أصدرت الدائرة التمهيدية في المحكمة الجنائية الدولية يوم الخميس 21 نوفمبر 2024 أوامر اعتقال بحق رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير الأمن السابق يوآف غالانت، بعد رفض المحكمة للطعون التي تقدمت بها دولة الاحتلال.  

وفي 20 مايو 2024، قدم مكتب الادعاء في المحكمة الجنائية الدولية طلبات لإصدار أوامر اعتقال ضد نتنياهو وغالانت أمام الدائرة التمهيدية الأولى، واليوم وبعد مرور ستة أشهر على تقديمها، وأكثر من عام على بداية الإبادة الجماعية التي أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين، ترحب مؤسسة الضمير بإصدار أوامر الاعتقال، على الرغم من محاولات الاحتلال الضغط على المحكمة والمنظمات المؤسسات الفلسطينية التي تعمل على توثيق جرائم الاحتلال في فلسطين المحتلة.  

وقد توصل قضاة الدائرة التمهيدية في المحكمة الجنائية الدولية إلى وجود أسباب معقولة للاعتقاد بأن نتنياهو وغالانت ارتكبا جريمة الحرب المتمثلة في استخدام التجويع كوسيلة من وسائل الحرب، وجرائم ضد الإنسانية من قتل واضطهاد وأعمال لا إنسانية أخرى، باعتبارهما الجناة المباشرين الذين يعملون بالتعاون مع آخرين. 

يأتي هذا القرار في وقت فشل فيه القانون الدولي ومؤسساته في تقديم العدالة للضحايا الفلسطينيين على مدار كل العقود الماضية، ويمثل فرصة هامة لإثبات التزام العالم ومؤسسات القانون الدولي بأن حياة جميع البشر لها نفس القيمة، وهو عبارة عن فرصة حقيقية لتوفير العدالة للجرائم المرتكبة في فلسطين المحتلة، وتدعو مؤسسة الضمير جميع الدول الأطراف في نظام روما الأساسي إلى احترام هذه الأوامر القضائية والامتثال لها، واحترام تبعاتها والتزاماتها القانونية بموجب القانون الدولي وتنفيذ أوامر الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية.   

ومع أهمية هذا القرار، إلا أن  العديد من الجرائم التي ارتكبها كل من نتنياهو وغالانت لا تزال مخفية، ولا سيما الجرائم المرتكبة ضد الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، تحديدًا كافة الجرائم المرتكبة بعد السابع من أكتوبر، الأمر الذي يعزز دائرة الإفلات من العقاب، فمنذ 7 أكتوبر 2023، وثقت مؤسسة الضمير زيادة كبيرة في عدد الاعتقالات والاحتجاز التعسفي، وارتفاع كبير جدًا بممارسة العنف بحق المعتقلين والأسرى، حيث اعتقل الاحتلال منذ بداية العدوان المستمر وحرب الإبادة أكثر من 11600 فلسطيني، وتضاعف عدد الأسرى داخل سجون الاحتلال، حيث كان قد وصل عدد الأسرى في سجون الاحتلال مع بداية أكتوبر 2023 إلى نحو 5000 أسير فلسطيني، اليوم وبعد مرور عام على العدوان المستمر وصل عدد الأسرى إلى أكثر من 11000 أسيرًا فلسطينيًا، إضافة إلى ارتقاء ٤٣ أسيرًا داخل سجون الاحتلال نتيجة للتعذيب وسوء المعاملة والظروف القاسية.   

 ووثقت مؤسسة الضمير ارتفاعًا كبيرًا في الجرائم المرتكبة ضد الأسرى الفلسطينيين منذ بدأ العدوان بحق الشعب الفلسطيني، أثناء اعتقالهم ونقلهم واحتجازهم والتحقيق معهم وحتى محاكمتهم، أبرزها الضرب والاغتصاب وغيره من أشكال الاعتداءات الجنسية، والتفتيش العاري القسري، وظروف الاحتجاز اللاإنسانية، والتجويع، والعزل ، وإصدار أوامر الاعتقال الإداري التعسفي وتجديدها، وغيرها من الفظائع المرتكبة بحق الأسرى والأسيرات، التي ترتقي إلى اعتبارها جرائم حرب حسب نظام روما الأساسي.   

وتعرب مؤسسة الضمير عن قلقها بشأن ما أكده المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بخصوص أن مكتبه سيبقى منفتحًا على مبدأ "التكاملية"، حيث أن دولة الاحتلال الإسرائيلي، والتي أثبتت على مدار العقود الماضية أنها غير مستعدة للقيام بأي تحقيقات أو محاكمات جدية ضد الجنود الإسرائيليين المتهمين بارتكاب جرائم دولية أساسية، حيث أنه لا يتم محاكمة جنود الاحتلال الإسرائيليين، وضباط الشرطة، وحراس السجون، والمحققين لدى أجهزة الأمن، على الجرائم المرتكبة ضد الأسرى الفلسطينيين، وهنا تجدر الإشارة إلى أن الجهاز السياسي والتنفيذي والقضائي والإداري والعسكري لدولة الاحتلال على دراية تامة بالجرائم التي تُرتكب بحق الأسرى والمعتقلين ويستمر في تنفيذها من خلال القوانين والأوامر العسكرية، والتعديلات على القوانين، والسياسات، وبتقاعسه عن محاكمة الجناة الإسرائيليين.  

  

وفي حين أعلن مكتب المدعي العام أنه يواصل إجراء تحقيق مستقل ونزيه ويمضي قدمًا في تحقيقات إضافية في المناطق الواقعة ضمن اختصاص المحكمة، تعيد مؤسسة الضمير التأكيد على مطالبها من مكتب المدعي العام بـ: 

 

  1. أن تشمل التحقيقات الجارية التحقيق في الجرائم المتعلقة باختصاص المحكمة منذ 13 يونيو 2014 في جميع أنحاء فلسطين المحتلة، بما في ذلك جريمة الفصل العنصري.  

 

٢- أن تشمل التحقيقات التحقيق في الجرائم المرتكبة ضد الأسرى الفلسطينيين، لا سيما التعذيب، المعاملة اللاإنسانية، القتل المتعمد، الحرمان المتعمد من الحق في محاكمة عادلة، الاغتصاب والعنف الجنسي، والترحيل القسري كجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، والاختفاء القسري للفلسطينيين كجريمة ضد الإنسانية.   

٣- إجراء تحقيقات جدية في الجرائم المرتكبة ضد المعتقلين الفلسطينيين، بما يشمل زيارة الأراضي الفلسطينية المحتلة — ومنها غزة — للقاء الضحايا وعائلاتهم، والتواصل المستمر مع منظمات المجتمع المدني الفلسطيني، ومقاضاة جميع الجناة الرئيسيين لوضع حد لدائرة الإفلات من العقاب. 

٤- استنادًا إلى نتائج هذه التحقيقات، تقديم طلبات لإصدار أوامر اعتقال ضد وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، والنائب في الكنيست ووزير الحرب السابق بني غانتس، ورئيس دولة الاحتللال إسحاق هرتسوغ، ورئيس مصلحة السجون الإسرائيلية السابق كاتي بيري، ورئيس مصلحة السجون الحالي رونين بار، وجميع مدراء السجون ومراكز الاعتقال.  

٥- ضمان أن تكون التحقيقات في السرعة الممكنة أن تأخذ بعين الاعتبار الطبيعة العاجلة في ظل الإبادة الجماعية المستمرة، والفصل العنصري، والاحتلال غير الشرعي، والاستعمار المفروض على فلسطين.  

  

وتدعو مؤسسة الضمير المجتمع الدولي إلى:  

  • التحقيق بشكل فعّال وملاحقة المواطنين ذوي الجنسية المزدوجة الذين انضموا إلى قوات الاحتلال الإسرائيلي.  

  • احترام الأوامر القضائية للمحكمة الجنائية الدولية والامتثال لها وتنفيذ أوامر الاعتقال الصادرة عنها.  

  • التحقيق مع مرتكبي الجرائم في فلسطين المحتلة ومعاقبتهم عن جرائمهم وفقًا لمبدأ الولاية القضائية العالمية.