د. وداد برغوثي، من أستاذة ومحاضرة في الإعلام... إلى متهمة "بالتحريض" عبر وسائل التواصل الاجتماعي

اعتقلت قوات الاحتلال د. وداد برغوثي في الأول من أيلول، واقتادتها لمعتقل عوفر حيث تم استجوابها، ومنذ اعتقالها قدم محامي مؤسسة الضمير محمود حسّان طلباً لإخلاء سبيلها، إلا أن القاضي العسكري قام بردّ الطلب دون سماع ادعاءات المحامي، وقدّم المحامي استئنافاً على قرار رد الطلب إلا أن قاضي الاستئناف العسكري رفض الاستئناف، وفي ذات الجلسة عبّرت النيابة العسكرية عن نيتها تقديم لائحة اتهام بحق د. وداد. بتاريخ 4/9/2019، طلبت النيابة العسكرية تمديد اعتقال د. وداد لــ5 أيام لغرض استكمال التحقيق وتقديم لائحة اتهام بحقها، إلا أن القاضي العسكري أصدر قراره بالإفراج عنها بشروط، وهي كفالة مالية بقيمة 8000 شاقل وكفالة شخصية بقيمة 2000 شاقل، عندها طلبت النيابة العسكرية تأجيل تنفيذ قرار الإفراج لمدة 72 ساعة لتقديم استئنافها، إلا أن القاضي العسكري أعطى النيابة 27 ساعة للاستئناف حتى يوم الخميس 5/9/2019.

قامت النيابة العسكرية يوم 9/5/2019 بتقديم لائحة اتهام بحق د. وداد برغوثي، في صورة تظهر سوء استخدام الأوامر العسكرية، حيث أن النيابة لم تقم باستئناف القرار الذي يقضي بالإفراج، وإنما قدمت لائحة الاتهام مباشرة في اليوم الثاني، على الرغم من أنها كانت قد طلبت 5 أيام لاستكمال التحقيق وتقديم اللائحة، وهو ما يظهر بشكل جلي تعمّد نيابة الاحتلال إطالة فترة التحقيق والمماطلة في إجراءات التقاضي.[1]

قرر قاضي التمديد الإفراج عن د. وداد مجدداً بنفس الشروط السابقة، وقام بتأجيل تنفيذ قراره حتى 9/9/2019 للسماح للنيابة العسكرية بالاستئناف على القرار. قامت النيابة باستئناف القرار يوم الأحد 8/9/2019، وعيّنت جلسة الاستئناف يوم الاثنين 9/9/2019. وحتى هذه اللحظة لم تقرر المحكمة حول الاستئناف المقدم.

قد يبدو مستهجناً أن تقوم سلطات الاحتلال بتقديم لائحة اتهام تتضمن بند "التحريض على مواقع التواصل الاجتماعي"[2] بحق محاضِرة في الحريات الصحفية، بادعاء أنها تنشر منشورات على فيسبوك تشكل دعم لأنشطة وتنظيمات معادية. فكيف يُطلب من محاضِرة في الإعلام تربي أجيالاً على الحق في حرية الرأي والتعبير كإحدى أسس العمل الصحفي أن تصمت؟

لقد بات اعتقال وملاحقة الفلسطينيين الناشطين على صفحات التواصل الاجتماعي نهجاً لدى الاحتلال هدفه القمع وسلب حرية الرأي والتعبير المكفولة بموجب المواثيق والاتفاقيات الدولية، حيث يتعمد الاحتلال تجريم كل قول أو وجهة نظر وربطها بفعل إرهابي.

ولا تقتصر انتهاكات الاحتلال على حق الفلسطينيين بحرية الرأي والتعبير، بل تمتد لتطال الحق الأساسي في التعليم المكفول بموجب العديد من المواثيق والاتفاقيات الدولية، حيث تنتزع سلطات الاحتلال طلبة المدارس والجامعات من مقاعدهم الدراسية لتزجّ بهم في سجونها، حيث يقبع في سجون الاحتلال حالياً 210 أسير طفل[3] محرومين من استكمال تعليمهم المدرسي، وما يقارب 250 أسير وأسيرة من طلبة الجامعات الفلسطينية، ما يقارب الـ80 منهم طلبة في جامعات بيرزيت[4]، من بينهم ثلاثة طلاب وطالبتين يتعرضون حالياً للتحقيق في مركز تحقيق المسكوبية في عزلة تامّة وممنوعين من لقاء محاميهم منذ لحظة اعتقالهم/ن، فالطالبين أحمد خاروف وربحي كراجة ممنوعين من لقاء المحامي منذ 17 يوماً قابلة للتجديد، والطالب إصرار معروف منذ 5 أيام، أما الطالبة ميس أبو غوش فهي ممنوعة من لقاء محاميها منذ 14 يوماً، والطالبة سماح جرادات منذ 5 أيام.

إن استهداف الاحتلال للطلبة ومدرّسيهم يضاف إلى سلسلة انتهاكات الاحتلال بحق الفلسطينيين وحقوقهم الأساسية، ومن هنا تطالب مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان المجتمع الدولي وخاصة المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير، بتحميل حكومة الاحتلال الإسرائيلي مسؤولياتها بموجب المواثيق الدولية التي وقعت عليها وأبرزها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ومطالبتها بالإفراج الفوري عن الطلبة والمحاضرين، ووقف سياسات الاحتلال التي تهدف إلى قمع الحريات.

 



[1] من خلال عمل مؤسسة الضمير القانوني، رصدت العديد من الحالات التي تقوم فيها سلطات الاحتلال بإساءة استخدام الصلاحيات الممنوحة لها بموجب الأوامر العسكرية، وتعمّد النيابة العسكرية إطالة فترة التحقيق على الرغم من إمكانية تقديم لائحة اتهام بحق المعتقل.

[2] تستند النيابة العسكرية للاحتلال في قراراتها ضد الفلسطينيين بدعوى "التحريض" في أراضي الضفة الغربية المطبق على الفلسطينيين فيها القوانين العسكرية، إلى المواد 251 و199 (ج) من الأمر العسكري بشأن تعليمات الأمن (النسخة الموحدة) "يهودا والسامرة" رقم 1651 للعام 2009.

وتحت بند "التحريض" تفصل المواد أعلاه الأفعال التي تدين الفلسطينيين باعتبارهم "محرضين"، وتتلخص في الاتي:

- حاول إما بالكلام، وإما بأي فعل آخر، التأثير على الرأي العام في المنطقة، بالشكل الذي يضر بسلامة الجمهور.

- قام بنشر منشورات تأييداً، أو مدحاً، أو تعاطفاً مع تنظيم معادٍ، بأفعاله أو أهدافه.

- الكشف أو الإعلان عن هوية تنظيم معادٍ، من خلال أفعاله أو أهدافه أو تعاطفه معه.

- أو من خلال التلويح بعلم، أو عرض رمز أو رموز، أو تشغيل/عرض أناشيد أو أغانٍ ذات علاقة، أو كل فعل مشابه، ويكشف بوضوح التعاطف، والتفاخر بصورة علنية

[3] إحصائيات مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، http://www.addameer.org/ar/statistics

[4] حملة الحق في التعليم، اعتقالات واسعة في صفوف طلبة جامعة بيرزيت، https://bit.ly/2lEOte2