جرى الإفراج أمس السبت 25/1/2025 عن 200 أسيراً فلسطينياً في اطار الدفعة الثانية من المرحلة الأولى لصفقة التبادل. وبحسب ما تم الاتفاق عليه والإعلان عنه، فقد أُفرج عن 107 أسيراً من المحكومين بالمؤبد والأحكام العالية إلى الضفة الغربية والقدس المحتلة، وأُفرج عن 20 أسيراً إلى قطاع غزة، إضافة إلى 71 أسيراً محكومين بالمؤبد جرى ابعادهم خارج الوطن إلى مصر كمرحلة أولى، وأسيرين من الأراضي المحتلة للعام 1948.
من الجدير بالذكر أن معظم من تم الإفراج عنهم كانوا قد اعتقلوا خلال الانتفاضة الثانية، وقد أصدرت المحاكم العسكرية أحكاماً تعسفية بحقهم. وعلى مدار سنوات الاحتلال، تخرق سلطاته ضمانات المحاكمة العادلة، وخاصة فيما يتعلق بإجراءات ما قبل المحاكمة، حيث تتيح الأوامر العسكرية لسطات الاحتلال منع المعتقلين من مقابلة محاميهم وتلقي الاستشارة القانونية خاصة في مرحلة التحقيق، وقد يمتد منع لقاء المحامي لأشهر، مما يعيق عملية اعداد الدفاع القانوني، عدا عن كونه يستخدم لإخفاء جرائم الاحتلال من تعذيب وسوء معاملة يتعرض لها المعتقل أثناء فترة التحقيق. كما وتمارس سلطات الاحتلال شتى أنواع التعذيب الجسدي والنفسي بحق المعتقلين الفلسطينيين في مراكز التحقيق التابعة لجهاز المخابرات الإسرائيلي، وتؤدي جرائم التعذيب هذه إلى انتزاع اعترافات من المعتقليت تحت التعذيب والضغط والإكراه، وهذه الاعترافات المنتزعة بشكل غير قانوني، يتم استخدامها لاحقاً كبينات ضد المعتقل في المحاكمة، ويتم الاستناد إليها لتجريم المعتقل وفرض عقوبات بحقه تصل إلى السجن المؤبد.
وفي ظل كل الممارسات غير القانونية المفروضة بحق المعتقلين الفلسطينيين بالإجراءات التي تسبق المحاكمة، يتم لاحقاً محاكمتهم أمام محاكم عسكرية تعسفية وغير قانونية، حاكمت مئات الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني وفقاً لأوامر عسكرية غير قانونية طالت كافة مناحي حياة الشعب الفلسطيني، وتم محاكمتهم لممارستهم حقهم الأساسي في تقرير المصير. كما وأن انتهاك ضمانات المحاكمة العادلة من عدم إعلام المعتقل بطبيعة الاتهام وسببه، وباعتبار أن هذه المحاكم غير مستقلة أو نزيهة، إضافة إلى عدم علنية هذه المحاكم مما يمنع الجمهور من الرقابة عليها، وعدم توفير ترجمة فورية فعّالة، وحرمان المعتقلين من الحق في الدفاع الفعال من خلال عدم توفير التسهيلات اللازمة لإعداد دفاعه كلها تشكّل الأساس لاعتبارها جريمة حرب تستوجب مسائلة ومحاسبة دولة الاحتلال عنها.
وفي ظل الإفراج عن عدد من الفلسطينيين المحكومين بالمؤبد وبالأحكام العالية، تبدي مؤسسة الضمير تخوفها من إعادة اعتقال الأسرى المفرج عنهم بحجة خرق شروط الإفراج، وذلك في ظل وجود المادة (186) من الأمر العسكري رقم (1651) للعام 2009، التي تتيح إعادة اعتقال المحررين المفرج عنهم بصفقات التبادل لاستكمال ما تبقى من عقوباتهم وذلك وفقاً لملف سري، ودون العمل على الضغط على سلطات الاحتلال لإلغاء هذه المادة، فإنه سيكون من السهل على سلطات الاحتلال إعادة اعتقال أي من المحررين دون تقديم أي دليل ضدهم ودون أن يتم محاكمتهم وفقاً للإجراءات القانونية.
تؤكد مؤسسة الضمير على وجوب ملاحقة ومحاسبة كل من تورط في الجرائم التي ارتكبت بحق الأسرى الفلسطينيين الذين أفنوا سنوات عمرهم خلف القضبان وخضعوا لمحاكمات تعسفية وغير قانونية وتعرضوا لشتى أنواع التعذيب وسوء المعاملة، وعلى وجوب تعويض الأسرى الفلسطينيين وجبر الضرر عنهم لاعتقالهم ومحاكمتهم على خلفية ممارستهم لحقهم في تقرير المصير، وهذا ما أكد عليه الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية، حيث أقرت المحكمة أنه يقع على دولة الاحتلال غير القانوني واجب التعويض الكامل للفلسطينيين عن الضرر الناجم عن أفعال الاحتلال غير المشروعة دولياً، وذلك لجميع الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين المعنيين. وهذا يشمل تعويض الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين الذين تمت محاكمتهم وفقاً لأوامر عسكرية غير قانونية وحوكموا أمام ماحكم عسكرية غير فانونية تفتقر للحد الأدنى المطلوب لضمانات المحاكمة العادلة.