التعذيب والمعاملة القاسية

آذار 2020

بدأت سلطات الاحتلال بممارسة التعذيب بحق المعتقلين الفلسطينيين منذ احتلالها لفلسطين، واستخدمت أساليب عدة في تعذيب المعتقلين نفسياً وجسدياً، كالهزّ العنيف، والشبح على الكرسي الصغير، ووضع الكيس على الرأس، والموسيقى الصاخبة، والخزانة، وقلع الأظافر، وغيرها من الأساليب الفظيعة التي مارسها محققي الاحتلال لانتزاع الاعترافات من المعتقلين الفلسطينيين ليسقط (73) شهيد في زنازين التحقيق منذ العام 1967 نتيجة للتعذيب الذي تعرضوا له خلال فترة التحقيق.

يتوزع المعتقلون الفلسطينيون الذين يتم اعتقالهم من الضفة الغربية وغزة على 4 مراكز تحقيق في شمال الضفة الغربية ووسطها وجنوبها وذلك اعتمادا على مكان سكنهم أو مكان النشاط الذي اعتقلوا فيه. تعتبر مرحلة التحقيق التي يمكن أن تمدد حتى 180 يوما متواصلاً، من أكثر المراحل دقة لأنه وبناءً على ما يجري فيها، يتحدد الوضع القانوني للمعتقل.

تلجأ الشرطة الإسرائيلية وحرس الحدود الإسرائيلي لاستخدام القوة والضرب ضد المعتقلين منذ اللحظات الأولى لوصولهم لمركز التحقيق وقبل الشروع في عملية التحقيق، ويكون الضرب مصحوبا بالشتائم والإهانات بهدف خلق جو من الرعب من البداية تمهيداً للتحقيق معهم، كما ويركّز المحققين في الاستجواب على جانب الإضعاف والضغط النفسي على المعتقلين في فترة التحقيق، وذلك بمنع زيارة المحامي الذي قد يطول حتى 60 يوماً، وإنكار حق المعتقلين الاتصال بالأهل وإبلاغهم عن الاعتقال أو النقل من مركز تحقيق لآخر، وإدخالهم إلى غرف العصافير وتعريضهم للتضليل، والتهديد بالقتل، حرمانهم من النوم. والشبح على كرسي لفترات طويلة خلال جلسة التحقيق حيث تقيد اليدين بالكرسي إلى الخلف فيما تثبت الأرجل على الأرض. بالإضافة إلى التعذيب الجسدي الشديد ووضعيات الشبح المختلفة التي استُخدمت بوتيرة أعلى في نهاية عام 2019 بحق العديد من المعتقلين. كما ويضطر المعتقلون تحت الضغط النفسي لتوقيع إفادة باللغة العبرية التي لا يفهمونها بالرغم من حقهم بالحصول على ترجمة لتلك الإفادة.

كما تستخدم المخابرات الإصابات والحالة الصحية كوسيلة ضغط على المعتقل خلال التحقيق، ويتم الضغط عليه ومساومته بالاعتراف مقابل تقديم العلاج له أو قضاء حاجته. وقد يعرض التعاون مع المخابرات مقابل مبالغ مالية أو تسهيلات تقدم للشخص مقابل الإدلاء بمعلومات تفيد المخابرات، ويتم تهديد المعتقل أثناء التحقيق كجزء من الضغط النفسي باعتقال أحد أفراد عائلته أو زوجته أو أحد أبنائه، أو بتفجير بيته أو أملاكه أو حرمانه من أطفاله وأهله، وتحاول المخابرات الإسرائيلية إبقاء المعتقلين لأطول مدة ممكنة في مراكز التحقيق حتى بعد انتهاء التحقيق معهم كعقاب وتعذيب إضافي.

ويقوم جهاز الأمن الداخلي في دولة الاحتلال المعروف بجهاز الأمن العام بعزل المعتقلين خلال التحقيق عن العالم الخارجي، وذلك لممارسة الضغط النفسي عليهم بهدف ضمان الحصول على اعتراف أو معلومات مفيدة منهم. وبالرغم من قرار المحكمة العليا الإسرائيلية في عام 1999 الذي منع استخدام أساليب معينة من التعذيب، إلا أن مؤسسة الضمير تؤكد من خلال الحالات التي تابعتها استمرار استخدام التعذيب مع بعض المعتقلين الفلسطينيين خلال التحقيق، وهو ما برز أيضاً في نهاية العام 2019 حيث استخدمت سلطات الاحتلال كافة أشكال التعذيب الجسدي والنفسي بحق المعتقلين بالرغم من حقهم في عدم التعرض للتعذيب وعدم الاستشهاد بالأقوال المنتزعة منهم تحت وطأة التعذيب، حيث يدفع بالمعتقل تحت الضغط والتعذيب إلى تجريم ذاته بالرغم من حقه الذي تنص عليه كل من المادة 14 (3) (ز) من "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية" والمبدأ 21 من "مجموعة المبادئ" في عدم إجباره على تجريم نفسه. حيث يحظر استخدام الإكراه البدني أو النفسي الذي قد يستعمل في إرغام المتهمين على الإدلاء بشهادة ضد أنفسهم أو الإقرار بالذنب. ما يعني، عدم جواز الاستشهاد في المحاكمة بالأدلة القائمة على مثل ذلك الإجبار.

أبرز أشكال التعذيب المستخدمة من قبل قوات الاحتلال في مراكز التحقيق المختلفة:

  1. الشبح بوضعيات مختلفة:
    1. الشبح على الكرسي: يثبت المعتقل بالكرسي من قبل المحققين خلال جولات التحقيق معه، وذلك بربط الرجلين بحمالات الكرسي، والأيدي تربط بخلفية الكرسي، وقد يستمر الشبح في هذه الوضعية لساعاتٍ طويلة تتراوح من 10_20 ساعة في اليوم بشكل متواصل. وينتج عن عملية الشبح هذه آلام حادة في الظهر بسبب الكرسي الذي يحول دون المقدرة على الجلوس، كذلك تمزق بالكتفين واليدين وتقرحات وفقدان الإحساس بالرسغين بسبب ضغط الكلبشات، ويستمر تأثير هذه الأعراض لفترة طويلة ما بعد مرحلة التحقيق.
    2. الشبح على الحائط: يقوم المحققين بإيقاف المعتقل ليكون ظهره على الحائط واليدين مكبّلة للخلف، والركب مثنية بدرجة 45، ويقف محققين اثنين على الجوانب لضمان أن المعتقل لا يقف بشكل مستوي، ويقومون بضرب المعتقل بشدّة على رجليه، وفي كل مرة يسقط فيها المعتقل يقوم المحققين برفعه واستكمال الضرب.
    3. الشبح على الطاولة: يقوم المحققين بتقييد اليدين للخلف/ ويتم تقصير طول الكلبشات حتى يكون الضغط على الأكتاف، المعتقل يجلس على الكرسي لئلا تتحرك الرجلين وحتى لا يخف الضغط على الأكتاف، يجلس محقق على الركبتين حتى يدفع الصدر للخلف، وأحد المحققين يشدهما كل فترة، مثلاً يقوم بسحب اليدين أبعد ما يمكن حتى يتسبب بضغط أكبر على الأكتاف. وأحياناً يقوم المحققين بالضغط على كتفي المعتقل للخلف مما يسبب آلاماً شديدة في اليدين والكتفين والظهر.
    4. وضعية الموزة: يقوم المحققون بتثبيت أرجل المعتقل بالكرسي بسلاسل كي لا تتحرك ويكون ظهر الكرسي على الجنب، واليدين مكبلتين إلى الخلف، ويضغطون على الصدر إلى الخلف ليكون بشكل زاوية منفرجة مع الكرسي بشكل مؤلم جداً لعضلات البطن، مع استمرار الضغط على الصدر، ويكون لفترات لا يستطيع الجسم تحملها، إلى أن تصبح يديّ المعتقل مكبّلة تحت الكرسي، فيسقط المعتقل للخلف على بطانية موضوعة على الأرض، أو يسقط على ركبتي المحقق الذي يكون جالس خلفه. وفي بعض الحالات يقوم المحقق بالجلوس على أرجل المعتقل ويقوم بضربه بوضعية اليد المقبوضة على الصدر والفخذين من الأعلى خاصة على عضلات الفخذ من الخارج.
    5. وضعية القرفصاء: يتم إجبار المعتقل على الوقوف على رؤوس أصابع الرجلين، وتكون اليدين مكبلة للأمام، ويكون محقق من الأمام ومحقق من الخلف كي لا يسقط المعتقل ويبقى بهذه الوضعية، مما يسبب ضغطاً شديداً على الرجلين. وفي العديد من الحالات، يقوم المحققين بالضغط على أكتاف المعتقل للأسفل وهو في وضعية القرفصاء مما يزيد الضغط على الرجلين والأكتاف ويؤدي إلى سقوط المعتقل.
    6. وضعية كرة السلاسل: يقوم المحققين بإجبار المعتقل على الاستلقاء أرضاً على ظهره، ويكون مكبّل اليدين والقدمين، اليدين مقيّدة خلف الظهر من جهة الأرض بسلسلة حديد طولها نصف متر، ويقوم المحقق بجعل السلسلة على شكل كرة بوسط الظهر، ويجلس فوق المعتقل ويدفع بالبطن والصدر للأسفل مما يسبب ألماً شديداً بالظهر واليدين من كرة السلاسل.
    7. وضعية الكرسي الوهمي: يقوم المحققين بإيقاف المعتقل في منتصف غرفة التحقيق، ويقومون بتقييد يديه للخلف، والركب مثنية بدرجة 45، ويقف محققين اثنين على الجوانب لضمان أن المعتقل لا يقف بشكل مستوي. وفي بعض الحالات، أثناء وضعية الكرسي الوهمي، يقف محققَيْن على جانبي المعتقل ويقومون بضربه بركبهم وقدميهم بشدة على الفخذ مما يسبب آلاماً شديدة وانتفاخات في قدمي المعتقل.
  2. الضرب والخنق ونتف شعر الرأس واللحية: يقوم مجموعة كبيرة من المحققين بإحاطة المعتقل من كافة الجوانب، ويباشرون بالصراخ عليه وتهديده وضربه على كافة أنحاء جسده وهو مكبّل بكرسي التحقيق، مما يُفقِد المعتقل إمكانية التنبؤ بمكان الضرب الذي يتلقاه. بالإضافة إلى قيام المحققين بضرب المعتقل بشدّة على الفخذين من الخارج، وذلك من خلال ركبهم وأقدامهم، حتى سقوطه أرضاً، ليتم إيقافه مجدداً واستكمال ضربه. كما ويستخدم المحققين الضرب على الفخذين وهو في وضعيات الشبح المختلفة مما يُحدِث آلاماً شديدة ويؤدي في كثير من الأحيان إلى سقوط المعتقل. إن الضرب على الفخذين يؤدي إلى انتفاخ القدمين بشكلٍ كبير، بالإضافة إلى بروز كدمات على مناطق مختلفة في الفخذين والأرجل.

 كما ويقوم المحققين أثناء جولات التحقيق بخنق المعتقل بشدّة وذلك من خلال الضغط على الرقبة إلى الخلف، ويكون الخنق باستخدام أصابع المحققين بحيث يضغطون على رقبة المعتقل بأطراف أصابعهم وهو مكّبل اليدين بكرسي التحقيق، أو يقومون بخنقه وهو في وضعيات الشبح المختلفة.

بالإضافة إلى أن المحققين يقومون بنتف شعر لحية ورأس المعتقل أثناء جولات التحقيق أو وهو في وضعيات الشبح المختلفة ويكون المعتقل مكبّل اليدين، مما يسبب كدمات وجروح على الوجه والرأس. كما ويقوم المحققين أثناء جولات التحقيق بشدّ شعر المعتقل بشدّة مما يسبب آلاماً شديدة في فروة الرأس، ويستخدم المحققين والمحققات هذا الأسلوب بشكلٍ أكبر بحق المعتقلات الإناث مما يؤدي إلى نتف شعر الرأس ويسبب آلاماً في فروة الرأس.

  1. الضغط: تأخذ جلسات التحقيق شكل جولات متواصلة ومكثفة، لعدة ساعات قد تصل لأكثر من يومين ويتم ذلك من خلال اشتراك عدد من المحققين يتراوح عددهم من (2_6) في عملية التحقيق، حيث يتناوب على المعتقل أكثر من محقق بهدف إضعافه وإنهاكه جسديا وفكريا، للضغط عليه للاعتراف، إضافة للضغط النفسي الذي يتعرض له المعتقل بعدم إخباره بوجود محام له، وعدم إمكانية اطمئنانه على عائلته أو الاتصال بهم وحرمانه من النوم لبضع أيام، وحرمانه من حقه بالحصول على وجبة طعام لائقة خلال فترة التحقيق وحرمانه من حقه الإنساني بالنظافة وتغيير ملابسه الداخلية، وتهديده بالسجن لفترات طويلة وسبه وشتمه، وشتهم عائلته والتهديد بإيذائهم، والتهديد بالإيذاء الجسدي للمعتقل من قبل محققيه، وعزلته التامة عن العالم الخارجي، وعن كل ما ألفه ومعتاد عليه سابقا، والظروف الإنسانية السيئة التي يجبر المعتقلون على العيش بها خلال فترة التحقيق، ومحاولة المحققين الإسرائيليين تجريدهم من أبسط حقوقهم الإنسانية، هذه العوامل مجتمعة، تشكل ضغطاً كبيراً على المعتقل خلال فترة التحقيق، لاسيما لأصحاب التجربة الأولى في الاعتقال، فما يقوله المحققون هو كل ما يسمعه المعتقلون خلال لفترة التحقيق، إن تكثيف الضغط النفسي والجسدي على المعتقل يهدف لانتزاع اعتراف منه حول موضوع التحقيق معه، ومحاولة لإقناعه حينه وتهديده حينه أخرى بأن الاعتراف وإعطاء المعلومات للمخابرات الإسرائيلية هو سبيله للخلاص من هذا الضغط.
     
  2. غرف المتعاونين "العملاء":لقد طورت أجهزة المخابرات الإسرائيلية هذا الأسلوب مؤخرا، ليصبح جزءا من مرحلة يمر بها معظم المعتقلين الفلسطينيين خلال التحقيق معهم، ومرة أخرى يوضع المعتقل الفلسطيني على المحك خلال فترة التحقيق وتأتي خطورة غرف العملاء من كونها تأتي في المعظم بعد فترات منع من زيارة المحامي، وتلجأ المخابرات الإسرائيلية لها في حال عدم حصولها على اعتراف حول المعلومات التي تطلبها من المعتقل خلال التحقيق معه، ويجري خلالها إيهام المعتقل أنه أنهى التحقيق، وينقل لأقسام "العصافير"أي العملاء من مركز تحقيق لآخر معصوب العينيين ويتم إخباره على سبيل المثال أنه في سجن مجدو أو عسقلان حيث يطمئن المعتقل للأشخاص الذين يتوهم بأنهم معتقلين فلسطينيون أمنييون قد انهوا تحقيقهم، ويحاول هؤلاء المتعاونون إظهار تقربهم وتفهمهم للحالة التي يمر بها المعتقل والتقرب منه ليبدأ الحديث عن ما يعتقد انه سبب اعتقاله، دون علم منه أن هؤلاء متعاونون مع المخابرات الإسرائيلية، حيث يعمل المتعاونون على محاولة كسب ثقة المعتقل ومصادقته.والدردشة معه حول سبب اعتقاله ونشاطاته خارج المعتقل ودائرة أصدقائه. وان لم يستجب المعتقل لهم قد يلجأ هؤلاء المتعاونون لممارسة الضغط على المعتقل وتهديده بالقتل من أجل تقديم اعترافات خاصة بنشاطاته وفعالياته.حيث يجري إجبار المعتقل تحت التهديد بالقتل بكتابة اعترافات تستخدم كبينة ضد المعتقل لتقديم لائحة اتهام بحقه ومحاكمته. لا تظهر المخابرات الإسرائيلية هؤلاء المتعاونون كشهود في المحاكم العسكرية خوفا من كشفهم(دواعي أمنية)حيث تعتبر غرف المتعاونين المكان الذي يمارس فيه التعذيب والتهديد والضغط خارج القانون، ويتعذر ملاحقته قضائيا.
     
  3. العزل: وهي عبارة عن زنزانة صغيرة لا تزيد مساحتها عن 80سم ×120سم، يجري حجز المعتقل فيها لعدة أيام أو أسابيع وحرمانه من الحديث مع أي إنسان أو مقابلة المحامي أو مندوبي الصليب الأحمر الدولي. إن عزل المعتقل وإبقاءه وحيدا في بيئة تخويف وظروف غير إنسانية، تستهدف إبقاء المعتقل وحيدا في مواجهة المحققين الذين لا يردعهم شيء عن استخدام أساليب الضغط المختلفة لإجبار المعتقل على الاعتراف. إن مثل هذا الإجراء الغير قانوني يدفع المحامين إلى تقديم طلب التماس إلى محكمة العدل العليا سعياً للحصول على قرار قضائي بالسماح بزيارة المعتقل، وفي أحيان كثيرة، ترفض المحكمة الالتماس، مما شجع أجهزة المخابرات على التمادي في انتهاك حقوق المعتقلين.

تستمر سلطات الاحتلال في انتهاك حقوق الإنسان الفلسطيني، وتتعاطى باستهتار مع مبادئ القانون الدولي والإنساني والاتفاقيات الدولية حتى تلك التي وقعت عليها، ويحرم المعتقل الفلسطيني من الحقوق التالية خلال فترة التحقيق:

الحرمان من زيارة المحامي والالتقاء به.
تتكرر محاولات الزيارة من قبل محامي الضمير لموكليهم خلال فترة التحقيق التي تعتبرها الضمير من أخطر مراحل الاعتقال وأكثرها تأثيراً على المعتقل نظرا للعزل النفسي الذي تمارسه المخابرات الإسرائيلية على المعتقل خلال فترة التحقيق معه، ومن ضمن الأساليب التي تلجأ إليها المخابرات الإسرائيلية هي إطالة الفترة التي لا يقابل فيها المعتقل محاميه، وبالتالي إضعافه معنوياً ونفسياً، حيث يستخدم أسلوب منع الزيارة ضد المعتقلين كأسلوب للضغط عليهم ويتم منعهم من الالتقاء بمحاميهم وقت الحاجة من خلال:

أوامر المنع المباشرة: قد يمنع المحامي من لقاء المعتقل حسب الأوامر العسكرية الإسرائيلية أثناء التحقيق، وفق الوضع التالي:

  • يستطيع مسئول طاقم التحقيق إعطاء أمرا بمنع لقاء المحامي لمدة 15 يوم.
  • يمكن لمسؤول مركز التحقيق تمديد أمر منع زيارة المحام لمدة 15 يوم آخر.
  • وبعد ذلك يستطيع قاضي عسكري تمديد أمر المنع لمدد مختلفة أقصاها 30 يوماً أخرى وبهذا يكون من الممكن منع المعتقل من لقاء محاميه لمدة قد تصل 60 يوماً.

يمكن للمحامي تقديم التماس للمحكمة العليا ضد أمر منع لقاء موكله، وغالباً ما يتم رفض إزالة المنع، تحت حجة خطورة التحقيق. مما يبقي المعتقل في عزله تامة لفترات تتراوح ما بين 10-30 يوما بحجة "الأسباب الأمنية" وان زيارة المحامي لموكله قد تؤثر سلباً على سير التحقيق مع المعتقل. فترة منع الزيارة قد تمتد ليومين أو ثلاثة يتم تجديدها دورياً. ويرجع السبب في قصر المدة إلى عدم إعطاء فرصه للمحامي من رفع التماس للمحكمة العليا، ومن الجدير ذكره أن فترات المنع من الزيارة قد تتعدى30 يوماً، حيث يمكن أن يجدد قرار المنع من الزيارة بموجب قرار من قاض عسكري أي يصبح مجمل فترة المنع ستين يوماً(60).

 وفي الفترة الأخيرة، رصدت مؤسسة الضمير صدور العديد من أوامر منع لقاء المحامي بحق المعتقلين في مركز تحقيق المسكوبية، وطالت هذه الأوامر غالبية المعتقلين، حيث أصدرت سلطات الاحتلال ما يقارب 200 أمر خلال ثلاثة أشهر، وكانت هذه الأوامر تُجدد بشكلٍ دوري لفترات مختلفة تراوحت من 30 إلى حوالي 45 يوماً.

قدمت مؤسسة الضمير 22 التماسا للمحكمة العليا الإسرائيلية للطعن بأوامر منع لقاء المعتقل بمحاميه وذلك لغالبية المعتقلين الممنوعين الذين تعرضوا للتحقيق في مركز تحقيق المسكوبية، إلا أن 18 التماساً رفضوا، والأربعة المتبقيين سُحب الالتماس على أساس السماح للمحامي بزيارة المعتقل. إن الرفض بهذه الوتيرة يظهر تكامل الأدوار ما بين المحققين والقضاة فيما يتعلق بإخفاء جرائم التعذيب التي ارتكبت بحق المعتقلين، حيث أن أوامر المنع التي فرضت بحق المعتقلين أدت إلى تفرّد محققي الاحتلال بالمعتقلين واستخدام كافة الأساليب لتعذيبهم والتنكيل بهم دون توفر إمكانية لمحامي الدفاع برصد وتوثيق آثار التعذيب أثناء فترة التحقيق وملاحقة هذا الانتهاكات، ودون تمكنه من تقديم الاستشارة للمعتقل في الفترة الأهم في الاعتقال. كما ولم يستطع محامي الدفاع لقاء المعتقل الصادر بحقه أمر منع حتى في جلسات المحكمة، حيث كانت تبدأ جلسة المحكمة بحضور المحامي فقط دون وجود المعتقل، ومن ثم يخرج محامي الدفاع من الجلسة ويدخل المعتقل الممنوع دون وجود محاميه. إن هذا الإجراء يعيق عملية الدفاع حيث لا يتمكن المحامي من التحقق حول كيف تسير إجراءات التحقيق مع موكله أو معرفة الادعاءات التي طرحها المعتقل في جلسة المحكمة إلا بعد انتهاء الجلسة وبالتالي لا يستطع المحامي تقديم دفاع فعّال.

الحرمان من زيارة الأهالي والاتصال التلفوني بهم للاطمئنان عليهم أو طمأنتهم عليه واستخدام ذلك للضغط على المعتقلين والتأثير عليهم، حيث لا يتم إخبار المعتقل خلال فترة التحقيق والتي تترافق على الأغلب مع منع زيارة المحامي، بتوكيل محام له وبكونه ممنوعاً من الزيارة، حتى يشعر المعتقل بأنه معزول، وحيد بدون محامي، فيما يتم إخبار المحامي الذي يحاول زيارته أن المعتقل غير موجود، أو أنه في جلسة تحقيق هذا إذا لم يكن ممنوعاً من الزيارة.

نقل المعتقل: بالإضافة لمحاولة المخابرات الإسرائيلية الالتفاف على قرار منع الزيارة فقد يقومون بنقل المعتقل أو إبلاغ محاميه انه نقل من مركز تحقيق لآخر، في محاولة لمنع محاميه من الالتقاء به لما يمكن أن تعطيه الزيارة من دفعه معنوية للمعتقلين خاصة لأولئك الذين يعتقلون للمرة الأولى.

الادعاء بوجود المعتقل في جلسة تحقيق: قد تلجأ المخابرات الإسرائيلية في كثير من الأحيان للادعاء بوجود المعتقل في جلسة تحقيق عند طلبه للزيارة من قبل محاميه، ولا يمكن إخراجه للزيارة مما يطيل الفترة التي لا يقابل فيها المعتقل محاميه وبالتالي إضعافه معنوياً ونفسياً، فما بين أوامر المنع المباشرة من الزيارة أو النقل من مركز لآخر، أو وجوده في جلسات التحقيق أثناء طلبه للزيارة، يُحرم المعتقل من حقه الإنساني بمقابلة محاميه بما تكفله شروط المحاكمة العادلة لمن يتعرض للاحتجاز أو السجن.

الحرمان من الحق بإبلاغ الأهل فور الاعتقال أو بانتقال من مركز تحقيق لآخر

الحرمان من الحق الإنساني بالنظافة وتغيير الملابس الداخلية

أكد العديد من المعتقلين لمحامي الضمير إنهم يحرمون من تغيير الملابس الداخلية خلال فترة التحقيق. مما يخالف القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء المتعلقة بالنظافة الشخصية، والتي تنص على" ضرورة أن يوفر للمعتقلين الماء وما تتطلبه الصحة والنظافة من أدوات، وتمكين السجناء من الحفاظ على مظهر مناسب يساعدهم على احترام ذاتهم، وأن تكون جميع الثياب نظيفة وأن يحافظ عليها في حالة جيدة. ويجب تبديل الثياب الداخلية وغسلها بالوتيرة الضرورية للحفاظ على الصحة. يزود كل سجين، وفقا للعادات المحلية أو الوطنية، بسرير فردى ولوازم لهذا السرير مخصصة له وكافية، تكون نظيفة لدى تسليمه إياها، ويحافظ على لياقتها، وتستبدل في مواعيد متقاربة بالقدر الذي يحفظ نظافتها".

الحرمان من الحق بالحصول على وجبه لائقة وكافيه
نصت الاتفاقيات الدولية على ضرورة تمتع المعتقلين والمحتجزين بالاتي فيما يتعلق ب: الطعام (1) توفر الإدارة لكل سجين، في الساعات المعتادة، وجبة طعام ذات قيمة غذائية كافية للحفاظ على صحته وقواه، جيدة النوعية وحسنة الإعداد والتقديم. (2) توفر لكل سجين إمكانية الحصول على ماء صالح للشرب كلما احتاج إليه.

الحرمان من النوم 
لا زال استخدام هذا الأسلوب واردا خلال التحقيق مع المعتقل حيث يمكن لجلسات التحقيق أن تستمر لأكثر من 20 ساعة لا يترك المعتقل فيها للراحة سوى خلال فترة الغداء لأقل من نصف ساعة يتابع بعدها المحققون جولات التحقيق حيث يتناوب المحققون في جولات التحقيق على المعتقل لإفقاده تركيزه وإضعافه.

السب والشتم والتهديد بإيذاء العائلة أو اعتقال أفرادها
يتم استغلال الأهالي من قبل المحققين للضغط على المعتقلين، واعتقال احد أفراد العائلة (الزوجة، الوالدة، الوالد، الأخوة، الابن، الابنة)، وفي الفترة الأخيرة، قامت سلطات الاحتلال باستدعاء واعتقال العديد من أفراد عائلات معتقلين يخضعون للتحقيق وذلك بهدف الضغط عليهم، حيث عمد المحققون على أن يشاهد المعتقل أنه جرى اعتقال أحد أفراد عائلته. قامت سلطات الاحتلال باعتقال والدة المعتقل قسام برغوثي، بالإضافة إلى اعتقال والدة المعتقل يزن مغامس، وابنة المعتقل وليد حناتشة وابن المعتقل عبد الرازق فراج، وهؤلاء المعتقلين كانوا يخضعوا للتعذيب والتحقيق العسكري في مركز تحقيق المسكوبية، كما واستدعت سلطات الاحتلال للتحقيق والدة المعتقلَيْن أيسر وإصرار معروف، وزوجة أيسر، بالإضافة إلى والدة المعتقلة ميس أبو غوش، ووالد المعتقل أمير حزبون، بالإضافة إلى احتجاز زوجة المعتقل سامر عربيد لساعات.

 إن اتفاقية جنيف الرابعة تحرم المساس بعائلات الأسرى، كما ينص قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم(43-173) الصادر في كانون الأول عام 1988 والذي يتعلق بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن وبشكل محدد المبدأ رقم(21) حيث يحظر استغلال حالة الشخص المحتجز أو المسجون استغلالا غير لائق بغرض انتزاع اعتراف منه أو إرغامه على تجريم نفسه بأية طريقة أخرى أو الشهادة ضد أي شخص آخر.

كما ويندرج اعتقال أفراد عائلة المعتقل ضمن سياسة الاحتلال بفرض العقوبات الجماعية المحرّمة بموجب المواثيق والمعاهدات الدولية، التي تحرّم محاسبة أي شخص عن أي جريمة لم يرتكبها هو شخصياً. حيث حرّمت المواثيق والمعاهدات الدولية فرض العقوبات الجماعية بحق المدنيين، وهذا ما نصت عليه اتفاقية لاهاي الخاصة باحترام قوانين وأعراف الحرب البرية، واتفاقيتا جنيف الثالثة والرابعة. كما وأن هذه السياسة تشّكل ضرباً من ضروب التعذيب النفسي بحق المعتقل وكافة أفراد العائلة.

التعذيب والملاحقة القانونية

إن سياسة سلطات الاحتلال في تعذيب المعتقلين الفلسطينيين لانتزاع الاعترافات منهم ليست بالسياسة الحديثة، وعلى الرغم من توقيع دولة الاحتلال على اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة التي تحظر التعذيب وسوء المعاملة بشكلٍ مطلق منذ العام 1991، إلا أن سلطاتها ما زالت تمارس التعذيب بشكلٍ ممنهج وبوتيرة أعلى وأشد وهو ما تجلّى في الأشهر الأخيرة الماضية.

لقد تطرقت المحكمة العليا الإسرائيلية للتعذيب من خلال سلسلة متلاحقة من قراراتها. ففي عام 1999، في قرار رقم (5100/94)،[1] لم تمنع المحكمة التعذيب بشكلٍ مطلق، فعلى الرغم من أن القرار ادعى أن التعذيب ممنوع في القانون الإسرائيلي، إلا أنه ترك ثغرة جدية سمحت لجهاز المخابرات باستغلالها كفرصة لاستمرار ممارسة التعذيب بصورة منهجية دون مسائلة أو محاسبة، وذلك من خلال الإقرار بأن المحققين يستطيعون الادعاء أنهم اضطروا لاستخدام "الأساليب الخاصة" في حالة "القنبلة الموقوتة" وبالتالي يتمتعون بحماية دفاع "الضرورة" يوجه أي ملاحقة قانونية.

إن هذا القرار شكّل الأساس لاستمرار ممارسة التعذيب على يد محققي جهاز المخابرات بأشكال مختلفة ونطاق يعتمد على الظروف القائمة على الأرض.

لقد جاءت قرارات المحكمة العليا لاحقاً خاصة في قضية طبيش رقم (9018/17) لعام 2018[2]، لتعيد التأكيد على هذا السيناريو، وذلك من خلال إعطاء تفسير فضفاض أكثر لحالة "الضرورة" والتوضيح أن الخطر ليس بالضرورة أن يكون فوري. ازدادت ممارسة التعذيب بشكل ملحوظ وعادت لتشمل أساليب عنيفة جداً نفسياً وجسدياً لا تختلف عما ادعت المحكمة منعه في قرارها عام 1999.

إن قرارات المحكمة العليا الإسرائيلية جعلت هناك صعوبة في ملاحقة المحققين الذين يرتكبون جرائم التعذيب قانونياً واعطتهم حصانة ضد أي إجراء يمكن أن يُتخذ بحقهم، حيث قدمت مؤسسة الضمير في السنوات العشر الأخيرة، عشرات الشكاوى على التعذيب سنوياً، ولم يتم فتح تحقيق في أي منها.  الحالة الوحيدة التي تم فتح تحقيق فيها من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي، هي قضية تحرش جنسي، وتم إغلاقها دون توجيه اي اتهام ضد الجناة في هذه القضية. كما ومنذ عام 2001 تم تقديم حوالي 1200 شكوى عن التعذيب أثناء التحقيق في مراكز تحقيق الاحتلال. لكن جميع هذه الشكاوى قد تم إغلاقها دون أي إدانة.[3]

 



[1] قرار المحكمة العليا الاسرائيلية رقم (5100/94)، اللجنة العامة لمناهضة التعذيب في إسرائيل وآخرين ضد حكومة إسرائيل وآخرون، تتوفر ترجمة باللغة الإنجليزية لقرار المحكمة على الرابط التالي http://www.hamoked.org/files/2012/264_eng.pdf

[2] قرار المحكمة العليا الاسرائيلية رقم (9018/17)، فراس طبيش وآخرون. ضد النائب العام. تتوفر ترجمة باللغة الإنجليزية لقرار المحكمة على الرابط التاليhttp://stoptorture.org.il/wp-content/uploads/2017/02/F.-Tbeish-Ruling-Nov.-2018.ENG_.pdf

[3] وفقًا للجنة العامة لمناهضة التعذيب في إسرائيل (PCATI)