" على حسابهم الشخصي، وأحياناً تسمح ببيعها في معتقلات أخرى بأسعار مضاعفة، وذلك في إطار سياسة الاستغلال الاقتصادي القائمة داخل السّجون.
وتتضاعف المعاناة في بعض السجون، لا سيما السّجون المقامة جنوب فلسطين المحتلة، منها سجون (النقب، وريمون، ونفحة) بشكل أساس، التي تقع في الصحراء، فهناك المئات من الشهادات للأسرى ولأسرى سابقين عانوا قسوة الشتاء في هذه السجون، الأمر الذي ساهم مع مرور السنوات، بالتسبب للأسرى بأمراض ومنها أمراض مزمنة، فعلى سبيل المثال غالبية الأسرى في سجن "عسقلان" أصبحوا يعانوا من أمراض صدرية نتيجة الرطوبة العالية في السّجن، علمًا أنّ هذا السّجن يقبع فيه مجموعة من الأسرى الذين يعانون أمراضًا مزمنة.
الأسرى المقعدون وتصاعد أعداد الجرحى في السّجون
يعتقل الاحتلال داخل سجونه ومعتقلاته عشرات الأسرى والمعتقلين المصابين الذين يعانون من إعاقات جسدية مختلفة جرّاء إصابات تعرضوا برصاص الاحتلال، ومنذ مطلع العام الجاري ومع تصاعد المواجهة، ارتفع أعداد الجرحى في السجون حيث تعرض أكثر من 35 معتقلًا لإصابات برصاص الاحتلال خلال عملية اعتقالهم، ونتج عن بعضها إصابات بليغة.
ففي سجن "الرملة" الذي يقبع فيه أبرز الحالات المرضية، تحتجز إدارة السّجون 6 أسرى مقعدين، يواجهون أوضاعاً صحية، واعتقالية قاسية، فمعاناتهم مضاعفة، فهم يواجهون عنف السّجان وتحديات الإعاقة في آن واحد، دون مغيث لهم، ويعتمدون على كراسٍ متحركة للتنقل، والحركة، التي أُجبروا على استخدامها نتاجاً لما تعرضوا له من إصابات جسيمة خلال عمليات اعتقالهم، وما تبعها بعد ذلك من العذاب، والتنكيل، والإهمال الطبي، والعزل الإنفراديّ، الأمر الذي أدى إلى تفاقم أوضاعهم الصحيّة، ووصولها لمرحلة معقدة.
ويعيش الأسرى الستة (ناهض الأقرع، منصور موقدة، محمد براش، خالد الشاويش، أيمن الكرد، علي حسان) مقيدين بكراسيهم المتحركة، وتتعمد إدارة السجون زجهم بأوضاع حياتية، ومعيشية غاية في القسوة كحال غيرهم من المعتقلين.
كما تحرمهم من أبسط حقوقهم بتلقي العلاج اللازم لهم، ومتابعة أوضاعهم الصحية، فلا تتوقف عن المماطلة بتحويلهم لإجراء ما يحتاجونه من عمليات جراحية، أو جلسات علاج طبيعيّ، أو حتى تزويدهم بالأجهزة الطبيّة اللازمة لهم كالأطراف الصناعية، والأجهزة المساعدة على المشي، والفرشات الطبية وغيرها، وتكتفي فقط بتزويدهم بجرعات قوية من الأدوية المسكنة التي أدمنوا على تناولها لتجاوز حدة الآلام.
وينبغي الإشارة بأن غالبية الأسرى المصابين بإعاقات جسدية صدر بحقّهم أحكام عالية، أو مؤبدات كحال الأسرى الستة المقعدين، وهذا يُدلل بأن سلطات الاحتلال تعمد الانتقام من الأسرى بشتى الطرق، والأساليب فلا تكتف فقط بإيذائهم جسدياً، وإصابتهم بإصابات جسيمة، بل تُقدم أيضاً على التلذذ بتعذيبهم لسنوات طويلة عبر إصدار أحكام عالية بحقهم، وبالتالي إبقائهم خلف القضبان واستفحال أمراضهم.
وخلال السنوات الأخيرة ازداد أعداد الأسرى والمعتقلين ذوي الإعاقة الجسدية، فمن خلال متابعة الأحداث و حصيلة الاعتقالات اليومية التي تُنفذها قوات الاحتلال بحق الفلسطينيين، اتضح بأن الاحتلال يستهدف المواطنين الفلسطينيين ويتعمد إصابتهم بالرصاص بمكان معين بالجسد لا سيما أطرافهم السفلية، مما يؤدي إلى إصابتهم بشلل نصفي وتركهم مقعدين، أو إصابتهم بإصابات بليغة تودي بحياتهم.