في يوم الأم ... سلطات الاحتلال تعتقل وتستدعي الأمهات الفلسطينيات ضمن سياستها في فرض العقوبات الجماعية بحق الفلسطينيين

في إطار ملاحقة سلطات الاحتلال لأبناء شعبنا الفلسطيني بكافة أطيافه وأجياله، لم تسلَم الأم الفلسطينية من بطش الاحتلال، حيث تعتقل سلطات الاحتلال في سجونها 17 أسيرة أم لما يقارب 50 من الأبناء والبنات، بعضهم أطفال مغيبون عن أمهاتهم، لا يستطيعون رؤيتها أو الحديث معها سوى مرة أو مرتين شهرياً من خلال زيارتها في السجن، وذلك من خلف زجاج محكم وعبر الهاتف، وأحياناً بعد تقديم طلب خاص لمصلحة السجون، يتم السماح للأطفال دون سن الثامنة بالدخول لزيارة أمهاتهم من جهة الأسيرة مما يمكّنهم من ملامسة أمهاتهم، وذلك في آخر عشر دقائق فقط من زيارة مدتها 45 دقيقة.

لا تكتفِ سلطات الاحتلال باعتقال النساء الفلسطينيات لادعاء أنهم ارتكبوا مخالفة لأوامر الاحتلال العسكرية، بل تعتقل وتستدعي العديد من الأمهات انتقاماً من أبنائهن وبناتهن أو بهدف الضغط عليهم، وذلك ضمن سياسة دولة الاحتلال بفرض عقوبات جماعية بحق أُسَر المناضلين، حيث عادةً ما تعتقل سلطات الاحتلال أمهات الشهداء والأسرى وتزجّ بهن في سجونها كوسيلة انتقام.

رصدت مؤسسة الضمير في الفترة الأخيرة حالات لأمهات فلسطينيات جرى اعتقالهن أو استدعائهن بعد فترة قصيرة من اعتقال أبنائهن، وأثناء خضوع أبنائهن للتحقيق في مراكز التحقيق التابعة للاحتلال، لتفرج لاحقاً عنهن. حيث اعتقلت د. وداد برغوثي بعد 6 أيام من اعتقال نجلها قسام، واقتادتها لمركز تحقيق المسكوبية حيث يجري التحقيق مع نجلها، قام المحققين بتهديدها وسؤالها عن نجلها قسام، وفي المقابل، عمد المحققين على أن يرى قسام والدته في غرفة التحقيق وذلك من وراء زجاج، بهدف الضغط عليه للاعتراف، وهدّد المحققين قسام-الذي كان في حينها يتعرض لتعذيب جسدي شديد-بإخضاع والدته للتحقيق العسكري، وتعذيبها جسدياً، وكلّ ذلك بهدف زيادة الضغط عليه. أما سناء مغامس والدة المعتقل يزن مغامس، فقد جرى اعتقالها من منزلها بعد 12 يوم من اعتقال نجلها يزن، وجرى نقلها لمركز تحقيق المسكوبية حيث يجري التحقيق مع نجلها، خضعت لثلاث جلسات تحقيق تمحورت خلالها الأسئلة عن يزن، تخللها صراخ وشتم وتهديد. وفي المقابل، عمد المحققين على جعل يزن يشاهد والدته في غرفة التحقيق وذلك بهدف الضغط عليه.

وفي إطار استهداف سلطات الاحتلال للأم الفلسطينية، استدعت سلطات الاحتلال أمهات معتقلين ومعتقلات للاستجواب في مراكز التحقيق التابعة للاحتلال، وذلك بهدف الضغط على المعتقلين الذين يجري التحقيق معهم. حيث جرى استدعاء نجوى أبو غوش والدة المعتقلة ميس أبو غوش، واستجوبها المحققين حول ابنتها ميس، وقاموا بتهديدها بسجن ابنتها لسنوات طويلة، ومن ثم قاموا بإدخال ميس لغرفة التحقيق للقاء والدتها ووالدها في إطار الضغط عليها.

أما ابتسام معروف والدة المعتقلَيْن أيسر وإصرار معروف، فقد جرى استدعائها بعد ما يقارب 20 يوم من اعتقال أبنائها، وذلك برفقة بناتها وزوجة ابنها أيسر. ونُقلت لمركز تحقيق المسكوبية حيث يقبع أبنائها. أُدخلت ابتسام لغرفة التحقيق ليبدأ المحققين بسؤالها عن أبنائها إصرار وأيسر، وفي المقابل، عمد المحققين على جعل أيسر وإصرار يشاهدون والدتهم في غرفة التحقيق وذلك بهدف الضغط عليهما، كما وادعى المحققين أمام أيسر أن والدته وشقيقاته وزوجته رهن الاعتقال وذلك بهدف الضغط عليه وإجباره على الادلاء بالاعترافات.

إن سياسة سلطات الاحتلال بفرض العقوبات الجماعية بحق أُسر المناضلين ليست بالسياسة الحديثة، حيث دائماً ما كان يتم التنكيل بعوائل الشهداء والأسرى الذين تتهمهم سلطات الاحتلال بارتكاب "المخالفات"، في انتهاك واضح للقانون الدولي الإنساني الذي يحرّم محاسبة أي شخص عن أي جريمة لم يرتكبها هو شخصياً. حيث حرّمت المواثيق والمعاهدات الدولية فرض العقوبات الجماعية بحق المدنيين، وهذا ما نصت عليه اتفاقية لاهاي الخاصة باحترام قوانين وأعراف الحرب البرية[1]، واتفاقيتا جنيف الثالثة والرابعة.[2]

إن اعتقال أمهات المعتقلين في ساعات متأخرة من الليل والتنكيل بهن واخضاعهن للاستجواب والتحقيق واستدعاء أخريات بهدف الضغط على أبنائهن يندرج ضمن العقوبات الجماعية المحرّمة دولياً، حيث يعاقب الاحتلال الأمهات على أفعال لم يقترفنها هن شخصياً، عدا عن أنه يشكّل ضرباً من ضروب التعذيب النفسي بحق المعتقل ووالدته وكافة أفراد العائلة.

 

 



[1] نصت المادة (50) من اتفاقية لاهاي الخاصة باحترام قوانين وأعراف الحرب البرية على أنه " لا ينبغي إصدار أية عقوبة جماعية مالية أو غيرها، ضد السكان بسبب أعمال ارتكبها أفراد، لا يمكن أن يكون هؤلاء السكان مسئولين بصفة جماعية

[2] المادة (87) من اتفاقية جنيف الثالثة بشأن معاملة أسرى الحرب، 1949، والمادة المادة (33) من اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب، 1949.