عاشت الأراضي الفلسطينيّة خلال هذا العام، أوضاعاً صعبة تتّسم بتصاعد الهجمات والانتهاكات التي يشنّها الاحتلال الإسرائيليّ على الفلسطينيّين في جميع أنحاء الوطن. بدأت هذه الهجمات بتصاعد العنف والقمع من قبل قوّات الاحتلال، الذين اتّبعوا سياسات قمعيّة وتنكيليّة خلال عمليّات الاعتقال. وتصاعدت هذه الانتهاكات منذ استلام الحكومة اليمينيّة المتطرّفة الحكم، والتي وضعت قضيّة الأسرى على رأس جدول أعمالها، وجعلتها جزءاً من استراتيجيّتهم السياسيّة.
بدأت سلسلة من الهجمات على الفلسطينيّين، حيث تجلّى التطرُّف في مجموعة القوانين والقرارت والتعليمات العنصريّة التي شرعت الحكومة بسنّها وتطبيقها، والتي تسخّر أدوات إضافيّة تمكّن قوّات الاحتلال من اعتقال أكبر عدد ممكن من الفلسطينيّين، وزجّهم في السجون الإسرائيليّة. ومسّت هذه القوانين أيضاً الحقوق الأساسيّة للأسرى داخل السجون، وسلبت العديد من الإنجازات التي تمكّن الأسرى انتزاعها من مصلحة السجون، عبر سنوات نضال الحركة الأسيرة، وتعدّى ذلك ليصل للتعدّي على الحقّ في الحياة للأسرى من خلال إعادة مناقشة قانون الإعدام.
وفي تاريخ السابع من أكتوبر، بلغت مستويات التطرُّف ذروتها؛ ما أدّى إلى توظيف القوانين والتعليمات لصالح انتهاك حقوق الأسرى، واعتقال أعداد هائلة من الفلسطينيّين، وحرمانهم من حقوقهم وحريّاتهم.
أخد طابع الاعتقالات هذا العام صوراً مختلفة، حيث شهدنا تصاعداً في عمليّات الاعتقال بشكل مكثّف منذ بداية العام، وأخذت تتصاعد خلال العام حتّى وصلت الاعتقالات أعداداً شهدتها الحركة الأسيرة للمرّة الأولى منذ سنوات طويلة. كما استخدمت قوّات الاحتلال قوّاتها لاقتحام القرى والمدن والمخيّمات الفلسطينيّة، محوّلة إيّاها إلى مناطق عسكريّة مغلقة، وتركّزت هذه الاقتحامات على مدينة جنين ومخيّمها، ومدينة أريحا ومخيّم عقبة جبر، ومدينة نابلس، ومخيّم نور شمس في مدينة طولكرم. تخلّلت هذه الاقتحامات اعتداءات على المواطنين، ونصب خيم التحقيق الميدانيّ، واحتجاز المواطنين فيها ساعات طويلة، وإطلاق النار العشوائيّ على السكّان؛ ما تسبّب في آلاف الإصابات وحالات الاستشهاد، وتصاعدت وتيرة الإعدام خارج نطاق القانون أثناء عمليّات الاعتقال. وأكملت قوّات الاحتلال في سياسة العقوبات الجماعيّة التي تمارسها على الفلسطينيّين منذ سنوات بشكل ممنهج، منها سياسة اعتقال الرهائن، التي طالت النساء، ومن ضمنهم الحوامل والأمّهات، والأطفال وكبار السنّ. وأظهرت سياسة الدروع البشريّة نفسها أداةً استهدفت فئة الأطفال بشكل خاصّ من قبل جيش الاحتلال وقوّاته الخاصّة.
وما زالت دولة الاحتلال تمارس أحد أبرز أشكال العقاب الجماعيّ على الأسرى الفلسطينيّين وعائلاتهم، وهي سياسة هدم المنازل، التي تبرّرها دولة الاحتلال بالدواعي الأمنيّة، مع العلم أنّ هذا الإجراء هو إجراء إضافيّ لاحتجاز الأسرى ومحاكمتهم في المحاكم العسكريّة، وهذا يعدّ شكلاً من أشكال العقوبة المزدوجة التي تمارسها دولة الاحتلال على الأسرى، والتي تشكّل ضرراً كبيراً على عائلاتهم، حيث إنّ هذه السياسة طالت منازل 10 أسرى خلال العام 2023.
مرفق التقرير الكامل