لا زالت سلطات الاحتلال الإسرائيلي تحتجز 11 جثمانًا من جثامين الحركة الأسيرة، من بين 237 أسيرًا ارتقوا داخل سجون الاحتلال وهم: أنيس دولة محتجز جثمانه منذ عام 1980، وعزيز عويسات محتجز منذ عام 2018، فارس بارود ونصار طقاطقة وبسام السايح محتجزين منذ عام 2019، سعدي الغرابلي وكمال أبو وعر منذ عام 2020، سامي العمور محتجز منذ عام 2021، داود الزبيدي وناصر أبو حميد محتجزين منذ العام المنصرم 2022، وكان آخرهم خضر عدنان والذي ارتقى بتاريخ 2 أيار/مايو 2023 بعد إضراب عن الطعام لمدة ٨٦ يومًا رفضًا لاعتقاله التعسفي.
ويأتي احتجاز الجثامين ضمن سياسة العقاب الجماعي الذي تمارسه سلطات الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني، حيث يحتجز الاحتلال الجثامين في الثلاجات ومقابر الأرقام دون أدنى اعتبار لأية معايير إنسانية، وحسب الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء، فإن عدد الشهداء المحتجزة جثامينهم في مقابر الأرقام بلغ 252 شهيدًا، و142 شهيداً يحتجز الاحتلال جثامينهم في الثلاجات منذ عام 2015 منهم 14 جثمانًا تعود لأطفال شهداء، و5 جثامين لشهيدات.
في هذا السياق، أصدرت المحكمة العليا الإسرائيلية قرارًا بتاريخ 14 كانون الأول 2017، يقضي بقبول التماس كانت قد تقدمت به عدة مؤسسات حقوقية باسم عائلات لشهداء محتجزة جثامينهم، حيث منعت المحكمة العليا حينها استمرار احتجاز جثامين الشهداء استنادًا للقانون الدولي الذي يحظر احتجاز جثامين الشهداء، إلا أن النيابة العامة الإسرائيلية كانت قد تقدمت بعقد جلسة إضافية بوجود سبعة قضاة، ووافقت حينها المحكمة العليا على عقد الجلسة وقامت بتجميد تنفيذ القرار، وبتاريخ 9 أيلول 2019، أصدرت المحكمة العليا قرارًا بأغلبية 4 قضاة مقابل 3، تراجعت فيه عن قرارها السابق بشأن تحرير جثامين الشهداء المحتجزة، حيث استندت في قرارها الأخير إلى قانون الطوارئ الإسرائيلي الذي يتيح للحاكم العسكري بدفن جثامين الشهداء واحتجازها من أجل عمليات التبادل مع الفصائل الفلسطينية.
يعد قرار المحكمة العليا الإسرائيلية سابقة خطيرة ضمن السياسة العنصرية التي تمارسها دولة الاحتلال بحق الفلسطينيين، بحيث أن القضاء الإسرائيلي شكل في الكثير من قراراته ذراعًا لسياسات الحكومة الإسرائيلية والجيش، وبهذا القرار أثبت قضاء الاحتلال مجددًا أنه قادر على أن يخالف أبسط أسس حقوق الإنسان التي يقرها المجتمع الدولي والاتفاقيات والأعراف المعمول بها عالميًا من أجل إرضاء سياسة الاحتلال.
تطالب مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان الاحتلال بضرورة احترام القانون الدولي وتحديدًا اتفاقية جنيف الرابعة والبروتوكول الإضافي الأول الملحق باتفاقيات جنيف، والذي يعتبر جزءا من القانون الدولي الملزم لجميع الدول، تحديدًا نص المادة 130 من اتفاقية جنيف الرابعة والتي تنص على دفن المعتقلين المتوفين باحترام طبقًا لشعائرهم الدينية كما تنص أيضًا على احترام وصون مقابرهم، والمادة 34 من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف الأربع، التي تنص على عدم جواز انتهاك رفات الأشخاص الذين توفوا بسبب الاحتلال، أو أثناء الاعتقال.