شهد الشهران الماضيان بعد إتمام صفقة التبادل بين حركات المقاومة الفلسطينية والاحتلال (صفقة شاليط) بتاريخ 18/10/2011، والتي أطلق بموجبها سراح 477 أسيرا وأسيرة من أصحاب الاحكام العالية، والقدامى، زيادة في وتيرة الاعتقالات اليومية بحق ابناء شعبنا الفلسطيني، حيث لم تردع هذه الصفقة الاحتلال عن التوقف عن ممارسة سياسةالاعتقالات والانتهاكات لحقوق الاسرى والمعتقلين، وان ربما تأتي في سياق التعويض عمن افرج عنهم وليصار لاحقا الى ادراج اسماء هؤلاء الاسرى ضمن الدفعة الثانية من الصفقة
رصدت مؤسسة الضمير لرعاية الاسير وحقوق الانسان حالات الاعتقال خلال الفترة الممتدة بين 18/10-12/12/2011 اي بعد اتمام المرحلة الاولى من صفقة التبادل، وتبين ان الاحتلال قام باعتقال ما يقارب 470 شابا وشابة فلسطينية، من ضمنهم حوالي 70 طفلا قاصرا (اقل من 18 سنة)، و5 اسيرات اطلق سراح 3 منهن بعد فترة وجيزة من الاعتقال، وأُبقي على اسيرتين هن: الاسيرة آلاء الجعبة (17 عاما) من الخليل، وكانت قد اعتقلت بتاريخ 7/12/2011، والاسيرة سلوى حسان (53 عاما) من الخليل، وكانت قد اعتقلت بتاريخ 19/10/2011، ومن ضمن الاسيرات اللواتي اطلق سراحهن كانت الصحفية اسراء سلهب والتي قضت اكثر من 20 يوما في مركز تحقيق المسكوبية، هذا بالاضافة الى ان الاحتلال كان قد اختطف6 فتيات من أراضى ال48، خلال اعتصام تضامني مع الأسيرات أمام سجن هشارون ، وتم فرض حبس منزلي على 3 منهن، واطلق سراح الاخريات بعد فترة وجيزة من الاعتقال.
تركزت الاعتقالات خلال فترة اعداد التقرير في محافظتي الخليل وجنين، واستهدفت هذه الاعتقالات عشرات الناشطين منهم مدافعين عن حقوق الانسان، ومنهم ناشطين سياسيين يدعي الاحتلال انهم ينتمون للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، حيث بلغ عددهم ما يقارب 150 معتقلا، وتم اعتقالهم على شكل مجموعات واسعة، وجهت ضد بعضهم لوائح اتهام بينما صدر بحق البعض اوامر بالاعتقال الاداري.
اعتقال النواب:
خلال الفترة التي يرصدها هذا التقرير، تم اعتقال النائب في المجلس التشريعي حسن يوسف ونجله "أويس"، وصدر ضدهم اوامر بالاعتقال الاداري لمدة 6 شهور، علما ان النائب حسن يوسف كان قد اطلق سراحه بتاريخ 4/8/2011 بعد ان قضى حكما بالسجن لمدة 6 سنوات.
وعلمت الضمير فجر اليوم الاربعاء الموافق 14/12/2011، ان الاحتلال قام باعتقال النائب عن كتلة التغيبر والاصلاح د. أيمن دراغمة من منزله في مدينة رام الله، وذلك بعد مداهمة منزله وتفتيشه ومن ثم نقل الى جهة مجهولة.
وكانت محكمة الاحتلال قد اصدرت قرارا يوم 6/12/2011، يقضي بابعاد النائب المقدسي احمد عطون الى مدينة رام الله، وذلك بعد اختطافه بتاريخ 26/9/2011 من خيمة الاعتصام في مقر الصليب الاحمر في القدس، والتي كان يعتصم فيها النواب المقدسيين ضد قرارات ترحيلهم عن مدينة القدس، وقضى النائب عطون فترة اعتقاله البالغة شهرين تقريبا بمركز تحقيق المسكوبية.
كما جددت محكمة الاحتلال اوامر الاعتقال الاداري بحق 6 نواب معتقلين منذ فترات متفاوتة، حيث جدد امر الاعتقال الاداري للنائبين نايف الرجوب واحمد حاج علي لمدة 6 شهور، وللنواب محمود الرمحي وعزام سلهب وماهر بدر وعبد الرحمن زيدان لمدة 4 شهور.
هذا وقد اصدرت المحكمة قرار تجديد العزل للنائب احمد سعدات لمدة عاما كاملا بتاريخ 27/10/2011، واصدرت حكما بالسجن الفعلي على النائب الاسير جمال الطيراوي لمدة 30 عاما يوم 31/10/2011.
اعتقال الاطفال:
افاد محامو مؤسسة الضمير لرعاية الاسير وحقوق الانسان ضمن متابعاتهم المستمرة لحالات الاعتقال وخاصة الاطفال منها، انه بعد اتمام صفقة التبادل كان هناك ارتفاع في اعداد الاطفال المعتقلين، حيث زاد عدد الاطفال المعتقلين خلال الشهرين الماضيين عن 70 طفلا قاصرا (اقل من 18 عاما)، وكانت اعلى نسبة اعتقال للاطفال تركزت في منطقتي شعفاط القدس، ومخيم الدهيشة في بيت لحم، حيث تم اعتقال ما يقارب 10 اطفال من مخيم الدهيشة، و11 طفلا من شعفاط، خلال فترة الاسبوعين الماضيين، وقد ارتبطت حالات اعتقال الاطفال في شعفاط بافتتاح معبر شعفاط قبل عدة ايام، وقد افاد محامي الضمير انه تم توجيه عدة تهم للاطفال المعتقلين منها ضرب حجارة ومفرقعات على جنود الاحتلال واعتداء على شرطة الاحتلال، وبأنهم يشكلون خطورة على حياة المارة، وكان يطلق سراح هؤلاء الاطفال بكفالة مالية تتراوح من 1000-4000 شاقل، بالاضافة الى اخضاع بعضهم للحبس المنزلي، وقد ترافقت عمليات اعتقال الاطفال بانتهاكات واضحة لحقوقهم، تمثلت بعمليات الاختطاف والضرب اثناء الاعتقال، بالاضافة الى ان معظم هؤلاء الاطفال قد تم التحقيق معهم وتمديد اعتقالهم دون ان يُسمح لاهاليهم بالحضور وهذا مخالف للقوانين والتشريعات المحلية والدولية.
اعتقال واستدعاء الاسرى المحررين لمقابلة المخابرات:
قامت قوات الاحتلال باعتقال الاسير المحرر ضمن صفقة تبادل الاسرى (صفقة شاليط)، عايد خليل من قرية قفين قضاء طولكرم، وذلك بعد قضائه 22 عاما في سجون الاحتلال.
وقد واصلت مخابرات الاحتلال استدعاء الاسرى المحررين ضمن هذه الصفقة، حيث قامت بمداهمة منازل العديد منهم وسلمتهم استدعاءات لمقابلة المخابرات، ففي يوم 14/11 داهمت قوات الاحتلال منزل الاسيرين نائل وفخري البرغوثي وطلبوا منهم المقابلة في عوفر في نفس اليوم، كما ابلغت الاسيرة المحررة صمود كراجة والاسير المحرر مؤيد عبد الصمد وعبد الله ابو شلبك وعدد اخر من الاسرى المحررين بذات الطلب، وكانت المقابلات مع الاسرى المحررين بناءا على تصريحاتهم تتركز على تهديدهم من ضباط المخابرات بأنهم ليسوا بعيدين عن الاعتقال مرة اخرى وبانهم تحت المراقبة المستمرة.
طرق الاعتقال:
مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، رصدت منذ كانون ثاني 2011، انتهاج قوات الاحتلال طرق ترويعية في اعتقال المواطنين، حيث تعمد هذه القوات المشتركة بين الجيش والمخابرات على مداهمة البيوت بعد منتصف الليل، بأعداد كبيرة تجاوزت في بعض الحالات 18 جيبا عسكريا، كما حدث في اعتقالات مخيم الدهيشة/بيت لحم، ثم تعمد على تفتيش المنزل بالكامل وتحطيم وتخريب محتوياته، كما حدث عند اعتقال الاسير علاء محمود محيسن من الدهيشة، والذي اقتحمت قوات الاحتلال منزله بعد خلع الباب الرئيسي، ثم اخرجوا جميع افراد المنزل الى خارج البيت وقلبوه رأسا على عقب حسب ما افاد به اهالي الاسير. وايضا في حالة اعتقال الاسير محمد فيصل معالي (24 عاما) من الدهيشة، والذي اعتقل بتاريخ 21/11/2011 مع اخيه، وافاد الاهل للضمير ان جنود الاحتلال هددوا العائلة، وصادروا هوية الوالد لحين تسليم الابن الثالث لهم، كما اضافت العائلة بأن ضابط المخابرات اتصل على العائلة تلفونيا اكثر من مرة لتهديدها، واثناء عملية الاعتقال اعتدى الجنود على الاسير محمد بالضرب وغموا عينيه، ولم يسمحوا له بتبديل ملابسه.
وفي سعيها للضغط على الشباب الفلسطيني، تعمل قوات الاحتلال على تهديد افراد العائلة وترويعهم، ففي اكثر من حالة رصدتها الضمير يقوم جنود الاحتلال باعتقال افراد الاسرة وباعطاء باقي العائلة استدعاءات لمقابلة المخابرات، كما حدث في حالة اعتقال الشقيقين رافت فضايل (33 عام) وفايق فضايل (36 عام) من رام الله، وذلك للضغط على شقيقهم رامي فضايل من اجل ان يسلم نفسه، وتم تسليم بلاغات لمقابلة المخابرات لزوجة رامي (حنين نصار) ولوالدها (هاني نصار) مع العلم ان قوات الاحتلال قد قامت باقتحام المنزل مرتين خلال الاسبوعين الماضيين وقاموا بتخريب وتكسير بعض المحتويات في المنزل ومصادرة اجهزة خلوية .
وتجدر الاشارة الى دور القوات الخاصة الاسرائيلية في عمليات الاعتقال، حيث تقوم هذه القوات باختطاف الشبان من بيوتهم واماكن عملهم، كما في حالة اعتقال الشاب خالد نايف رمضان (30 عاما) في بداية هذا الشهر، حيث كان خالد يقوم ببعض اعمال الترميم في منزله داخل مخيم الدهيشة، حين جائته سيارة الشحن ووقفت الى جانبه ليقفز منها السائق وثلاثة اشخاص اخرين منهم يحملون عدة بناء كميزان الماء والمتر وعتلات وما شابه، ويلبسون ملابس مدنية رثة توحي انهم عمالا، وحينها توجهوا اليه وسألوه ان كان هو خالد نايفام لا، وحينما اجابهم بالايجاب انقضوا عليهم ورفع احدهم بلوزته من على بطنه ليغطوا وجهه ويتسخدمها كعصبة، فيما قفز ثلاثة اخرون - وجميعهم من المستعربين - عليه وطرحوه ارضا قبل ان ياتي عشرات من الجنود، الذين اتضح بانهم كانوا قد نصبوا كمينا في منازل مهجورة في الساعة الثالثة فجرا ومكثوا فيها حتى حان وقت عملية الوحدات الخاصة في حوالي الساعة الحادية عشر من قبل ظهر ذات اليوم، كما وتكررت هذه الطريقة في الاعتقال مع عدد من الشبان كالاسير خالد فراج وشهاب مزهر.
استشهاد مصطفى التميمي واعتقال المدافعين عن حقوق الانسان
اعلن صباح يوم السبت الموافق 10/12/2011 استشهاد الشاب مصطفى التميمي (28 عاما) من قرية النبي صالح/ رام الله،
وذلك نتيجة اصابته بجراح خطيرة بواسطة قنبلة غاز اصابته في الرأس بشكل مباشر يوم الجمعة الموافق 9/12/2011 اثر قمع الاحتلال لمسيرة القرية الأسبوعية السلمية، ضد سياسة الاستيطان وبناء جدار الضم والفصل العنصري ومصادرة الاراضي.
كما وواصلت قوات الاحتلال اعتقالاتها بحق المدافعين عن حقوق الانسان، والمتظاهرين بشكل سلمي في المسيرات الاسبوعية ضد الجدار والاستيطان ومصادرة الاراضي، في القرى التي تحدث فيها هذه المظاهرات، حيث رصدت الضمير خلال الشهرين الماضيين اعتقال شابان من قرية نعلين، و3 شبان من قرية النبي صالح، و17 شابا من قرية بيت امر، و4 شبان من قرية المعصرة، ولم يسلم هؤلاء المتظاهرين من الانتهاكات التواصلة بحقهم سواء اثناء التظاهر بالقمع والضرب والقنابل الغازية السامة، او اثناء الاعتقال بالتهديد والشتم والضرب والاسر دون مبرر.
الدفعة الثانية من صفقة التبادل:
ثمة ما يفيد من خلال المعلومات التي ترسخ من خلال وسائل الاعلام، ومن بعض الاسرى الذين تم اخبارهم من قبل ادارة مصلحة السجون، بأن الدفعة الثانية من الصفقة ستتم في الثامن عشر من الشهر الجاري، والتي من المفترض ان تضم 550 اسيرا واسيرة وفق ما تم الاتفاق عليه بين اطراف الصفقة.
تؤكد مؤسسة الضمير لرعاية الاسير وحقوق الانسان، ان قوات الاحتلال الاسرائيلي ما زالت ممعنه في استهدافها لكافة شرائح المجتمع الفلسطيني، من خلال الاعتقال والتعذيب والترويع، بهدف تحطيم الحياة المدنية والسياسية الفلسطينية، وترى في هذا تدخل سافر، واعتداء على الحريات وانتهاك لحقوق الانسان.
ولذا تطالب الضمير بأن يكون هناك ضمانات حقيقية للاسرى المحررين، تمنع اعادة اعتقالهم واستدعائهم من قبل مخابرات دولة الاحتلال، وتجدد مطالبتها للمجتمع الدولي عامة، ومؤسسات الامم المتحدة والاتحاد الاوروبي خاصة، بالتدخل السريع لمنع ووقف دولة الاحتلال من مواصلة ممارساتها والتي تعتبر جرائم حرب.
مؤسسة الضمير لرعاية الاسير وحقوق الانسان