تقرير شهري مشترك حول سياسة الاعتقال التعسفي في الأراضي الفلسطينية المحتلة
 
شهر شباط/ فبراير 2017م
 

مقدمة

تشكل عمليات اعتقال السكان المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة إحدى السياسات المركزية التي تنفذها قوات الاحتلال الإسرائيلي في مواجهة سعي الفلسطينيين للدفاع عن حقوقهم السياسية والقانونية. وتحول الاعتقال الإداري ليصبح نهجاً منظماً تمارسه قوات الاحتلال بحق الفلسطينيين من سكان الأراضي المحتلة كافة. وفيما يطال الاعتقال مختلف المحافظات الفلسطينية، فإنه يستهدف مختلف الفئات ولا سيما الأطفال والنساء. وتجري تلك العمليات على خلاف تام مع قواعد القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.

ونظراً للتداعيات الخطيرة التي أفضت إليها ظاهرة الاعتقال التعسفي في صفوف الفلسطينيين وما تشكله من مساس بجملة حقوق الإنسان بالنسبة لهم ولغيرهم، عكفت مؤسسات (مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، نادي الأسير الفلسطيني، هيئة شئون الأسرى، ومركز الميزان لحقوق الإنسان) على إصدار تقرير شهري.

يستعرض التقرير مسار عمليات الاعتقال التعسفية، التي تنطوي على انتهاك مركب لضمانات المحاكمة العادلة، لاسيما وأن الاعتقال الإداري يحرم المعتقلين من حقهم في التعرف على التهم المنسوبة إليهم ما يحول دون قدرتهم على الدفاع عن أنفسهم. كما تحظر سلطات الاحتلال في معظم الحالات اتصال المعتقل بمحامية لفترات متفاوتة أثناء التحقيق. هذا بالإضافة إلى ظروف احتجازهم داخل السجون الإسرائيلية، ولا سيما سياسة الإهمال الطبي وطول فترات العزل الانفرادي، والتفتيش الفجائي والعاري وغيرها من الانتهاكات.

كما يسعى التقرير إلى تسليط الضوء على أبرز الانتهاكات التي يتعرض لها المعتقلون الفلسطينيون. ويقدم التقرير في هذا الشأن خلفية حول الضمانات القانونية وفقاً للقانوني الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان.

ويستعرض التقرير إحصاءات وحقائق حول حالات الاعتقال التي وقعت خلال شهر شباط/ فبراير 2017م في الأراضي الفلسطينية المحتلة كافة، ثم يتطرق إلى أوضاع وظروف المعتقلين داخل السجون الإسرائيلية. ويخلص التقرير في نهايته إلى جملة من النتائج والتوصيات التي يجب إعمالها من أجل ضمان احترام قواعد القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، ولا سيما الصكوك والمواثيق المتخصصة كالقواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء لعام 1955م.

 

أولاً/ الحماية التي يوفرها القانون الدولي للمعتقلين:

وفر القانون الدولي جملة من الضمانات على دولة الاحتلال الالتزام المطلق بأحكامها، وهي تحظي بإجماع دولي لما لها من أهمية بالغة تسعى إلى تعزيز واحترام حقوق الإنسان. وانبثقت هذه الضمانات من القانون الدولي الإنساني الذي أرست دعائمه اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب لعام 1949م، حيث وضعت قواعد ناظمة لحقوق المعتقلين وأوضاعهم، وفرضت على دولة الاحتلال جملة من الالتزامات يجب عليها الوفاء بها.

ووردت تلك القواعد[1] في (12 فصلاً) من القسم الرابع من الاتفاقية المذكورة، وهي تسعى إلى حفظ كرامة المعتقلين الإنسانية وصيانة متطلبات حقوقهم في تلقي الرعاية الصحية وتمكين عوائلهم من زيارتهم، ومنع التعذيب وسوء المعاملة بحقهم، وحظرت الاستخدام المطلق لأوامر الاعتقال الإداري من خلال المادة (78) في الاتفاقية المذكورة. كما وفر القانون الدولي لحقوق الإنسان بآلياته التعاقدية وغير التعاقدية جملة مبادئ تسعي في مجملها إلى تعزيز واحترام حقوق الإنسان، حيث نصت المادة (9) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948م، على أنه: "لا يجوز القبض على أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفاً". كما أرست القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء لعام 1955م قواعد ناظمة لمعاملة المحتجزين تتكون من (95 مادة)، وتهدف إلى حفظ وصيانة حقوق المعتقلين وكرامتهم الإنسانية. بينما جاء العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966م، ضمن الآليات التعاقدية الملزمة للدول الموقعة عليه، كدولة الاحتلال، ويؤكد في مادتيه (9 - 10) عدم جواز الاحتجاز التعسفي. كما فرض جملة من ضمانات المحاكمة العادلة، تلك الضمانات كفلتها جملة من المواثيق سواء التي تتمتع بصفة المعاهدة أو التي ليس لها صفة المعاهدة. وتكفل هذه الضمانات في جوهرها عدم احتجاز أي شخص دون مذكرة قبض كشرط أساسي لبدء المحاكمة الفعلية، وعلى أن يبلغ الشخص بأسباب التوقيف وبالتهمة الموجهة إليه بلغة يفهمها، وبالسماح له بالاتصال مع العالم الخارجي وتكفل حق المعتقل في الاستعانة بمحاميه على وجه السرعة، على عكس القوانين الإسرائيلية التي تحرم المعتقل من هذا الحق بطريقة غير مباشرة عندما تمنعه من زيارة المحامي لفترات متفاوتة تصل في قطاع غزة إلى (21) يوماً[2] وفي الضفة الغربية والقدس إلى (60) يوماً[3]، قابلة للتجديد في ظروف استثنائية.

ثانياً/ إحصائيات[4] حول عمليات الاعتقال:

اعتقلت قوات الاحتلال خلال شهر شباط/ فبراير 2017م، (498) مواطناً من الأراضي الفلسطينية المحتلة، من بينهم (108) طفلاً، و(19) سيدة وصحفي واحد، بالإضافة إلى استشهاد المعتقل محمد الجلاد.

وتشير أعمال الرصد والتوثيق التي تواصلها المؤسسات الشريكة أن سلطات الاحتلال اعتقلت (161) مواطناً من القدس، و(90) مواطناً من محافظة الخليل، ومن محافظة بيت لحم (55) مواطناً، فيما اعتقلت (43) مواطناً من محافظة رام الله والبيرة، و(39) مواطناً من محافظة نابلس، وسُجلت (32) حالة اعتقال في محافظة قلقيلية، و(25) حالة اعتقال في محافظة جنين، ومن محافظة طولكرم (22) مواطناً، أما في محافظة طوباس فقد اُعتقل (10) مواطنين، و(9) من قطاع غزة، و(7) من محافظة أريحا، و(5) من محافظة سلفيت.

وفي سياق تكريس سياسة الاعتقال الإداري، أصدرت سلطات الاحتلال (99) أمراً إدارياً، من بينها (25) أمراً جديداً، كان من بينهم أمري اعتقال إداري بحق الصحفيين محمد القيق وهمام حنتش، إضافة إلى أمر آخر صدر بحق المعتقلة صباح فرعون.

وبذلك بلغ عدد المعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال نحو (7000)، منهم (61) سيدة، بينهن (12) فتاة قاصر، فيما بلغ عدد المعتقلين الأطفال في سجون الاحتلال نحو (300) طفل، ووصل عدد المعتقلين الإداريين إلى (516) شخصاً، وارتفع عدد الصحفيين المعتقلين إلى (23) صحفياً.

ثالثاً: الاعتقالات اليومية بحق الفلسطينيين وطول فترات الاعتقال:

تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي استخدام سياسة الاعتقال بحق أفراد وفئات المجتمع الفلسطيني المختلفة بشكل يومي كنوع من سياسة العقاب الجماعي، حيث يتراوح متوسط الاعتقالات اليومية ما بين 9-10 حالات يجري اعتقالهم بشكل يومي من مختلف مدن وقرى ومخيمات فلسطين المحتلة. وترتكب سلطات الاحتلال جملة من الانتهاكات خلال تنفيذها للاعتقالات، تبدأ باقتحام البيوت في ساعات متأخرة من الليل، يرافقها سياسة تنكيل واعتداءات بحق المعتقل/ة وعائلته/ا، فيما تنطوي الاعتقالات التي تجري في الشارع على استخدام مفرط للقوة أثناء الاعتقال.

هذا ويعتبر المعتقل نائل البرغوثي (59 عاماً)، من بلدة كوبر في محافظة رام الله والبيرة، من أمضى أطول فترة اعتقال حيث بلغت (34 عاماً) قبل أن يتم الافراج عنه بموجب صفقة تبادل وفاء الأحرار (شاليط) التي رعتها جمهورية مصر العربية عام 2011م. وفي حزيران/ يونيو 2014م أعادت سلطات الاحتلال اعتقاله وهو واحد من بين (70) أعادت سلطات الاحتلال اعتقالهم وأعادت لأكثر من (50) منهم أحكامهم السابقة، تحت ذريعة خرقهم لشروط الإفراج.

كما أصدرت محكمة عوفر الإسرائيلية حكماً بحق البرغوثي بعيد إعادة احتجازه  لمدة (30) شهراً، وعلى الرغم من أنه أمضاها إلا أن سلطات الاحتلال رفضت الإفراج عنه بسبب طلب الاستئناف الذي تقدمت به النيابة الإسرائيلية، وعليه صدر حكماً جديداً يقضي بإعادة تنفيذ حكمه السابق (مؤبد و18 عاماً).

رابعاً/ استخدام القوة أثناء عمليات الاعتقال:

تستخدم سلطات الاحتلال الإسرائيلي القوة بحق الفلسطينيين أثناء عمليات الاعتقال من قبيل الضرب المبرح أو تقييد أيديهم وأقدامهم بشكل مؤلم وغيرها من الوسائل التي تُسبب الأذى الجسدي لهم. كما أنها أصبحت سياسة ممنهجة تستخدمها قوات الاحتلال تحت ذريعة تنفيذ الفلسطينيين، أو محاولاتهم تنفيذ عمليات ضد قوات الاحتلال، حيث تعمد تلك السلطات في كثير من الأحيان إلى استخدام القوة المميتة ضد الفلسطينيين بعد توقيفهم على الرغم من عدم تشكيلهم أي خطر أو تهديد محتمل على حياة تلك القوات، وهذا ما يتنافى مع التزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان التي تحظر استخدام هكذا أفعال.

خامساً/ واقع المعتقلين/ات الفلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية:

تفيد تقارير الزيارات التي نفذها محامو المؤسسات خلال شهر شباط/ فبراير 2017م للسجون والمعتقلات الإسرائيلية، أن المعتقلين يتعرضون إلى ظروف بالغة القسوة، من قبيل استمرار منع العديد منهم من زيارة الأهل. كما تؤكد تلك التقارير استمرار إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية في تنفيذ سياسة الاقتحامات والتفتيش الفجائي لغرف المعتقلين وأقسامهم، وتعمد خلالها الوحدات الخاصة المسؤولة عن تنفيذ تلك السياسة إلى التنكيل بالمعتقلين وتُعاملهم بقسوة وبشكل يحط من كرامتهم الإنسانية سواء أثناء اقتحام غرفهم، الذي يتم غالباً في ساعات الليل المتأخرة أو ساعات الصباح الباكرة، أو من خلال استخدام الاعتداء المباشر عليهم إما بالضرب أو برش الغاز والذي يمتد بعد ذلك ليشمل مجموعة من العقوبات تفرضها الإدارة على الأقسام والأسرى كالحرمان من زيارة العائلة لمدد متفاوتة، أو الحرمان من الكانتينا أو فرض غرامات مالية أو عزل الأسير كإجراء عقابي لمدة زمنية محددة.

هذا وتواصل إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية سياسة الإهمال الطبي بحق المعتقلين الفلسطينيين، وبحسب التحقيقات التي أجرتها المؤسسات الشريكة فقد استشهد المعتقل محمد عامر الجلاد (24 عاماً)، بتاريخ 10/2/2017م، حيث أعلن الأطباء في مستشفى بيلسون عن وفاته، واستناداً إلى تقرير الوفاة الصادر عن مستشفى ثابت ثابت بطولكرم، تبين أن سبب الوفاة كان نتيجة إصابته برصاصة في صدره أثناء اعتقاله بتاريخ 9/11/2016م، دون أن تُقدم سلطات الاحتلال الرعاية الصحية الكافية له على مدار أكثر من ثلاثة أشهر. وبذلك يكون عدد شهداء الحركة الأسيرة الذين سقطوا بسبب سياسة الاهمال الطبي وعدم تقديم العلاج اللازم لهم  (58) شهيداً، كما بلغ عدد شهداء الحركة الأسيرة تحت ظروف مختلفة كالتعذيب أو إصابتهم أثناء الاعتقال منذ العام 1967م إلى (210) شهداء، من بينهم (10) سقطوا منذ العام 2010م.

يشار إلى أن الشهيد المذكور كان يعاني من السرطان في الغدد اللمفاوية قبل وفاته.

سادساً/ اقتحام سجن النقب الصحراوي من قبل وحدتي كيتر والماتسادا:

أقدمت وحدتا كيتر والماتسادا[5] خلال الشهر المنصرم على اقتحام سجن النقب الصحراوي، وأكد محامو المؤسسات بعد زيارتهم لعدد من معتقلي سجن النقب على إثر الاقتحام، أن اقتحام السجن كان الأكثر قسوة وضراوة قياساً بسابقاته، حيث قامت تلك القوات عند حوالي الساعة 8:00 من مساء يوم الأربعاء الموافق 1/2/2017م باقتحام قسم (16) "الكرافانات" الذي يضم (120) معتقل. وتؤكد شهادات المعتقلين، التي أدلوا بها للمحامين، أنهم تعرضوا لقمع شديد وضرب مبرح أسفر عن وقوع العديد من الإصابات.

وفي هذا السياق صرح المعتقل أسامة صالح، إلى محامي مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان أثناء زيارتهم إلى سجن النقب بما يأتي: "عند حوالي الساعة 8:00 من مساء يوم الأربعاء الموافق 1/2/2017م وبينما كنا ننتظر العد المسائي- يتم بموجبه عد المعتقلين داخل السجن ثلاث مرات يومياً - حضر أفراد من الإدارة إلى القسم رقم (16)، وبدأوا بعد المعتقلين غير أن مشادة حصلت بين معتقل وأحد أفراد الإدارة، أمرت على إثرها الأخيرة المعتقلين بالدخول إلى الغرف، وقامت برش ساحة السجن بالغاز بواسطة عبوة كانت بحوزتهم، ثم حضرت قوة مكونة من (20) فرد تُدعى وحدة (كيتر) – وهي قوة متخصصة في الاقتحامات - ودخلوا إلى الغرفة رقم (5) من القسم نفسه، واعتدوا بالضرب على المعتقلين، ثم قاموا بإخراج المعتقلين فرداً فرداً وقيدوا أيدينا للخلف بواسطة قيود بلاستيكية إلى الساحة واعتدوا علينا بالضرب المبرح بواسطة العصي الخشبية والركل على أنحاء متفرقة من الجسد ووجهوا لنا السب والشتم بالألفاظ النابية الحاطة بالكرامة الإنسانية بعد أن ألقوا بنا أرضاً، كما أنهم رشوا الغاز على أجسادنا أيضاً دون أي مراعاة لبرودة الطقس، ثم انضمت وحدة "المتسادا" إليهم وشاركت معهم في الاعتداء ذاته. هذا وبقي المعتقلين في الساحة من الساعة 8:00 مساءاً وحتى الساعة 3:00 صباحاً من اليوم التالي، إضافة إلى أنهم أخرجوا كل محتويات الغرف بما فيها المواد الغذائية وبشكل متعمد كان أفراد القوة يقومون في سكب السكر على الأغطية ما تسبب في فوضى عارمة، وفي نهاية الاقتحام تقريباً كانوا يقومون بإدخال كل معتقل إلى منطقة الدوشات وفتشونا بشكل عاري، واعتدوا علينا بالضرب".

ويؤكد المعتقلان مصعب عادل ويحيى زهران المتواجدين في سجن النقب، على أنهم تعرضا لضرب مبرح من قبل أفراد الوحدات المذكورة نتج عنها إصابات، حيث تعرض يحيى زهران  إلى إصابة في فكه نتج عنها كسر سنه الأمامي وصرح بما يلي: " بعيد إخراجي من الغرفة إلى ساحة السجن من قبل وحدتي كيتر والماتسادا، جرى تقييد يدي للخلف بقيود بلاستيكية وإلقائي على الأرض، بعد ذلك قام أحد أفراد الوحدة بركلي على رأسي بواسطة قدمه ومن ثم ضرب رأسي في باب مصنوع من الحديد، إضافة إلى ضربي على أنحاء متفرقة من الجسد وسط أجواء شديدة من البرودة ما تسبب في فقداني للوعي ونقلي إلى العيادة الطبية، وفي العيادة استمر أفراد الإدارة في شتمي وبعدها قاموا بسكب ماء بارد على ظهري".

كما أفاد المعتقل مصعب عادل بما يلي: "بعد اقتحام القسم ومن ثم الغرف قاموا بتكبيل يدي برباط بلاستيكي للخلف وقاموا بسحبي إلى الساحة الخارجية بعد أن قام أحد أفراد الوحدة برش الغاز داخلها وأجبروني على الاستلقاء أرضاً على ظهري، وبدأوا بشتمي وإهانتي وضربي على أنحاء متفرقة من جسدي بواسطة الأيدي والعصي الخشبية، وعندما انتهى الاقتحام عند حوالي 3:00 من صباح اليوم التالي، قام أحد السجانين بتفتيشي من جديد وضرب رأسي في إطار الباب، وكذلك في إطار الدرج المصنوع من الحديد أثناء إعادتي إلى الغرفة".

وبعد انتهاء الاقتحام تعرض معتقلي قسم (16) لسلسة من العقوبات الجماعية، حيث تم إغلاق القسم عليهم لمدة أسبوع وعدم السماح بإدخال الأدوات الكهربائية باستثناء سخان الماء، وتم حرمان جميع أسرى القسم من الفورة اليومية، وما سُمح لهم به هو الاستحمام مرتين فقط، وكانت الإدارة تقوم بتكبيل الأسرى بكلبشات حديدية للأمام أثناء العد.

هذا وتفيد تقارير المؤسسات الشريكة أن 50% من عائلات المعتقلين القابعين في السجون الإسرائيلية (7000 معتقل) ممنوعين من الزيارات المنتظمة، حيث تتعمد سلطات الاحتلال منع الزيارات لأفراد من قرابة الدرجة الاولى للعائلات الفلسطينية، وتمنح تصريح بالمرور لمرة واحدة كل سنة أو ستة أشهر لأحد أفراد الأسرة.

كما تعمد السلطات الإسرائيلية، إلى منع أهالي المعتقلين الفلسطينيين من المرور عبر الحواجز العسكرية وتعيدهم من حيث جاءوا  برغم حصولهم على تصاريح.

 

النتائج والتوصيات

تشير المعلومات الواردة في التقرير إلى ارتفاع أعداد المعتقلين اعتقالاً تعسفياً خلال شهر شباط/ فبراير 2017م، الأمر الذي يعكس مدى تحلل قوات الاحتلال من التزاماتها بموجب قواعد القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، التي تحظر كافة الانتهاكات التي ترتكبها تلك القوات في تعاملها مع السكان في الأراضي الفلسطينية المحتلة ممن يجري اعتقالهم، خاصة ما يتعلق منها بعدم جواز الاعتقال التعسفي، وتوفير ضمانات المحاكمة العادلة، وحماية حقوق الإنسان بالنسبة للمنقيدة حريتهم.

ويشير الارتفاع الملحوظ في أعداد المعتقلين، إلى أن الاعتقال التعسفي أصبح يشكل ظاهرة يدفع ثمنها الأشخاص المدنيون وتشكل مساساً مباشراً وخطيراً بجملة حقوق الإنسان بالنسبة لهم ولغيرهم. ومع استمرار تواطؤ القضاء الإسرائيلي لجهة التساوق مع السياسات الأمنية التي ينتهجها المستوى الرسمي الإسرائيلي، فإن حالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة ستكون عرضةً إلى مزيد من التدهور والتراجع. وتواصل سلطات الاحتلال فرض حصار بري وبحري شامل على قطاع غزة، وفصل محافظات الضفة الغربية عن بعضها وعن محافظة القدس، الأمر الذي يؤكد مضي سلطات الاحتلال في التنكر إلى حقوق الشعب الفلسطيني المكفولة بموجب قرارات الشرعية الدولية.

هذا وتؤكد المؤسسات الشريكة على أن العدالة لن تتحقق في الأراضي الفلسطينية المحتلة دون إجبار دولة الاحتلال على احترام مبادئ حقوق الإنسان وقواعد القانون الدولي الإنساني، وعليه فإن المؤسسات الأربع تطالب:

1-  المجتمع الدولي بتفعيل أدوات المسائلة والمحاسبة تجاه مقترفي الانتهاكات وفاءً بالتزاماته القانونية والأخلاقية تجاه سكان الأراضي الفلسطينية المحتلة.

2-  مجلس حقوق الإنسان بتشكيل لجنة تحقيق بشأن الانتهاكات التي يتعرض لها المعتقلون الفلسطينيون.

3-  مقرري الأمم المتحدة واللجان التعاقدية بتفعيل دورها في إلزام دولة الاحتلال باحترام معايير حقوق الإنسان فيما يتعلق بالمعتقلين الفلسطينيين.

4-  السلطة الفلسطينية والمؤسسات غير الحكومية بإطلاق أكبر حملة تضامنية مع المعتقلين الفلسطينيين.

5-  الصحفيين ووسائل الإعلام بتسليط الضوء على الانتهاكات الإسرائيلية وفضحها على المستويين المحلي والدولي.

 

انتهى

 



[1] انظر المواد من (79) وحتى (135) من اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية الأشخاص المدنيين لعام 1949م

[2] انظر قانون الإجراءات الجنائي الإسرائيلي لعام 1996م.

[3] انظر الأمر العسكري الإسرائيلي رقم (1651) المطبق في الضفة الغربية.

[4] الأرقام الوارد في هذا التقرير تستند إلى نتائج أعمال الرصد والتوثيق للمؤسسات القائمة الأربعة المشاركة في إعداده.

[5] تشكلت وحدات المتسادا في العام 2003م كوحدة خاصة للاستجابة السريعة في أوقات الطوارئ، وتتبع هذه الوحدة للشرطة وقوات مصلحة السجون الإسرائيلية، مثلها في ذلك باقي الوحدات الخاصة "النحشون"، ووحدة الكلاب البوليسية، وتتكون وحدة الماتسادا من جنود وضباط من  صفوف النخبة من وحدات مختارة من الجيش، وتعتبر من بين الوحدات عالية التدريب والمتخصصة بمكافحة الإرهاب، وفض أعمال الشغب والعصيان. وتخضع هذه الوحدات لتدريبات دائمة للسيطرة على حالات "العنف" داخل السجون، والالتحام المباشرة (Krav Maga)، والمظاهرات العنيفة، وحالات الهرب من السجون. وتتسلح وحدة "المتسادا" ببنادق صيد ورشاشات "العوزي" إسرائيلية الصنع، إضافة إلى الغازات المسيلة للدموع، ومناظير فوق بنفسجية، وأسلحة الليزر".