رسالة مفتوحة إلى الدكتورة اليس إدواردز بشأن تعليق التعاون مع ولاية المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالتعذيب.
نحن، الموقعين أدناه شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية ومؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية، نكتب هذه الرسالة لإبلاغك بقرارنا الجماعي تعليق جميع أشكال التعاون مع ولايتك كمقررةخاصة للأمم المتحدة المعنية بالتعذيب والمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة حتى إشعار آخر.
لقد تم اتخاذ هذا القرار بعد دراسة معمقة، وهو يعكس قلقنا الشديد بشأن ما نراه من غياب للإجراءات الفعّالة، والاستجابة، والحيادية من جانبك في معالجة الانتهاكات الجسيمة والواسعة النطاق والمنهجية لحقوق الإنسان التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين، بما في ذلك الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين المحتجزين في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
بينما نكتب هذه الرسالة، يواجه الأسرى والمعتقلون الفلسطينيون في السجون تعذيبًا واسعًا ومنهجيًا ومعاملة قاسية أو لاإنسانية أو مهينة، إذ أن الاحتلاليحتجز حاليًا أكبر عدد من الأسرى الفلسطينيين في تاريخه وفقًا لمؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان. ومنذ بدء حرب الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني وحتى اليوم، تم اعتقال أكثر من 12100 فلسطيني، وقد تضاعف عدد الفلسطينيين المعتقلين حاليًا في سجون الاحتلال الإسرائيلي بأكثر من ضعف ما كان عليه قبل أكتوبر 2023، إذ ارتفع العدد من أكثر من 5,000 إلى 10,100—دون احتساب الآلاف من الفلسطينيين الذين تم اختطافهم من غزة من قبل قوات الاحتلال واحتجازهم في معسكرات احتجاز عسكرية غير رسمية.
منذ أكتوبر 2023، وثّقت المنظمات الفلسطينية وسجّلت تصعيدًا حادًا في كل من نطاق وشدة الجرائم المرتكبة ضد الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في جميع مراحل احتجازهم، بما في ذلك أثناء اعتقالهم أو اختطافهم، ونقلهم، واحتجازهم، واستجوابهم، ومحاكمتهم، حيث تشمل هذه الفظائع الموثقة أشكالًا متنوعة من التعذيب الجسدي والنفسي، والضرب المبرح، والاغتصاب، وأشكالًا أخرى من العنف الجنسي بما في ذلك إجبارهم على التعري، وظروف الاحتجاز اللاإنسانية، والتجويع، والإهمال الطبي، والاحتجاز في ظروف غير إنسانية، والاحتجاز دون توجيه تهم أو محاكمات، والمحاكمة أمام محاكم عسكرية، والاستشهاد داخل السجون والمعسكرات. فمنذ 7 أكتوبر 2023، ارتقى ما لا يقل عن 49 فلسطينيًا في سجون الاحتلال الإسرائيلي، رغم أننا نتوقع أن يكون العدد الفعلي أعلى من ذلك. هذه الفظائع تشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
لقد وثقت منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية أيضًا بشكل واسع الاستخدام المنتشر للعنف الجنسي كأحد أشكال التعذيب ضد الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، وتمت مشاركة هذه الوثائق مع ولايتك في تقرير أُرسل بتاريخ 24أبريل 2024، حيث أفادت النساء الفلسطينيات بتعرضهن للتفتيش الجسدي من قبل ضباط إسرائيليين ذكور، وتصويرهن في أوضاع مهينة، وتعرضهن للتهديد بالاغتصاب والتحرش الجنسي.
كما عانى الأسرى الرجال الفلسطينيون من أشكال قاسية من العنف الجنسي، بما في ذلك إدخال العصي في فتحة الشرج، في أغسطس 2024، أظهر فيديو مسرب أعضاء من وحدة قوة 100 التابعة للجيش الإسرائيلي وهم يغتصبون جماعيًا معتقلًا فلسطينيًا أثناء احتجازه في معسكر سديه تيمان العسكري، وبالنظر إلى دورك البارز كخبيرة في العنف الجنسي كأحد أشكال التعذيب، فإننا نشعر بالقلق لأنك لم تقومِ بالتوقيع على البيانات التي أصدرها عدد من المقررين الخاصين للأمم المتحدة بتاريخ 19 فبراير 2024 و5 أغسطس 2024، والتي تسلط الضوء على استخدام هذا العنف ضد الفلسطينيين، بما في ذلك النساء والفتيات.
لقد أدى التقرير المتخصص الأخير الذي قمتِ بتقديمه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في يوليو/تموز 2024 والذي ركز على التعذيب الجنسي إلى زيادة مخاوفنا المستمرة بشأن نهجك في الوفاء بمسؤوليات ولايتك. في هذا التقرير، لم يتم تناول أي معلومات تتعلق باستخدام العنف الجنسي ضد الفلسطينيين، رغم تلقيكِ تقريرًا مفصلًا من مؤسساتنا ومنظمات حقوق الإنسان وتقريرًا آخر من دولة فلسطين يتضمن معلومات دقيقة حول الاستخدام الواسع لأساليب التعذيب الجنسي من قبل الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، مثل الاغتصاب والتحرش، وتهديدات بالاغتصاب، والإجبار على التعري. كما يبرز التقرير تناقضًا مقلقًا، حيث يتم التعامل مع انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي على أنها "مزاعم"، بينما تُعتبر الجرائم ضد الإسرائيليين "أدلة مثبتة". بالإضافة إلى ذلك، يزعم التقرير بشكل غير دقيق إغلاق معسكر سديه تيمان للاحتجاز. وفي النهاية، يعرض التقرير الاحتلال الإسرائيلي كمثال للممارسات الجيدة في دعم الناجين من التعذيب الجنسي، دون الإشارة إلى المعتقلين الفلسطينيين أو كيفية معالجة معاملة الناجين الفلسطينيين.
لقد تابعنا عن كثب عملك وتقاريرك وبذلنا جهودًا متكررة للتواصل بحسن نية حول قضايا حاسمة، حيث شملت هذه الجهود نداءً عاجلاً بتاريخ 11 أكتوبر 2023، الذي أكد على الحرب الشاملة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي ضد السكان المدنيين في غزة، ونداءً عاجلاً آخر بتاريخ 13 أكتوبر 2023، الذي سلط الضوء على استهداف وقتل الصحفيين الفلسطينيين في غزة، وفي 2نوفمبر 2023، أرسلنا نداءً عاجلاً تناول تصعيد دولة الاحتلال الإسرائيليلهجماتها الواسعة والمنهجية ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية منذ 7 أكتوبر 2023، وقد تناول هذا النداء بشكل خاص حملة الاعتقالات الجماعية والعنيفة التي شنتها، وظروف الاحتجاز المأساوية التي عانى منها الفلسطينيون، والتي تفاقمت بسبب التدابير العقابية التعسفية والجماعية؛ وتعذيب سلطات الاحتلالوسوء معاملة الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، كما شمل النداء توثيقًا لتعذيب وسوء معاملة عامل فلسطيني من غزة، وتهديدات بالاغتصاب والقتل ضد طفل فلسطيني، وإعلان استشهاد اثنين من الأسرى الفلسطينيين أثناء احتجازهم في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
في 21 مارس 2024، قدمنا نداءً عاجلاً إضافيًا كان تركيزه الرئيسي على الاعتقالات التعسفية، والاختفاء القسري، والمعاملة اللاإنسانية، والتعذيب الذي يتعرض له الفلسطينيون على يد قوات الاحتلال وسلطات الاحتلال الإسرائيلي، وأخيرًا، في 24 أبريل 2024، قدمنا تقريرًا مفصلاً حول التعذيب الجنسي، موفرين أدلة على استخدامه كأحد أشكال التعذيب وسوء المعاملة في مراكز الاحتجاز الإسرائيلية، وبعد ذلك، طلبنا عقد اجتماع عبر الإنترنت معكِ في 25أبريل 2024 لمناقشة هذا التقرير والظروف العامة للفلسطينيين في معسكرات وسجون الاحتلال الإسرائيلي، وعلى الرغم من تقديم طلب متابعة في 7 مايو 2024، لم نتلقَ أي رد.
إن التقارير المفصلة والمدعمة بالأدلة والنداءات العاجلة التي تقدمت بها مؤسسات ومنظمات حقوق الإنسان الفلسطينية إليكِ لم تلقَ الاعتراف الكافي أو التحقيق أو التدخل المناسب، وهذا أثار مخاوف كبيرة بشأن مستوى الاهتمام والسرعة في التعامل مع الاستخدام الواسع للتعذيب من قبل الاحتلال الإسرائيلي والانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي، خاصة في ضوء شدتها وطبيعتها المتأصلة.
بعد أكثر من عام على الإبادة الجماعية المستمرة ضد الفلسطينيين، لم تقومِ بإصدار سوى بيانين مستقلين (في 23 مايو و16 أغسطس 2024)، وقمتِبقيادة بيان مشترك واحد (في 8 يناير 2024)، ووقعتِ على ثلاثة بيانات أخرى (في 12 أكتوبر 2023 و27 نوفمبر 2023 و7 مارس 2024)، ومنذ تعيينك في أغسطس 2022، أرسلتِ تواصلًا واحدًا إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي في 16مايو 2024، بعد أكثر من سبعة أشهر من بدء الإبادة في غزة، في حين أُرسل تواصل مشابه إلى دولة فلسطين بعد أقل من ثلاثة أشهر من 7 أكتوبر 2023. بالمقارنة، أرسل سلفكِ أربعة تواصلات إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي في 2021.
نحن قلقون ليس فقط من قلة البيانات التي وقعتِ عليها، بل أيضًا من البيانات المهمة التي لم يتم التوقيع عليها، بالإضافة إلى البيانين المذكورين، لم تؤيدِالبيان الصادر في 23 فبراير 2024 حول حظر الأسلحة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، أو البيان في 1 فبراير 2024 بشأن اضطهاد الصحفيين الفلسطينيين في غزة، هذه الخيارات تشير إلى نهج انتقائي في تنفيذ مهمتك.
إن نهجكم وتحليلاتكم وتقاريركم تثير قلقًا كبيرًا بشأن الحياد والموضوعية، وتسهم في تقليص إنسانية الفلسطينيين، ففي بيانكم بتاريخ 23 مايو 2024، وصفتم تعذيب إسرائيل للفلسطينيين بأنه "نمط ناشئ"، متجاهلين طابعه المنهجي والطويل الأمد، وبدلاً من إدانة هذه الجرائم، طالبتم إسرائيل أن تجري التحقيق بنفسها، رغم توثيق رفضها المستمر للتحقيق مع مرتكبي التعذيب ضد الفلسطينيين.
اختياركِ تركيز تقريرك المقبل إلى مجلس حقوق الإنسان على أخذ الرهائن كأحد أشكال التعذيب هو مثال آخر على نمط مقلق يوحي بأنك تعتبرينالفلسطينيين ضحايا أقل استحقاقًا، وإن قرار التركيز على هذا الموضوع بدلاً من معالجة الاعتقالات الجماعية والتعذيب المنهجي المستمر للفلسطينيين، بما في ذلك من خلال الاعتقال الإداري أو قانون "المقاتلين غير الشرعيين"، يعد مثالًا آخر على تجاهل معاناتهم وتهميش تجاربهم، مما يعزز من تقليص كرامتهم.
نحن نحترم بشدة ولاية مقرر الأمم المتحدة الخاص بالتعذيب والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة في مكافحة التعذيب في جميع أنحاء العالم والدفاع عن كرامة الإنسان، وقد تفاعلنا بحسن نية معك ومع أسلافك في السعي لتحقيق هذه الأهداف المشتركة، ومع ذلك، لا يمكننا الاستمرار في الانخراط في هذه الإجراءات التي لا تسلط الضوء على واقع الفلسطينيين ولا تتصدى بشكل فعّال للإفلات من العقاب الذي يتمتع به الجناة ومرتكبي جرائم التعذيب وسوء المعاملة.
سيظل تعليقنا للمشاركة ساريًا حتى يحدث تغيير في القيادة أو تحول ملموس في نهجكم ليصبح عادلاً، ومحايدًا، ومستجيبًا بصدق للأدلة والحقائق على الأرض.
سيظل تعليق تفاعلنا ساريًا حتى يحدث تغيير في القيادة أو تحول ملموس في نهجكِ ليصبح عادلاً، ومحايداً ويستجيب للأدلة والحقائق على الأرض.وسنواصل تفاعلنا مع آليات المساءلة الأخرى لتحقيق العدالة للفلسطينيين ضحايا جرائم التعذيب - بما في ذلك المحكمة الجنائية الدولية، ولجنة الأمم المتحدة للتحقيق في جرائم الاحتلال الإسرائيلي ، واللجان المعنية بالاخفاء القسري والاعتقال التعسفي، والهيئات ذات الصلة.
د. إدواردز، نحثكِ على الالتزام بمبادئ الحياد والشمولية والتفاعل بشكل حقيقي مع واقع الفلسطينيين. وحتى يظهر دليل ملموس على التحول نحو المساءلة والشفافية وعدم التمييز والتفاعل الجاد مع منظمات المجتمع المدني الفلسطينية، واعتماد نهج يركّز على الضحايا دون تمييز، فلا يمكننا الاستمرار في التفاعل والانخراط مع ولاية تتجاهل واقع آلاف الفلسطينيين المعتقلين في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
الموقِّعون:
شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية (150 منظمة)
مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية:
• مؤسسة الحق
• مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان
• مركز الميزان لحقوق الإنسان
• المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان
• مركز حريات – للدفاع عن الحريات المدنية وحقوق الإنسان
• مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان
• مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان
• الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال – فلسطين
• معهد مواطن للديمقراطية وحقوق الإنسان (مراقب)
• الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان (مراقب)
مركز علاج وتأهيل ضحايا التعذيب (TRC).
مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي (WCLAC).
الائتلاف الأهلي لحقوق الفلسطينيين في القدس.
مركز العمل المجتمعي في جامعة القدس.
المبادرة الفلسطينية لتعميق الحوار العالمي والديمقراطية- مفتاح.
مركز بيسان للبحوث والإنماء.