الذكرى الثانية لـ (نفق الحرية)
مؤسسات الأسرى تستعرض أبرز التّحولات والمحطات التي شهدتها قضية الأسرى
شكّلت عملية (نفقّ الحرية) محطة تاريخية مهمة في قضية الأسرى والتي جاءت كامتداد لمحاولات الأسرى المستمرة للسعي نحو حقهم بالحرية وتقرير المصير، وتركت عملية النفق، أثرًا على الوعي الجمعي الفلسطيني، وتحديدًا باستعادة مطلب الأسرى الأساس وهي الحرية، كما وتركت هذه المحطة، تحولات كبيرة على واقع الأسرى داخل السجون، وتحديدًا في مسار المواجهة والوحدة في السّجون، خاصّة بعد الهجمة الانتقامية الممنهجة التي شنتها إدارة السّجون عليهم، بعد الفشل الأمنيّ الذي لحق بهم بعد العملية.
وقالت مؤسسات الأسرى في تقرير صدر عنها اليوم في الذكرى الثانية على عملية (نفق الحرية)، (هيئة شؤون الأسرى ونادي الأسير الفلسطيني، ومؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان) في الذكرى الثانية على تمكّن الأسرى الستة "محمود العارضة، ومحمد العارضة، وأيهم كممجي، ويعقوب قادري، وزكريا الزبيدي، ومناضل انفيعات"، من تحرير أنفسهم من سجن (جلبوع)، أنّ إدارة سجون الاحتلال تواصل عمليات التّنكيل الممنهجة بحقّ الأسرى الستة، عبر جملة من السياسات والأدوات، وأبرزها سياسة العزل الإنفرادي، وقد مر الأسرى الستة بجولات من عمليات التّنكيل الممنهجة والتي طالت عائلاتهم، ورفاقهم الأسرى.
ومقابل ذلك تمكّنوا من مواجهة هذه الإجراءات، والإصرار على نقل رسالتهم وحقهم في حريتهم وتقرير مصيرهم، وإصرارهم على محاولة تحقيق الحرية، وإلى جانبهم خمسة من رفاقهم الذين اتهمهم الاحتلال بمساعدتهم وهم: -محمود أبو شرين، وقصي مرعي، وعلي أبو بكر، ومحمد أبو بكر، وإياد جرادات.
وتشكّل سياسة العزل الإنفرادي أبرز وأخطر السّياسات التي تفرضها إدارة السّجون على الأسرى، وتستهدف عبرها الأسرى نفسيًا وجسديًا، حيث تحتجزهم في زنازين انفرادية لا تتوفر فيها أدنى شروط الحياة الآدمية، وإلى جانب سياسة العزل الإنفراديّ، تواصل إدارة السّجون نقلهم المتكرر من سجن إلى آخر، وكذلك إهمالهم طبيًا، كما وتعرضوا لعدة اعتداءات من قبل السجانين، وخلال هذه الفترة نفذ بعضهم إضرابات عن الطعام احتجاجاً على ظروف احتجازهم القاهرة والصعبة.
وخلال العام الماضي حكم الاحتلال على أبطال عملية نفق الحرية، بالسجن الفعلي على خلفية عملية النفق، لمدة خمس سنوات و5 آلاف شيقل و8 شهور وقف تنفيذ لمدة ثلاث سنوات، فيما أصدرت بحق الأسرى الخمسة الذين وجهت لهم تهمة المساعدة، بالسجن الفعلي لمدة أربع سنوات و2000 شيقل غرامة.
وإلى جانب كل ما نفّذه الاحتلال من منهج انتقامي بحقّهم، فخلال العام المنصرم، فقد الأسير أيهم كممجي شقيقه شأس كمججي، الذي ارتقى شهيدًا برصاص الاحتلال، كذلك استشهد داود الزبيدي وهو أحد شهداء الحركة الأسيرة المحتجزة جثامينهم، وهو شقيق الأسير زكريا الزبيدي، كما وفقد الأسير يعقوب قادري والدته، وحرمهم الاحتلال من وداعهم كما حرم آلاف الأسرى على مدار عقود من وداع أحبة لهم.
أبرز ما قاله أبطال نفق الحرية
الأسير أيهم كممجي: "أنا محكوم بالسجن مؤبدين وعُزلت عن أفراد أسرتي لـ7 سنوات، وهدفي من عملية الهروب من سجن جلبوع كان زيارة قبر والدتي وأنا غير نـادم على ذلك"
الأسير البطل محمود العارضة: "أردنا أن نقول للعالم إن هذا الوحش هو وهم من غبار"
الأسير البطل محمد العارضة: "تجولتُ في فلسطين المحتلة عام 48 وكنت أبحث عن حريتي ولقاء أمي"
"وأنا جالس أنا ومحمد العارضة بأحد الأحراش رأيت شجر الصنوبر الذي زرعه الاحتلال مكان شجر الزيتون وكان بجانب إحدى شجرات الصنوبر فروع وعروق زيتون قد نبتت بجانبها فقلت لمحمد " تفرج وشوف كيف زرعوا صنوبر محل الزيتون بس الأساس طالع من جذره، قطعوا الزيتون بس نسيوا انه اله مد، هم بيقدروا يقطعوا الشجرة بس ما بيقدروا يقطعوا مد الزيتون"
يعقوب قادري: بعد عملية نفق الحرية وجه قادري عدة رسائل كان أبرزها: "عشت أجمل 5 أيام في حياتي، برؤية فلسطين، لن أنساها بالمرة هو حلم وتحقق، أكلت التين والبوملي والبرتقال الأخضر، رأيت أطفالا بجانب أهاليهم لأول مرة منذ 22 عاما.. قبلتهم واحتضنتهم".
"حريتنا فوق كل شيء، سنعود إلى فلسطين كل فلسطين التاريخية".
"لا يهمنا الحكم الإسرائيلي.. المهم أننا صنعنا المستحيل ووجهنا الصفعة، وما كان بالنسبة لإسرائيل وأجهزتها مستحيلاً، نحن وصلنا إليه".
زكريا زبيدي: سألت مناضل نفيعات لماذا تريد أن تكون معنا ولم يتبقى على إطلاق سراحك أقل من شهرين فقال لي مفاخراً " أنا اللي حفرت وتعبت ولازم أكون شريك معكم"، وعندها أطلقت عليه لقب (البايجر).
إدارة السّجون ضاعفت من هجمتها وحاولت أن تفرض واقعًا جديدا على الأسرى
تؤكّد المؤسسات أنّ الإجراءات التي جاءت بها أجهزة الاحتلال وعلى رأسها إدارة السجون، ليست إجراءات بالجديدة، إلا أنها اتخذت مستوى متصاعد، بل كل ما حاولت إدارة السّجون أن تفرضه، هو شكل على مدار سنوات جزء أساسي من بينة السّجن، وأدواته القمعية، فذهبت إدارة السّجون إلى إحداث تغيير يمس بشكل أساس بمنجزات حققها الأسرى بالدم والنضال، والإضرابات الجماعية، وسلب الأسرى ما تبقى لهم من حقوق.
ففي الفترة الأولى بعد عملية نفق الحرية سُجلت عمليات قمع واسعة في السجون، وشملت كافة السجون دون استثناء، عدا عن عمليات النقل الجماعي التي تعرض لها الأسرى، وتحديدًا باستهداف أسرى الجهاد الإسلامي، ومحاولة إدارة السجون باستهداف البنية التنظيمية لهم، وعزل قيادات منهم، وبدأت لاحقًا إدارة السّجون بالتلويح بجملة من الإجراءات التي تمس نظام الحياة الاعتقالية القائم، والمحتكم لطبيعة العلاقة القائمة بين الأسرى وإدارة السجون، واستهدفت بشكل أساس قيادات الأسرى، والمحكومين أحكام عالية، عدا عن قرار الاحتلال بتشكيل لجنة للخروج بتوصيات الهدف منها فقط هو الانقضاض على منجزات الأسرى، وفرض مزيد من إجراءات الرقابة والسيطرة عليهم.
بالمقابل لقد تمكّن الأسرى من تدارك مخاطر التحولات التي يواجهونها، وتمكّنوا من استعادة وحدتهم ومواجهة إجراءات إدارة السّجون بسلسلة خطوات تحت لجنة وطنية مشكلة من كافة الفصائل وهي (لجنة الطوارئ العليا للحركة الأسيرة)، اتخذ الأسرى من خطوات "العصيان والتّمرد" على قوانين إدارة السّجون، المسار الأهم في مواجهة العدوان التي شرعت به إدارة السجون عليهم بعد عملية "نفق الحرية"، وبدأ الأسرى بعملية تنظيم الصفوف عبر اتخاذ مسار من المواجهة المفتوحة، وحماية الجبهة الداخلية لهم، وفعليًا لقد تمكّن الأسرى من تعزيز حالة الوحدة، الأمر الذي أفشل فعليًا مخططات إدارة السجون وساهم في نجاحهم على مدار هذه الفترة، فكانت أولى خطوات الأسرى تشكيل لجنة الطوارئ العليا للحركة الأسيرة ومن كافة الفصائل، وعبرها تمكّن الأسرى من تنفيذ برنامج نضاليّ تصاعديّ، منظم تمكّنت من خلاله صد عدوان إدارة السّجون، المتواصل والذي لم يتوقف حتّى اليوم.
التحوّل الأخطر مرحليًا
إجراءات حكومة الاحتلال اليمينية
مع صعود حكومة اليمين والأكثر تطرفًا لدى الاحتلال، عملت منظومة الاحتلال بكافة مستوياتها على سنّ قوانين وتشريعات عنصرية، تمس مصير الأسرى وعائلاتهم والتي ارتبطت بتهديدات طالت الأسرى وعائلاتهم والمحررون وكذلك الشهداء وعائلاتهم، وكان أبرزها: مشروع (قانون إعدام الأسرى) الذين نفّذوا عمليات ضد الاحتلال، إضافة إلى (قانون سحب الجنسية والإقامة من أسرى ومحررين مقدسيين) ومن الأراضي المحتلة عام 1948، وتم ربط ذلك بالمخصصات التي تقدمها السلطة الفلسطينية لعائلاتهم، إضافة إلى مشروع قانون يقضي بترحيل عائلات الأسرى و الشهداء، كما تمت المصادقة عليه بالقراءة التمهيدية على مشروع قانون يقضي بحرمان الأسرى على العلاج الذي يندرج تحت توصيف (تحسين جودة الحياة)، و فعليًا أصدر الوزير (بن غفير) تعليمات داخلية بخصم أموال من مخصصات "الكانتينا" للأسرى، في حال استخدم الأسير عيادة علاج الأسنان في السجن وعن كل ساعة تم خصم (175) شيقلًا، إلى جانب هذا تم طرح تعديل قانون (مكافحة الإرهاب)، يقضي بعدم تسليم جثامين الشهداء، ومشروع قانون (منع الإفراج المبكر عن الأسير الذي صدر بحقّه حكمًا) على خلفية عمل مقاوم والذي يصنّفه الاحتلال (كعمل إرهابي)، ومشروع قانون يناقش سجن الأطفال الفلسطينيين من عمر 12، بدلًا من إرسالهم إلى مؤسسات (لإعادة التأهيل)، ومشروع قانون آخر يقضي بإعطاء صلاحيات واسعة لوزير الشرطة بفرض اعتقالات إدارية وتقييد الحركة على الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 1948، وعدد آخر من مشاريع القوانين التي تمس حياة ومصير الأسرى المحررين، وعائلاتهم تحديدًا في القدس والأراضي المحتلة عام 1948.
ومؤخرًا عاد الوزير (بن غفير) بالتلويح برزمة من الإجراءات التي تمس حقوق الأسرى وكان آخرها حقهم بالزيارة، وذلك في محاولة جديدة للانقضاض على منجزاتهم، وعلى ضوئه أعلنت لجنة الطوارئ العليا للحركة الأسيرة، قرارها بالإضراب عن الطعام في 14 أيلول الجاري، رفضًا لأي محاولة للمس بحياتهم، والانقضاض على منجزاتهم.
في هذا السياق، تطالب مؤسسات الأسرى الفصائل الفلسطينية وكافة أطياف الشعب الفلسطيني بضرورة مساندة الأسرى في خطواتهم النضالية المستمرة ضد سياسات الاحتلال التي تهدف إلى التنكيل بهم وتضييق الخناق عليهم.