يصادف اليوم الأحد الموافق 26/6/2013 اليوم العالمي لمناهضة التعذيب، وفي هذا اليوم تؤكد مؤسسة الضمير لرعاية الاسير وحقوق الإنسان أن التعذيب بكافة أشكاله هو جريمة لا تسقط بالتقادم، ويجب أن يحظر بشكل مطلق وتحت أي ظروف دون أي استثناء.
تعذيب الأسرى الفلسطينيين وإهانتهم ومصادرة حقوقهم كان وما زال نهج يتخذه الاحتلال منذ بداياته وظاهرة تنافي كل المعايير الدولية، فعلى الرغم حظر التعذيب واستخدام العنف الجسدي والمعاملة اللاانسانية والحاطة بالكرامة ضد الأسرى والمعتقلين دوليا، وحسب اتفاقيات ومواد واضحة النص في كل من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان واتفاقية جنيف الرابعة واتفاقية مناهضة التعذيب لعام 1984 والتي تعتبر إسرائيل طرف في كافة هذه المعاهدات وموقعة عليها، ومع ذلك تعتبر الأخيرة هي الدولة الوحيدة في العالم التي أجازت التعذيب وحاولت تشريعه وسمحت باستخدام الضغط الجسدي وبمصادقة المحكمة العليا الإسرائيلية لسنوات عديدة.
في ضوء اليوم العالمي لمناهضة التعذيب تعتبر قضية الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال ذات أهمية خاصة، فقد استشهد منذ العام 1967 (73 معتقلاً فلسطينياً) نتيجة التعذيب على يد قوات الاحتلال أثناء التحقيق.
وندرج هنا حالة الشهيد عرفات جردات (30 عاماً) الذي استشهد في تاريخ 23/2/2013 نتيجة التعذيب على يد قوات الاحتلال في اقبية التحقيق، ووفقا للطبيب الشرعي التابع للسلطة الفلسطينية "إن سبب وفاة السيد جردات هو صدمة عصبية نتيجة الألم الشديد، الذي جاء نتيجة عدة إصابات ناجمة عن التعذيب الشديد والمباشر". وكان السيد جردات، وهو أب لطفلين، قد اعتقل لمدة 7 أيام قبل أن يستشهد أثناء التحقيق معه في قسم خاص في سجن مجدو.
وفقا للقانون العسكري الإسرائيلي يمكن إخضاع المعتقل الفلسطيني للتحقيق لمدة 90 يوماً، كما يمكن منعه من لقاء المحامي لمدة 60 يوماً. وفي اغلب الحالات يتعرض المعتقل خلال فترة التحقيق لأشكال متعددة من المعاملة القاسية واللاانسانية والمهينة، سواء كانت جسدية أو نفسية.
إن أشكال التعذيب التي تطبق على الأسرى الفلسطينيين تتضمن: الضرب، والشبح، والتحقيق لساعات طويلة قد تصل لغاية 12 ساعة متواصلة، والحرمان من النوم وغيره من الحاجات الأساسية، والعزل والعزل الانفرادي، وتهديد حياة الاسير أو حياة أقاربه. وتعتبر الاعترافات المنتزعة بهذه الطرق مقبولة في محاكم الاحتلال.
إن هذه الممارسات هي انتهاك مباشر للقانون الدولي، بما في ذلك اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب (CAT)، التي صادقت عليها إسرائيل في 3 تشرين الأول عام 1991، والتي تتطلب من أي دولة منع استخدام التعذيب والممارسات المرتبطة به. وهذا الحظر مطلق وغير قابل للانتقاص ولا يسمح "بظروف استثنائية مهما كانت."
وفقاً لتوثيقات اللجنة العامة لمناهضة التعذيب، تقدم المعتقلون الفلسطينيون خلال الأعوام العشرة الأخيرة بأكثر من 700 شكوى ضد التعذيب، وبقيت هذه الشكاوى بلا تحقيق جنائي جدي وبلا محاسبة. بالإضافة إلى ذلك، يرفض العديد من الفلسطينيين الذين تعرضوا للتعذيب تقديم شكاوى بسبب عدم ثقتهم بالنظام، الأمر الذي يؤكد عملية تكامل الأدوار بين المؤسسات السياسية والقضائية التي تفضي إلى إطلاق يد المؤسسة العسكرية والأمنية في الاستمرار في تعذيب الفلسطينيين والتنكيل بهم، وتوفير الحصانة لمن يمارس التعذيب بحقهم وهذا انتهاك مباشر للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.
قام الأسيران احمد زهران (36 عاما) ومحمود زهران (36 عاما) بتاريخ 7/4/2013 بالتصريح بكافة الممارسات التي قامت بها مصلحة السجون الإسرائيلية بحقهم وذلك في محكمة عوفر العسكرية. حيث قال المعتقل احمد زهران في شهادته أمام القاضي العسكري بأنه تعرض للاغماء 3 مرات خلال التحقيق، وعانى من غثيان مستمر وتعب شديد نتيجة حرمانه من النوم وقسوة التعذيب الذي استمر لساعات طويلة. وصرح المعتقل محمود زهران بأنه تعرض لأساليب تحقيق شديدة القسوة على يد مجموعة من المحققين وأضاف بأنه تم شبحه لساعات خلال التحقيق ليلا ونهارا دون توقف.
بالرغم من هذه الأدلة الواضحة قامت المحكمة العسكرية بتمديد أوامر الاعتقال الإداري للمعتقلين احمد ومحمود زهران، كما قامت بتوفير غطاء قانوني لجهاز المخابرات الإسرائيلي في انتهاك واضح لقواعد القانون الدولي الإنساني الذي يحظر التعذيب والمعاملة القاسية واللاانسانية. علماً بأن مثل هذه القرارات توفر شيئا من الشرعية القانونية والقضائية لاستخدام أساليب التعذيب من قبل أجهزة الأمن الإسرائيلية، بما يخالف المادة 71 من اتفاقية جنيف الرابعة.
في يوم مساندة ضحايا التعذيب، لا بد من أن يلقى الضوء على ما يقارب 5000 أسيراً فلسطينياً، وما يتعرضون له من تعذيب ممنهج ومتعمد. تدعو مؤسسة الضمير الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون لتشكيل لجنة تحقيق على الفور من اجل التحقيق في أوضاع جميع الأسرى الفلسطينيين، وخاصة في التعذيب الممنهج الذي يتعرض له هؤلاء الأسرى على يد الأجهزة الأمنية ومصلحة السجون الإسرائيلية.