بتاريخ 14/7/2017، قام ثلاثة شبان فلسطينيون وهم: محمد جبارين (30 عاما)، وأحمد جبارين (20 عاما)، ومحمد جبارين ( 19عاما)، من قرية أم الفحم في الداخل المحتل بتنفيذ عملية اشتباك مسلح أسفرت عن مقتل شرطيين من شرطة الاحتلال الإسرائيلي المتواجدين على مداخل المسجد الأقصى. وأعلنت قوات الاحتلال إثر هذه العملية حالة الطوارئ القصوى، وعليه قامت بفرض عقوبات جماعية على جميع المواطنين المقدسيين وغيرهم؛ بمنعهم من الدخول للصلاة في المسجد الأقصى، إلا بعد مرورهم عبر البوابات الإلكترونية التي وضعتها قرب البوابات المؤدية إلى المسجد، في محاولة لتغيير الوضع القائم منذ العام 1967، وهو ما يرفضه المواطنون وحراس المسجد ودائرة الأوقاف الإسلامية وهيئة القضاة الشرعيين حتى هذه اللحظة، ويؤدي المواطنون الصلاة اعتراضا على ذلك خارج الحرم قرب البوابات المؤدية إلى المسجد وفي الشوارع القريبة من محيط سور البلدة القديمة بمدينة القدس، وذلك احتجاجا على تركيب البوابات الإلكترونية ورفضا لتمرير سياسة تفتيش المصلين عبر هذه البوابات عند دخولهم الأقصى. وتواصل قوات الاحتلال، فرض الإغلاق على البلدة القديمة بمدينة القدس وفي محيط المسجد الأقصى، كما أقامت الحواجز على مداخلها، ومنعت المواطنين ممن لا تشير هوياتهم بأن عنوانهم البلدة القديمة من الدخول إليها في ساعات المساء. وقد طالت سياسة العقوبات الجماعية التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي وحالة القصاص الجماعي مختلف أطياف الشعب الفلسطيني وينتهك الاحتلال بممارساته هذه معظم الحقوق الأساسية  المكفولة دولياً وغير القابلة للتجزئة أو التنازل، أهمها الحق في حرية العبادة، والحق في حرية الحركة والتنقل، والحق في الخصوصية وسلامة الجسد، وحق تقرير المصير.  

حقائق بالأرقام/ القدس

وصل عدد حالات الاعتقال بالقدس منذ 14/7/2017 وحتى 25/7/2017 حوالي 160 حالة اعتقال، منهم حوالي 30 طفلاً  تقل أعمارهم عن 18 عاماً. وتركزت الاعتقالات في منطقة البلدة القديمة وباب الأسباط والطور والعيسوية، كما سجل الهلال الأحمر منذ اندلاع المواجهات في 14/7/2017 حوالي 400 إصابة ما بين حالات اختناق وإصابات بالرصاص الحي أو المطاط.

اعتقال قيادات سياسية وميدانية في القدس

بتاريخ 20/7، اعتقلت قوات الاحتلال 15 شخصا من القيادات السياسية والميدانية بالقدس، منهم حاتم عبد القادر، عدنان غيث، ناصر هدمي، ناصر عجاج،  محمد أبو الهوى وغيرهم، وقد تم الإفراج عنهم لاحقا بشروط، وهي: الإبعاد عن المسجد الأقصى، المنع  من إجراء لقاءات صحفية، المنع من الاشتراك في خطابات و مظاهرات، ومنعهم من  التواصل مع مواطنين جرى اعتقالهم أثناء المواجهات، بالإضافة إلى كفالة طرف ثالث. كما تم اعتقال الناشط المقدسي ورئيس لجنة أهالي الأسرى في القدس أمجد أبو عصب والتحقيق معه لمدة أربع ساعات في مركز تحقيق المسكوبية، وأفرج عنه لاحقا بشروط مشابه. كما قامت قوات الاحتلال باعتقال والد الشهيد محمد أبو غنام من منزله بحي الطور في القدس، بتاريخ 24/7/2017 وأطلق سراحه اليوم صباحاً، إضافة إلى اعتقال ابن خال الشهيد اسماعيل أبو غنام والذي تم تمديد اعتقاله حتى يوم الغد 26/7/2017.

اعتقالات بحق الأطفال

بلغ عدد الأطفال الذين تم اعتقالهم في القدس منذ 14/7/2017 وحتى اليوم حوالي 30 طفلا، وقام الاحتلال فجر الأحد الموافق 23/7/2017 باعتقال فتاتين قاصرتين، وهم: الطفلة تمارا ابو لبن (16 عاماً) من بلدة الطور، والطفلة آلاء الرويضي (16 عاماً) من سلوان في القدس، واللتين تم تمديد اعتقالهما ولم يفرج عنهما بعد، حيث يدعي الاحتلال بأن الاعتقال جرى على خلفية منشوراتهما على شبكة التواصل الاجتماعي "فيسبوك". وقد تعرض عدد من الأطفال للضرب والاعتداء أثناء عملية اعتقالهم.  ويخالف الاحتلال بذلك المبدأ الثاني من اتفاقية حقوق الطفل، المادة 37 (ب)، والتي تقضي بمراعاة المصلحة الفضلى للطفل، وعدم حرمانه من حريته بصورة غير قانونية وتعسفية، وأن يكون الاعتقال الملجأ الأخير ولأقصر فترة زمنية ممكنة.

الاعتداء على الصحفيين أثناء تأدية عملهم:

اعتدت قوات الاحتلال الإسرائيلي على الصحفيين خلال عملهم، فمنهم من تم الاعتداء عليه بالضرب، ومنهم من تم منعه من القيام بعمله الصحفي، ومنهم من صادرت معداته الصحفية.  نذكر منهم المصور الصحفي سنان ابو ميزر مصور رويتر، والمصور الصحفي عفيف عميرة مصور وكالة الأنباء الفلسطينية وفا، وطاقم سكاي نيوز العربية وهم: المراسلة شيرين يونس، المصور محمد أبو هدوان، والتقني معمر ياسين، والمصور الصحفي رامي الخطيب من طاقم تلفزيون فلسطين، بالإضافة إلى مراسلة الحياة الجديدة في القدس.

الاعتداءات الوحشية أثناء عملية الاعتقال والإعدامات خارج نطاق القانون

لوحظ خلال الأحداث المندلعة خصوصاً بعد انتهاء صلاة يوم الجمعة تعمد قوات الاحتلال استخدام القوة المفرطة أثناء عملية الاعتقال، وبصورة عشوائية وجماعية وتعسفية. وقد قامت وحدات من القوات الخاصة والمستعربين بالاعتداء بالضرب المبرح على عدد من الشبان والتنكيل بهم في حي وادي الجوز وذلك أثناء عملية اعتقالهم وهم: معتز سعيدة، لؤي جابر، أمير غيث، ابراهيم أبو عرفة، صهيب أبو سنينة وسعد كيانة. وتركز الضرب على منطقة الرأس باستخدام المسدسات مما أدى إلى إصابات بالغة في صفوف الشبان.  

وبحسب شهود عيان خلال المواجهات المندلعة في القدس، تعمدت قوات الاحتلال استخدام قنابل الغاز المسيل للدموع، وقنابل الصوت، والأعيرة المطاطية، ورش المصلين بالمياه العادمة، كذلك استخدام الرصاص الحي، حيث سقط الشهيد محمد محمود شرف 17 عاما من رأس العامود جراء إصابته بالرصاص الحي من قبل مستوطن بلباسه المدني وسلاحه الشخصي وكان متواجد على إحدى أسطح البيوت في حي رأس العامود.

وقد وصل عدد الشهداء منذ 14/7/2017 وحتى 25/7/2017 إلى 11 شهيد، وهو ما يشير إلى استمرار الاحتلال بسياسة الإعدامات الميدانية، وتعمد قوات الاحتلال الإسرائيلي استخدام القوة المميتة ضد الفلسطينيين كخيار دفاعي أول، وليس كما هو مفروض عليها دولياً ومحلياً باستخدامها كملجأ أخير، وتشكل حالات الإعدامات والقتل القصد جريمة حرب بموجب القانون الدولي، فبحسب المادة 8 الفقرة الثانية (أ)/1 من نظام روما الأساسي، تم اعتبار القتل العمد جريمة حرب، وعلى الاحتلال أن يتحمل مسؤوليته كاملة ضمن هذا السياق من قيامه بجرائم حرب بحق الشعب الفلسطيني ككل.

 

من أروقة محكمة الصلح في القدس/ محامي مؤسسة الضمير يروي شهادات المعتقلين

السبت 22/7/2017 محكمة الصلح/ المحامي بلال نعامنة/ مؤسسة الضمير مثلت مؤسسة الضمير الشاب علي أبو سنية من سلوان 19 عاما، والذي اعتقل يوم الجمعة في شارع صلاح الدين في القدس أثناء تأديته لصلاة الجمعة مع آلاف من المصلين منهم شيوخ وأطفال، بعد الصلاة بدأت قوات الاحتلال بالاعتداء على المواطنين، وهو بدوره توجه نحو  المقبرة للاحتماء من قنابل الغاز والصوت والرصاص، ثم خرج إلى سطح مبنى يتواجد عليه الصحافة والإسعاف. بعدها بدأ يبحث عن والده وأخيه الذين تواجدا في الصلاة، وفجأة، هجم عليه ثلاثة أفراد من قوات حرس الحدود، حاول علي أن يحمي رأسه بيديه ونزل أرضا لحماية رأسه، عندها قام أحد الجنود بوضع قدمه على رقبته ووجهه والضغط عليها وضرب منطقة الرقبة والوجه، وبحسب المحامي فان علامات الضرب ظاهرة عليه، ورافق عملية الضرب وابل من الشتائم والإهانات. أثناء وجود محامي مؤسسة الضمير في قاعة محكمة الصلح في القدس، تواجد حوالي 20 معتقلا، وكانت معظم الجلسات من أجل تمديد اعتقالهم لاستكمال التحقيق، وتعرضوا جميعا إلى اعتداءات بالضرب أثناء الاعتقال، فأحدهم كان يعاني من كسور في القدم، وآخر كانت عينه معصبة جراء الضرب المبرح، وبدت علامات الضرب واضحة على وجوههم ومعظم أنحاء جسدهم.

الاعتداءات داخل المستشفيات

لم تتوانَ قوات الاحتلال عن تجاوز جميع الخطوط الحمراء لتصل إلى ملاحقة الفلسطينيين المدنيين العزل حتى في غرف المستشفيات، محاولة بذلك اعتقال الشبان المصابين أو خطف جثث الشهداء بغرض احتجازهم. وثق الباحث الميداني لمؤسسة الضمير بالقدس تفاصيل اقتحام مستشفى المقاصد، وذلك بعد استشهاد الشاب محمد حسن أبو غنام 20 عاما، والذي استشهد في مواجهات في حي الطور بمدينة القدس، بعد أن أطلق حرس الحدود النار الحي باتجاهه مما أدى إلى استشهاده، ونقله على الفور إلى مستشفى المقاصد. وبعد دقائق، اقتحم مئات من أفراد الوحدات الخاصة الإسرائيلية وضباط حرس الحدود المستشفى، وأطلقوا قنابل الصوت والغاز على المواطنين المتواجدين في محيطه، من أجل تفريق الناس ومصادرة الجثمان واحتجازه، حيث اقتحمت القوات الخاصة قسم الطوارئ، واعتدت على الأطباء المتواجدين بالضرب، وحاولوا مصادرة جثمان الشهيد، إلا أن العدد الكبير للمواطنين (حوالي 300 شابا) حال دون وصولهم إلى الجثمان. وخلال هذه الهجمة أصيب العديد من المواطنين المتواجدين في محيط  المستشفى، إضافة إلى اعتقال ثلاثة شبان. وتعتبر سياسة احتجاز الجثامين التي تنتهجها سلطات الاحتلال سياسة عقاب جماعي تستهدف عوائل الشهداء والمجتمع الفلسطيني ككل، وهي ممارسات منافية لجميع القيم والأعراف والقوانين المحلية والدولية، كما تعدّ إهانة للمعتقدات الدينية للمجتمع الفلسطيني، ومخالفة للمواد 27 و33 من اتفاقية جنيف الرابعة، والبروتوكول الإضافي الأول الملحق باتفاقيات جنيف.

وقائع وحقائق بالأرقام / الضفة الغربية

تم رصد 111 حالة اعتقال من تاريخ 14/7/2017 حتى صباح يوم 25/7/2017، من مناطق مختلفة في الضفة الغربية، وطالت هذه الاعتقالات جميع فئات الشعب الفلسطيني من أطفال وفتيات وطلبة جامعات وكبار بالسن، بالإضافة إلى أعضاء في المجلس التشريعي، مثل اعتقال النائب عمر عبد الرازق. وتمثلت أبرز سياسات الاحتلال بالاقتحامات في ساعات الفجر الأولى لمعظم مدن ومناطق الأراضي الفلسطينية، واقتحام للبيوت وتفتيشات وتنكيل بعوائل  المعتقلين أثناء مداهمة المنازل، وإغلاق عددا من مداخل المدن والقرى الفلسطينية من خلال حواجز وسواتر ترابية، والاعتداء على المعتقلين أثناء عملية الاعتقال، بالإضافة إلى اقتحام مراكز طبية ومستشفيات، كاقتحام مستشفى الخليل الحكومي وتفتيش قسم الكلى فيه.

اقتحامات وحصار قرية كوبر غرب رام الله منذ 22/7/2017 وحتى اليوم، بعد عملية "مستوطنة حلميش" التي نفذها الشاب  عمر عبد الجليل العبد (٢٠ عاماً) من سكان القرية والتي أسفرت عن مقتل 3 مستوطنين

يعيش أهالي قرية كوبر حالة من الحصار والتنكيل اليومي، حيث تقوم قوات الاحتلال باقتحام القرية بشكل يومي منذ ساعات الفجر بعشرات الآليات، ومئات من الجنود المشاة والكلاب البوليسية والجرافات. وقام جنود الاحتلال باعتقال شقيق منفذ العملية ووالدته، ومداهمة منزلهم أكثر من مرة، إضافة إلى مداهمة عشرات المنازل في القرية، وإغلاق المدخل الرئيسي "الجنوبي" للقرية بالسواتر الترابية بعد حفر الشارع، ووضع حاجز على الطريق الشرقي للقرية الواصل بينها وبين قرية برهام، ونصب خيمة للجنود يعسكرون فيها على مدخل القرية. وقد سجلت حوالي ١٥ إصابة بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط من قرية كوبر والقرى المجاورة، وتم إطلاق وابل من الرصاص الحي وقنابل الصوت والغاز خلال المواجهات على المواطنين والمنازل، وما زال حصار القرية مستمرا من خلال إغلاق مداخلها بالسواتر الترابية والحواجز. إن الحصار المفروض على قرية كوبر والتضييقات على أهلها، والحواجز المقامة والسواتر الترابية، كذلك الاقتحامات المتكررة لمنازل المواطنين والعبث بمحتوياتها وإفزاع الأطفال، هي جزء لا يتجزأ من سياسة العقاب الجماعي التي تمارسها قوات وسلطات الاحتلال، وهي  كما ذكر سابقاً مخالفة بشكل أساسي للمواد (33) و(34) من اتفاقية جنيف الرابعة. وعليه فان الاحتلال بممارساته يقوم بالاقتصاص من جميع أهالي البلدة، وتعطيل حياتهم، وفرض ظروف عصيبة على جميع المواطنين من نساء وأطفال وشيوخ.