اعتقلت قوات الاحتلال أكثر من (5500) فلسطيني/ة من الأرض الفلسطينية المحتلة، خلال عام 2019؛ من بينهم (889) طفلاً، و(128) من النساء على الأقل.

وتشير مؤسسات الأسرى وحقوق الإنسان (نادي الأسير الفلسطيني، مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، هيئة شؤون الأسرى)؛ ضمن ورقة حقائق أصدرتها اليوم الاثنين، إلى أن عدد الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال حتّى تاريخ إعداد الورقة، بلغ  قرابة (5000)، منهم (40) أسيرة، فيما بلغ عدد المعتقلين الأطفال في سجون الاحتلال قرابة (200) طفل، ووصل عدد المعتقلين الإداريين إلى نحو (450).

وفيما يلي تسليط على واقع الأسرى في معتقلات الاحتلال، وأبرز السياسات والإجراءات التي مارستها سلطات الاحتلال بحقهم خلال عام 2019.

 

 

  1. التعذيب سياسة مستمرة يمارسها الاحتلال بحق المعتقلين

استمرت قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال عام 2019 في انتهاج التعذيب كأداة للانتقام من الأسرى وسلب إنسانيتهم، والأهم الضغط عليهم من أجل الحصول على اعترافات خلال فترة التحقيق، ووفقاً للمتابعة فإن 95% من المعتقلين يتعرضون للتعذيب، وذلك منذ لحظة الاعتقال، مرورًا بالتحقيق، وحتى بعد الزّج بهم في المعتقلات.

ومن أشكال التعذيب المُستخدمة في التحقيق، الحرمان من النوم عن طريق جلسات تحقيق مستمرة تصل إلى 20 ساعة، تقييد المعتقل أثناء فترة التحقيق، شد القيود لمنع الدورة الدموية من الوصول لليدين والقدمين، الضرب والصفع والركل والإساءة اللفظية والإذلال المتعمد،  بالإضافة إلى التهديد باعتقال أحد أفراد أسرة المعتقل، أو التهديد بالاعتداء الجنسي على المعتقل أو أحد أفراد أسرته، أو بهدم المنازل أو بالقتل، والحرمان من استخدام المراحيض، ومن الاستحمام أو تغيير الملابس لأيام أو أسابيع، والتعرض للبرد الشديد أو الحرارة، والتعرض للضوضاء بشكل متواصل، والإهانات والشتم.

وهناك أساليب أخرى تندرج تحت ما يسمى بالتحقيق "العسكري": وهي أساليب تستخدم في حالات تسمى "القنبلة الموقوتة" ومبررة قانونياً لدى الاحتلال تحت شعار "ضرورة الدفاع" ومنها: الشبح لفترات طويلة، حيث يتم إجبار المعتقل على الانحناء إلى الوراء فوق المقعد أو الشبح بأسلوب "الموزة": وهو ثني الظهر بشكل معاكس للجسد، والكرسي الوهمي والقرفصاء والوقوف لفترات طويلة مع ثني الركب وإسناد الظهر على الحائط، كما يتم استخدام أسلوب الضغط الشديد على مختلف أجزاء الجسم، بالإضافة إلى الهز العنيف والخنق بعدة وسائل وغيرها.

كما يوضع المعتقل لفترات طويلة في العزل في زنازين صغيرة خالية من النوافذ وباردة جداً، ويحرم من النوم ومن الحق في الحصول على أدوات النظافة الأساسية، والطعام والشراب النظيفين، وتسبب هذا النوع من التحقيق بقتل العشرات من الأسرى، حيث قتل الاحتلال (73) أسيراً بالتعذيب منذ عام 1967.

وعلى مدار عام 2019 وردت عشرات الشهادات لمعتقلين تعرضوا للتعذيب الشديد كان أشدها على الأسرى الذين جرى اعتقالهم بعد شهر آب/ أغسطس، وكانت أبرز تلك الحالات الأسير سامر العربيد.

 

 

 

 

*حالة الأسير سامر العربيد

الأسير "سامر عربيد"، (44 عامًا) اعتقلته قوات خاصة من أمام مكان عمله صباح يوم الأربعاء 25/ 9/ 2019، عندما كان برفقة زوجته، حيث تعرض للضرب بالأسلحة. 

ومنذ لحظة اعتقاله، منعت قوات الاحتلال محاميه من زيارته والاطمئنان عليه، وبعد يومين من اعتقاله في تاريخ 27/ 9/2019 ، وصل سامر إلى المستشفى بحالة فقدان للوعي، وكسور في 11 ضلعاً بالقفص الصدري، ورضوض وآثار ضرب في كافة أنحاء جسده، وفشل كلوي حاد، ولخطورة وضعه الصحي تم تنويمه وربطه بأجهزة التنفس بسبب شدة الألم الذي كان يعاني منه، وفي تاريخ 25/ 10/ 2019  نشرت صحيفة " معاريف" الإسرائيلية أن سامر تعرض لاستنشاق غاز داخل غرفته في مستشفى "هداسا" الإسرائيلي، نتيجة لإطلاق الغاز من قبل أحد السجانين المرافقين له داخل الغرفة. علماً أنه كان وما يزال في وضع صحي صعب، وأخفت قوات الاحتلال هذا الأمر عن محامي سامر، وعائلته وتم منع المحامي من زيارته خلال تلك الفترة لأسباب لم توضحها المحكمة للمحامي.

 

 

من الجدير بالذكر أن الممارسات العنيفة وغير المشروعة التي تُمارس ضد المعتقل في غرف التحقيق تتعارض بشكل مباشر مع القانون الدولي، بما في ذلك المادة 2 (1) من اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، التي وقعت عليها إسرائيل في 3 تشرين الأول / أكتوبر 1991، والتي تقتضي من أي دولة طرف أن تمنع استخدام التعذيب والممارسات المرتبطة به.

  1. الاعتقال الإداري سياسة ممنهجة ومستمرة لدى الاحتلال

تستمر سلطات الاحتلال الإسرائيلي بانتهاج سياسة الاعتقال الإداري بحق أبناء الشعب الفلسطيني منذ عام 1967م، إلى يومنا هذا، فخلال عام 2019، أصدرت (1035) أمر اعتقال إداري.

وتلجأ قوات الاحتلال الإسرائيلي لسياسة "الاعتقال الإداري" من أجل اعتقال المدنيين الفلسطينيين دون تهمة محددة أو محاكمة، وحتى نهاية عام 2019 يقبع حوالي (450) معتقل/ة إداري/ة في سجون الاحتلال منهم (4) أطفال و(4) نساء كان آخرها إصدار أمري اعتقال إداري خلال شهر كانون الأول- ديسمبر، بحق كل من الصحفية بشرى الطويل، والطالبة في جامعة بيرزيت شذى حسن.

وتُمارس قوات الاحتلال الإسرائيلي الاعتقال الإداري من خلال إصدار الحاكم العسكري أوامر اعتقال تتراوح مدتها من شهر واحد إلى ستة أشهر، قابلة للتجديد دون تحديد عدد مرات التجديد، وتصدر أوامر الاعتقال بناء على معلومات سرّية، ولا يحق للمعتقل أو محاميه الاطلاع عليها، وعادة تُستخدم في حال عدم وجود دليل كافٍ بموجب الأوامر العسكرية التي فرضها الاحتلال على الضفة الغربية، لاعتقال المواطنين الفلسطينيين وتقديمهم للمحاكمة، وهذا يُعتبر مسًا جوهريًا في حق المعتقل في معرفة التُهم الموجهة له، والتي تُعتبر أحد ركائز المحاكمات العادلة.

فبعد أن كان عدد المعتقلين الإداريين ما قبل الانتفاضة الثانية (12) معتقلاً إدارياً، وصل عددهم مع بداية عام 2003 إلى ألف معتقل، مما يؤكد أن الاحتلال يستخدم الاعتقال الإداري، كنوع من العقوبات الجماعية على مقاومة الاحتلال المكفولة للشعب الفلسطيني حسب المعايير الدولية.

ويعتبر الاعتقال الإداري بالصورة التي تمارسها دول الاحتلال غير قانوني واعتقال تعسفي، فبحسب ما جاء في القانون الدولي "إن الحبس الإداري لا يتم إلا إذا كان هناك خطر حقيقي يهدد الأمن القومي للدولة"، وهو بذلك لا يمكن أن يكون غير محدود ولفترة زمنية طويلة.

أوامر الاعتقال الإداري

 

 

  1. أكثر من (50) أسيرًا نفذوا إضرابات عن الطعام رفضًا لسياسات الاحتلال

لقد دفعت الإجراءات القمعية هذه إلى ذهاب الأسرى إلى مواجهة السّجان بالإضراب عن الطعام، فقد خاض أكثر من (50) أسيرًا إضرابًا عن الطعام، رفضاً لسياسات إدارة المعتقلات ومخابرات الاحتلال "الشاباك"، وشكلت قضية الاعتقال الإداري، القضية الأبرز التي واجهها الأسرى، إضافة إلى الإهمال الطبي، والعزل، والنقل التعسفي وعمليات القمع والتعذيب في مراكز التحقيق.

وبالمقارنة مع العام الماضي نجد أن تصاعدًا ملحوظًا فرضته الإضرابات الذاتية، وجلُّ من خاض الإضرابات هم أسرى سابقون قضوا سنوات في معتقلات الاحتلال معظمها في الاعتقال الإداري، ومنهم من خاض أكثر من إضراب على مدار سنوات اعتقاله.

واستمرت إدارة معتقلات الاحتلال بممارسة جملة من الإجراءات التنكيلية والانتقامية بحق الأسرى المضربين، والتي تُشكل جزءاً من السياسات الممنهجة، في محاولة لكسر خطوة الإضراب أبرزها: حرمانهم من زيارة العائلة، وعرقلة تواصل المحامين معهم، ونقلهم المتكرر من معتقل إلى آخر، وعزلهم في زنازين لا تصلح للعيش الآدمي، وقيام السّجانين بمضايقات على مدار الساعة، عدا عن جملة من الإجراءات التي تتخذها بعد نقلهم إلى المستشفيات المدنية، منها استمرار تقييدهم بالسرير بوضعية تسبب لهم المزيد من الأوجاع.

وتعمدت أجهزة الاحتلال المماطلة بالاستجابة لمطالب الأسرى المضربين، لإيصالهم لأوضاع صحية خطيرة، يصعب على الأسير مواجهتها لاحقًا وتؤثر على مصيره.

وشكلت المحاكم العسكرية للاحتلال الأداة الأساسية في ترسيخ سياسة الاعتقال الإداري، وممارسة عملية انتقام إضافية، عبر تنفيذها قرارات مخابرات الاحتلال "الشاباك"، وهذا ما يمكن قراءته عبر كافة القرارات التي صدرت عنها بدرجاتها المختلفة بحق الأسرى المضربين.

ونجد أن غالبية الأسرى الذين خاضوا إضرابات ضد اعتقالهم الإداري، قد علقوا، بعد وعود أو اتفاقات واضحة بتحديد سقف اعتقالاتهم الإدارية.

حالة الأسير أحمد زهران: إضرابان في عام واحد

نفذ الأسير أحمد زهران (44 عامًا) من بلدة دير أبو مشعل، إضرابين عن الطعام ضد اعتقاله الإداري، خلال عام 2019، وكان الإضراب الأول في شهر آذار/ مارس واستمر لمدة (39) يومًا، علقه بناءً على وعود بالإفراج عنه، إلا أن إدارة معتقلات الاحتلال وقبل موعد الإفراج عنه أبلغته أن أمراً إدارياً جديداً سيصدر بحقه، الأمر الذي دفع بالأسير إلى استئناف خطوته في شهر أيلول/ سبتمبر 2019 وهو يواصل الإضراب حتى إصدار هذا التقرير.

وخلال توجهه إلى محاكم الاحتلال العسكرية، فقد كانت المحكمة تنفذ فقط أوامر جهاز "الشاباك"، فبعد صدور الأمر الإداري الأخير ومدته أربعة شهور، ثبتته على كامل المدة، وما تزال تُماطل في الرد على الاستئناف المقدم باسم الأسير ضد قرار التثبيت، من خلال إدعاء النيابة أنها تحاول تقديم بيانات جديدة بحقه، حيث تعرض الأسير زهران إلى التحقيق مؤخرًا رغم  مواصلته الإضراب.

 
  1. خطوات نضالية جماعية نفذها الأسرى منها الإضراب عن الطعام

نفذ الأسرى في سجون الاحتلال خطوات نضالية ضد سياسات الاحتلال بأجهزته المختلفة، وكان أبرز هذه المعارك ضد أجهزة التشويش التي نصبتها إدارة معتقلات الاحتلال بقرار سياسي، إضافة إلى مطالبة الأسرى بتشغيل الهواتف العمومية، الذي شكل بالأصل مطالباً تاريخياً في إضرابات الحركة الأسيرة.

 وكان جزء من الأهداف الأساسية للخطوات النضالية، الرد على عمليات القمع التي تصاعدت وتيرتها منذ مطلع عام 2019، وفيها أُصيب العشرات من الأسرى بإصابات، منها ما وصفت بالبليغة، وكانت أشدها في معتقلي "عوفر، والنقب".

وكانت أبرز هذه المعارك في شهر نيسان/ أبريل 2019، حيث نفذ الأسرى خطوات نضالية تدريجية، وكان جزء منها خوض العشرات من الأسرى إضراب عن الطعام، وتلا ذلك إضرابات إسنادية جماعية نفذها العشرات من الأسرى مع مجموعة من الأسرى الإداريين الذي خاضوا إضرابات ذاتية.

  1. شهداء الحركة الأسيرة عام 2019

 قتل الاحتلال الإسرائيلي خمسة أسرى منذ مطلع العام 2019 في سجونه، وذلك عبر أدوات التعذيب الممنهجة وسياسات القتل البطيء التي نفذها على مدار سنوات بحقهم، سواء من خلال استخدام الحق بالعلاج كأداة لقتلهم، عبر المماطلة في تقديمه أو حرمانهم منه، أو من خلال التعذيب في فترة التحقيق واحتجازهم في ظروف قاسية، وكذلك عبر إطلاق النار المباشر عليهم أثناء الاعتقال، ليرتفع عدد شهداء الحركة الأسيرة منذ عام 1967 إلى (222) شهيداً.

وكان أول الشهداء الأسرى خلال 2019، الأسير فارس بارود من غزة، والذي قتله الاحتلال على مدار (28) عامًا من الاعتقال بشكل بطيء، عبر جملة من أدوات التعذيب الممنهجة منها: احتجازه في العزل لسنوات طويلة داخل زنازين لا تصلح للعيش الآدمي، والتي تسببت بإصابته بعدة أمراض، رافقها الإهمال الطبي المتعمد وهو جزء أساس من أدوات التعذيب، وأدت بالنهاية إلى استشهاده في تاريخ السادس من شباط/ فبراير 2019، علمًا أن الأسير بارود من الأسرى القدامى المعتقلين قبل توقيع اتفاقية أوسلو، ورفض الاحتلال الإفراج عنه، وهو من غزة اعتقل عام 1991م، ومحكوم بالسجن المؤبد و(35) عامًا.

وفي 27 نيسان/ أبريل 2019  أطلق الاحتلال النار على الشاب عمر عوني يونس (20 عامًا) من بلدة سنيريا قضاء قلقيلية، وأصابه بجروح خطيرة، وقام باعتقاله وأبقى على احتجازه لمدة أسبوع في مستشفى "بيلنسون" الإسرائيلي، حيث مدد اعتقاله خلال وجوده في المستشفى، ولم يسمح لعائلته بزيارته، إلى أن أُعلن عن استشهاده.

وفي تاريخ 16 تموز/ يوليو 2019 اُستشهد المعتقل نصار ماجد طقاطقة (31 عامًا) من بلدة بيت فجار قضاء بيت لحم، بعد تعرضه للتعذيب في مركزي تحقيق "المسكوبية" و"بيتح تكفا" من قبل المحققين، وأُصيب نتيجة لظروف التحقيق والاحتجاز القاسية بالتهاب رئوي حاد، رافقه إهمال طبي متعمد كجزء من التعذيب، أدى إلى استشهاده في معتقل "نيتسان الرملة".

وفي تاريخ الثامن من أيلول/ سبتمبر 2019، اُستشهد الأسير بسام السايح (46 عامًا) من محافظة نابلس، بعد تعرضه لعملية قتل بطيء استمرت منذ اعتقاله عام 2015، حيث اعتقله الاحتلال وهو مصاب بالسرطان، وتفاقم مرضه جراء تعرضه للتحقيق والتعذيب الشديد، حتى أُعلن عن استشهاده، علمًا أنه بقي محتجزاً معظم فترة اعتقاله فيما يسمى بمعتقل "عيادة الرملة" والذي يطلق عليها الأسرى "المسلخ".

وفي تاريخ 26 تشرين الثاني/ نوفمبر 2019 اُستشهد الأسير سامي أبو دياك (36 عامًا)، بعد عملية قتل بطيء استمرت منذ عام 2015، حيث تعرض لخطأ طبي عقب خضوعه لعملية جراحية في مستشفى "سوروكا" الإسرائيلي، وتم استئصال جزءاً من أمعائه، وأُصيب جرّاء نقله المتكرر عبر ما تسمى بعربة "البوسطة" - التي تُمثل للأسرى رحلة عذاب أخرى-  بتسمم في جسده وفشل كلوي ورئوي، وعقب ذلك خضع  لثلاث عمليات جراحية، وبقي تحت تأثير المخدر لمدة شهر موصولاً بأجهزة التنفس الاصطناعي، إلى أن ثبت لاحقاً إصابته بالسرطان.

يُشار إلى أن الشهيد أبو دياك من بلدة سيلة الظهر في محافظة جنين، اعتقله الاحتلال في تاريخ 17 تموز / يوليو عام 2002م، بتهمة مقاومة الاحتلال، وحُكم عليه بالسّجن المؤبد ثلاث مرات، و(30) عامًا، وله شقيق آخر أسير وهو سامر أبو دياك محكوم بالسّجن مدى الحياة، حيث رافقه طوال سنوات مرضه فيما تسمى بمعتقل "عيادة الرملة" لرعايته.

وتواصل سلطات الاحتلال احتجاز جثامين أربعة أسرى شهداء في الثلاجات وهم: الأسير عزيز عويسات (53 عامًا) وهو من جبل المكبر في القدس اُستشهد عام 2018 نتيجة للتعذيب الشديد الذي تعرض له على يد قوات "النحشون"، إضافة إلى الأسرى  فارس بارود ونصار طقاطقة وبسام السايح.

  1. سياسة الإهمال الطبي المتعمد جزء من أدوات التعذيب

وصل عدد الأسرى المرضى في سجون الاحتلال، إلى أكثر من (700) معتقل، من بينهم على الأقل عشرة أسرى يعانون من مرض السرطان، ومنهم أكثر من (200) حالة يعانون من أمراض مزمنة، وتُشير متابعات المؤسسات، إلى أن سلطات الاحتلال استمرت خلال عام 2019 في نهج سياسة الإهمال الطبي بحق الأسرى المرضى أو الجرحى، هذا بالإضافة إلى سوء المعاملة التي يتعرضون لها، على الرغم من الحالة الصحية المتدهورة التي يعانون منها، وذلك من خلال الاعتداء عليهم وتكبيلهم ونقلهم عبر عربات "البوسطة" دون مراعاة لحالاتهم الصحية، كما يتم حرمانهم من العلاج وإجراء الفحوصات، وتشخيص الأمراض لفترات طويلة تصل لسنوات.

هذا ويكتفي الأطباء بتزويد الأسرى المرضى الذين يلجؤون إليهم بالمسكّنات وتبدأ غالبًا المتابعة الصحية الجدية بعد أن يكون المرض قد استفحل في أجسادهم، وتتمثل أبرز سياسات الإهمال الطبي: حرمان الأسير من العلاج أو المماطلة في تقديمه، والكشف المتأخر عن المرض، بسبب المماطلة في إجراء الفحوص الطبية أو النقل إلى المستشفيات، فهناك العشرات من الأسرى ينتظرون منذ سنوات إجراء عمليات جراحية لهم، وبعضهم وصل إلى مرحلة يصعب فيها تقديم العلاج له، عدا عن ظروف الاحتجاز التي لا تتوفر فيها أدنى الشروط الصحية للأسرى، والتي تسببت بإصابة المئات من الأسرى بأمراض مختلفة.

ومع كل هذا لا تتوقف إدارة معتقلات الاحتلال بتنفيذ إجراءاتها القمعية بحق الأسرى المرضى، ولا يمنعها من تنفيذ اعتداءاتها، وقد وثقت المؤسسات العديد من الحالات كانت أبرزها المعتقل (نصار طقاطقة) الذي اُستشهد نتيجة لجريمة مركبة نفذها المحققون وإدارة معتقلات الاحتلال، عبر سياسة الإهمال الطبي وتعذيبه.

هذا وتُشير المؤسسات إلى أن (67) أسيرًا قتلهم الاحتلال منذ عام (1967) نتيجة لسياسة الإهمال الطبي التي تندرج في تفاصيلها المكثفة ضمن سياسات التعذيب. 

حالة الأسير المصاب بالسرطان  موفق عروق

كشفت الفحوص الطبية التي أُجريت للأسير موفق عروق (77 عامًا) في شهر تموز/ يونيو 2019، بإصابته بسرطان الكبد والمعدة، وماطلت إدارة معتقلات الاحتلال بنقله إلى المستشفى لتلقي العلاج الكيماوي لعدة أشهر رغم ما أثبتته الفحوص الطبية، الأمر الذي فاقم من وضعه الصحي.

ولم تكتفِ بعملية المماطلة كإجراء انتقامي منه، بل احتجزته فيما يُسمى "بالمعبار" في معتقل "عسقلان" لمدة شهر في ظروف قاهرة وقاسية، إلى جانب عدد من الأسرى المرضى، وذلك بعد عملية قمع نفذتها بحق أسرى "عسقلان" في شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.

يُشار إلى أن الأسير عروق هو من الأراضي المحتلة عام 1948، وهو محكوم بالسّجن لمدة (30 عامًا)، ومعتقل منذ عام 2003.

 

 

  1. تصاعد الاعتقالات التعسفية بحق الأطفال

صعَّدت سلطات الاحتلال الإسرائيلي من اعتقالاتها التعسفية بحق الأطفال والقاصرين الفلسطينيين، ومارست بحقهم أنماطاً مختلفة من التّعذيب خلال وبعد اعتقالهم، ما يعتبر من بين المخالفات الجسيمة للقانون الدولي، خاصة اتفاقية مناهضة التعذيب واتفاقية حقوق الطفل.

وخلال العام 2019، اعتقلت قوّات الاحتلال الإسرائيلي (889) طفلاً، ووصل عدد المعتقلين الأطفال مع نهاية العام المنصرم إلى نحو (200) قاصر، و(35) قيد الاعتقال المنزلي.

وفى سابقة خطيرة تجاوزت كل المعايير الإنسانية والقانونية؛ استدعت سلطات الاحتلال –خلال شهر تمّوز/ يونيو- كل من: والد الطفل محمد ربيع عليان (4 سنوات)، ووالد الطفل قيس فراس عبيد (6 سنوات) وكلاهما من بلدة العيسوية في القدس، للتحقيق معهما بتهمة إلقاء الطّفلين الحجارة على مركبات الشرطة الإسرائيلية، وفي الأول من آب/ أغسطس 2019، استدعت سلطات الاحتلال عائلة الطفلة ملاك سدر البالغة (8 سنوات) من محافظة الخليل، لغرض التحقيق مع الطّفلة، وتكمن الخطورة الحاصلة من هذه الاستدعاءات، عدا عن الحصول على معلومات، في مطالبة عائلاتهم بإحضارهم، الأمر الذي يُشكل مسّاً مباشراً بالعلاقة بين الآباء والأبناء، ووضع تلك العلاقة محط تساؤل لدى الأطفال.

وتُمارس سلطات الاحتلال العديد من الانتهاكات بحقّ الأسرى الأطفال منذ لحظة إلقاء القبض عليهم وطريقة توقيفهم التي تتّسم بالقسوة سواء خلال عمليات التوقيف أو خلال اقتيادهم من منازلهم في ساعات متأخرة من الّليل إلى مراكز التحقيق والتوقيف. ومن بين هذه الانتهاكات: إبقاؤهم دون طعام أو شراب لساعات طويلة وصلت في بعض الحالات الموثّقة ليومين، توجيه الشتائم والألفاظ البذيئة إليهم، تهديدهم وترهيبهم، انتزاع الاعترافات منهم تحت الضغط والتهديد، دفعهم للتوقيع على الإفادات المكتوبة باللّغة العبرية دون ترجمتها، حرمانهم من حقّهم القانوني بضرورة حضور أحد الوالدين والمحامي خلال التّحقيق، وغير ذلك من الأساليب والانتهاكات.

ويتعرّض المعتقلون الأطفال لأساليب تعذيب ومعاملة حاطّة بالكرامة ومنافية للمعايير الدولية لحقوق الإنسان، حيث يتم احتجاز غالبيتهم في سجون داخل دولة الاحتلال، بشكل يخالف اتفاقية جنيف الرابعة، ويتسبّب في حرمان الغالبية منهم من زيارات ذويهم. هذا بالإضافة إلى معاناة الأهل في الحصول على التصاريح الّلازمة للزيارة، التي تمنحهم حق التنقّل، حيث تماطل سلطات الاحتلال في منح التصاريح ما يطيل فترة الانتظار، فيما تحرم كثير من العائلات من الحصول على التّصاريح.

  1. سياسة اعتقال النساء وتعذيبهن

تتعــرّض النســاء الفلســطينيات للاعتقال والاعتــداء مــن قبــل سلطات الاحتلال الإسرائيلي كباقــي شرائح المجتمع الفلسطيني، دون أي اعتبار للوضع الصحي أو النفسي أو الاجتماعي لهن.

وحتّى نهاية العام 2019؛ فإن سلطات الاحتلال تعتقل (40) أسيرة في سجونها، بينهنّ أربع أسيرات قيد الاعتقال الإداري، وهنّ شروق البدن وآلاء البشير وبشرى الطويل وشذى حسن، و(27) أسيرة محكومات بالسّجن الفعلي والغرامات المالية، وأعلاهنّ حكماً؛ الأسيرتان شروق دويات وشاتيلا عياد المحكومتان بالسّجن لـ(16) عاماً، وميسون موسى المحكومة بالسّجن لـ(15) عاماً، فيما ما تزال (13) أسيرة موقوفات.

ومن بين الأسيرات، ثماني جريحات، أصعبها حالة الأسيرة إسراء جعابيص (32 عاماً)، من القدس، والتي اعتقلتها قوات الاحتلال بعد إطلاق النار على سياراتها ما أدى إلى انفجارها وإصابتها بحروق شديدة شوهت وجهها ورأسها وصدرها وبترت أصابعها، وحكمت عليها سلطات الاحتلال بالسّجن لمدة (11) عاماً. 

 ولم تقتصر عمليات الاعتقال على فئة محددة من النساء، وإنما طالت نساء يمثلن مختلف قطاعات وشرائح المجتمع الفلسطيني، لتشمل الاعتقالات عضوات في المجلس التشريعي كالأسيرة خالدة جرار، ووالدات شهداء، كالأسيرة وفاء مهداوي والدة الشهيد أشرف نعالوة، وأمّهات، كالأسيرة آسيا كعابنة الأمّ لثمانية أطفال، والأسيرة نسرين حسن الأمّ لسبعة، والمحكومة بالاعتقال لست سنوات، ويقبع زوجها وأطفالها في قطاع غزة، وتحرمهم سلطات الاحتلال من زيارتها، إلى جانب حرمان إخوتها -القابعين في حيفا- من زيارتها أيضاً، وذلك منذ اعتقالها بتاريخ 18 أكتوبر 2015، علماً أن أصغر أطفالها كان بعمر ثمانية شهور عند اعتقالها وأكبرهم فتاة كانت بعمر (11 عاماً)، ما تزال تقوم برعاية أشقائها إلى جانب والدها.

وتعيش الأسيرات خلال مراحل الاعتقال ظروفاً لا إنسانية، لا تراعى فيها حقوقهنّ في السلامة الجسدية والنفسية والخصوصية، إذ يحتجزن في ظروف معيشية صعبة، يتعرّضن خلالها للاعتداء الجسدي والإهمال الطبي، وتحرمهن سلطات الاحتلال من أبسط حقوقهن اليومية، كحقهن في التجمّع لغرض أداء الصلاة جماعةً أو الدّراسة، إضافة إلى انتهاك خصوصيتهن بزرع الكاميرات في ساحات المعتقل، ما يضطر بعضهنّ إلى الالتزام باللباس الشرعي حتّى أثناء ممارسة الرياضة، كما وتحرمهن من حقّهن بوجود مكتبة داخل المعتقل، رغم المطالبات المتكررة لذلك، إضافة إلى حرمانهنّ من ممارسة الأشغال الفنية اليدوية، بالإضافة إلى تعرضهنّ للتنكيل بهن خلال عملية النقل عبر عربة "البوسطة" إلى المحاكم أو المستشفيات، والتي تستغرق عملية النقل بها لساعات، ويتعرّضن خلالها للاعتداء عليهن على يد قوّات "النحشون"، وقد وثّقت المؤسسات الاعتداء على الأسيرة وفاء نعالوة بشتمها والضغط على يديها بالقيود أثناء عملية نقلها للمحكمة.

حالة الأسيرة ميس أبو غوش

اُعتقلت الشابة ميس أبو غوش (20 عامًا) من مخيم قلنديا، في تاريخ 29 آب/ أغسطس 2019، وبعد عملية اعتقالها جرى تحويلها إلى مركز تحقيق "المسكوبية" حيث استمر التحقيق معها لمدة (30) يومًا وحرمت من لقاء المحامي طوال فترة التحقيق، خلاله تعرضت للتعذيب الشديد، وتمثلت أساليب التعذيب: الحرمان من النوم، الشبح على مدار الساعة، اللجوء إلى ما يسمى بالتحقيق "العسكري"، واستخدام أسلوبي ما تعرف "بالموزة" و "القرفصاء"، كما واستخدمت سلطات الاحتلال عائلتها للضغط عليها، حيث اعتقلت شقيقها سليمان وجرى تحويله إلى الاعتقال الإداري، واستدعت والديها عدة مرات خلال فترة التحقيق.

 

 

  1. سياسة العقاب الجماعي

انتهجت سلطات الاحتلال استخدام سياسة العقاب الجماعي بحق عائلات المعتقلين، وتمثل ذلك من خلال استدعاء أفراد من عائلاتهم للضغط عليهم أو اعتقالهم، وشمل ذلك أباء وأمهات المعتقلين وأشقائهم، إضافة إلى الاقتحامات المتكررة لمنازلهم، وتنفيذ اعتداءات وعمليات تخريب، كما وشمل ذلك عمليات هدم لمنازل عدد من المعتقلين، كجزء من الإجراءات الانتقامية التي تنفذها بحقهم وبحق عائلاتهم، وتُعتبر سياسة هدم منازل المعتقلين سياسة قديمة متجددة، مارستها سلطات الاحتلال بكثافة عالية في الأعوام التي شهدت مواجهة عالية مع الاحتلال.

وخلال عام 2019 هدمت سلطات الاحتلال منزل الأسير خليل يوسف جبارين من بلدة يطا، وعاصم البرغوثي من بلدة "كوبر" ومنزل شقيقه الشهيد صالح، كما وهدمت منزل عائلة الأسير إسلام أبو حميد وهي المرة الرابعة التي يهدم فيها، إضافة إلى منازل أربعة أسرى من بلدة بيت كاحل قضاء الخليل والأسرى هم: أحمد عصافرة، وشقيقه قاسم، ونصير صالح عصافرة، ويوسف سعيد زهور.

حالة وداد البرغوثي

اعتقلت قوات الاحتلال المحاضرة في جامعة بيرزيت وداد البرغوثي ووالدة الأسير قسام البرغوثي، وذلك في تاريخ الأول من أيلول/ سبتمبر 2019، وقدمت لائحة اتهام بحقها تتعلق بنودها بالتحريض على مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن ما أظهره اعتقال البرغوثي كان واضحًا أن السبب هو محاولة للضغط على نجلها الأسير قسام الذي تعرض للتعذيب الشديد في معتقل "المسكوبية" في حينه، وفي تاريخ 16 أيلول/ سبتمبر قررت سلطات الاحتلال الإفراج عنها بشروط إلى حين استكمال المحاكمة وتمثلت بـ الإقامة الجبرية في منطقة (ج) إلى حين انتهاء المحاكمة، ودفع غرامة مالية بقيمة (40) ألف شيقل.

 

 

  1. سياسة اعتقال الصحفيين والنواب والنشطاء  

تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي اعتقال (11) صحفيًا في سجونها، أقدمهم الأسير محمود موسى عيسى من القدس وهو محكوم بالسّجن ثلاث مؤبدات، وخلال هذا العام اعتقل الاحتلال عشرة صحفيين على الأقل، كان من بينهم الصحفيتان ميس أبو غوش (20 عامًا) وبشرى الطويل (26 عامًا).

ووفقًا لمتابعة المؤسسات فإن الاحتلال مستمر في محاكمة الأسيرة أبو غوش، فيما حوّل الأسيرة الطويل إلى الاعتقال الإداري لمدة أربعة شهور.

وفي القدس استهدف الاحتلال الصحفيين بشكل أساس ومنع طاقم تلفزيون فلسطين من العمل أو التواصل، كما واستدعى عددًا منهم وتعرضوا للتحقيق عدة مرات، وما تزال سلطات الاحتلال تمنعهم من العمل. 

كما وتستمر سلطات الاحتلال باعتقال (8) من النواب السابقين من بينهم الأسيرة خالدة جرار، إضافة إلى سبعة نواب هم: مروان البرغوثي، أحمد سعدات، محمد أبو جحيشة، ومحمد إسماعيل الطل، وحسن يوسف، وعزام سلهب، ومحمد جمال النتشة، بالإضافة إلى خالدة جرار، علمًا أن غالبيتهم معتقلون إداريًا.

وتنتهج سلطات الاحتلال سياسة اعتقال الصحفيين والنشطاء والنواب في محاولة لتقويض دورهم المجتمعي والثقافي والسياسي، وإبقاء السيطرة على الساحة الفلسطينية، ومحاربة كل ما من يحاول كشف جرائم الاحتلال.

 

 

 

 

حالة الأسيرة الصحفية بشرى الطويل

اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي الصحفية بشرى الطويل في تاريخ 11 كانون الأول/ ديسمبر 2019، وحولتها إلى الاعتقال الإداري لمدة أربعة شهور، وهي من بين أربع أسيرات معتقلات إداريًا، وبحسب متابعة المؤسسات فإن قوات الاحتلال اعتقلت الطويل ثلاث مرات سابقًا قبل اعتقالها الحالي، وذلك منذ عام 2011، حيث صدر بحقها في حينه حُكمًا بالسّجن لمدة (16) شهراً ونصف، وأُفرج عنها ضمن صفقة "وفاء الأحرار".

وفي عام 2014 أعاد الاحتلال اعتقالها مجدداً مع العشرات من محرري الصفقة، وقضت مدة حُكمها السابق، وفي عام 2017 اعتقلها الاحتلال إداريًا بذريعة وجود "ملف سّري"، واستمر اعتقالها لمدة ثمانية شهور، إلى أن اعتقلها مجدداً هذا العام، وذلك بعد أيام على الإفراج عن والدها جمال الطويل الذي استمر اعتقاله إداريًا لمدة (20) شهراً.

 

 

  1. سياسة القمع والاقتحامات داخل المعتقلات

شهد العام 2019 تصاعد في وتيرة الاقتحامات والتفتيشات التي نفذتها الوحدات الخاصة لأقسام الأسرى في السجون والمعتقلات الإسرائيلية، فقد وثقت مؤسسات الأسرى العديد من شهادات الأسرى الذين تعرضوا لاعتداءات وتنكيل على يد قوات القمع الخاصة بالسجون، تخللها اعتداء مباشر بالضرب وسوء شديد بالمعاملة الذي يرتقي إلى التعذيب، لتكون هذه الأحداث الأعنف منذ أحداث سجن "النقب" عام 2007، والتي اُستشهد فيها الأسير "محمد الأشقر" بعد إطلاق النار مباشرة عليه.

اقتحام سجن "عوفر" خلال شهري كانون الثاني وآب

تعرض سجن "عوفر" خلال شهري كانون الثاني وآب لاقتحامات من قبل وحدة "المتسادا" لعدد من الأقسام، ففي يومي 20 و21/1/2019 تعرضت عدد من الأقسام لاقتحام وحدة "المتسادا" بعدما نفذت وحدات السجن تفتيشًا استفزازيًا لغرف الأسرى في قسمي 17 و15، تخللهما تخريب متعمد من قبل وحدات السجن قابله الأسرى بالاعتراض والمواجهة الأمر الذي أدى إلى تصاعد وتيرة المواجهات داخل هذه الأقسام، وخلالها اعتدت على أسرى في القسمين بالضرب بالعصي والأيدي واستخدام غاز الفلفل والرصاص المعدني وقنابل الصوت.

اقتحام سجني النقب وسجن"ريمون" في شهر آذار

كان اقتحام قسم (3) في سجن "النقب" من قبل وحدة "المتسادا" الأعنف منذ أكثر من عشر سنوات، ووفقاً لشهادات العديد من الأسرى، التي أكدت على أن ساحة السجن كانت عبارة عن ساحة حرب، فقد شهد القسم ليلة 24/3/2019 اعتداءًا وحشي على الأسرى، تخللها ضرب شديد لعدد كبير من الأسرى، وتقييد لساعات طويلة، ووقوع عدد من الإصابات الخطيرة التي جرى نقلها إلى المشفى وهي في حالة إغماء، عدا عن عزل أسرى القسم والبالغ عددهم 98 أسيراً في القسم لمدة شهر كامل دون وجود أي مقوم من مقومات الحياة الإنسانية.

شهادة الأسير عماد الشريف

 أكد الأسير "عماد الشريف" خلال شهادته عبر زيارة المحامي على أن ما حدث في "النقب" لم يحدث منذ سنين ليس داخل سجن "النقب" فحسب، بل داخل جميع السجون والمعتقلات، حيث يقول الشريف في شهادته : " في يوم الأحد 24/3 حوالي الساعة 8 مساءً أبلغت إدارة سجن "النقب" أسرى قسم (4) بأنه سيتم نقلهم إلى قسم (3) المجاور بهدف إجراء تفتيش في القسم، والأسرى قاموا بتحضير أغراضهم وحاجياتهم استعداداً للنقل، حيث كان عدد الأسرى 98 أسيراً نُقل منهم 94 أسيراً إلى قسم (3) دون أي مشكلة، والأسرى الأربعة الآخرين كان اثنان منهم ما زال في قسم (4) واثنان بين القسمين ينقلان أغراضهم، أحد الأسرى الذي كان متواجداً في قسم (4) قام بالاعتداء على أحد السجانين في القسم دون مشاركة أو مساعدة أو معرفة من أحد الأسرى، وكان هذا الأمر حوالي الساعة 10:30 ليلاً، ودخلت قوات مصلحة السجون بأعداد كبيرة إلى قسم (4) وقامت فوراً بالسيطرة على الأسير والأسرى الثلاثة الآخرين الذين كانوا متواجدين خارج قسم (3)، وقامت بالاعتداء عليهم بشكل همجي وحتى وهم مقيدين، بعد ذلك قامت الإدارة بإعطاء أوامر في اقتحام قسم (3) من قبل وحدة "المتسادا" و"الكيتر" وشرطة السجن.

وبدأت وحدة "المتسادا" عملية الاقتحام برمي قنابل الصوت وإطلاق كثيف للنيران على الأسرى، وفي حينه تراجع الأسرى للخلف وجلسوا على الأرض في وضعية استسلام دون أي مقاومة، وبعد ذلك حاصرت قوات القمع الأسرى وبدأت بسحب أسير وراء الآخر وتقييد يديه من الخلف ثم الاعتداء عليه بالضرب المبرح بمشاركة وحدة "الكيتر"، وشرطة السجن التي استخدمت الهراوات والعصي الحديدية، وبعدها قامت بنقل الأسير إلى ساحة القسم بوضعية ركوع مع استمرار الاعتداء على الأسير، وتخلل الاعتداء صراخ وشتم الأسير وأهله وسب الذات الإلهية، وخلال الاعتداء هطلت أمطار غزيرة ولساعات طويلة على الأسرى الذين لم يكن هناك شيء يقيهم من الأمطار، واستمر الأمر حتى الساعة 4 من صباح اليوم التالي 25/3، وبعدها قاموا بإدخال الأسرى داخل الخيام، حيث استمرت بالاعتداء على الأسرى داخل الخيام، واستمر تواجد الأسرى داخل الخيام في جو شديد البرودة وملابس مبتلة ومقيدين الأيدي والأرجل، مجبرين بالجلوس على الأبراش دون أي حراك حتى الساعة 10:30 صباحاً، وخلال ساعات الليل تم نقل ما يقارب 11 أسيراً إلى مشفى "سوروكا" لصعوبة وضعهم، والكثير من الأسرى أصيبوا بالطلقات والجروح ولم يتم تقديم العلاج لهم، واستمرت العقوبات والعزل لنحو 3 أسابيع حتى تاريخ 16/4/2019 حيث حرمت الإدارة الأسرى المتواجدين في قسم (3) من كل أغراضهم الشخصية وملابسهم وكل ما يتمتع به أي أسير في أي سجن وفي ظروف إنسانية قاهرة".

 

وسبق هذا الاقتحام اقتحام آخر من قبل "المتسادا" لقسم (1) في سجن "ريمون"، حيث شهدت عدة سجون في ذلك الوقت احتجاجات عديدة رفضاً لنصب إدارة سجون الاحتلال أجهزة تشويش حديثة تؤثر على صحة الأسرى.

  1. سياسة العزل

يُشكل العزل أحد أدوات التعذيب النفسي التي تستخدمها سلطات الاحتلال بحق الأسرى الفلسطينيين، وتنتهج إدارة معتقلات الاحتلال، وبقرارات من جهاز المخابرات "الشاباك" سياسة العزل الانفرادي، بذريعة تشكيلهم "الخطر على أمن الدولة" ووجود "ملف سري" أو استخدمها كعقوبة لفترات مؤقتة. ولا تعطي إدارة معتقلات الاحتلال أي توضيح حول ماهية "الخطورة" التي تدعيها.

 ويُصدر جهاز "الشاباك" أمر العزل لمدة ستة شهور قابلة لتجديد بقرار من المحكمة، وذلك استناداً على إدعائها بوجود "ملف سري." أو تشكيل "الخطورة."

ويرافق عملية العزل، إبقاء الأسير في زنزانته طوال اليوم باستثناء ساعة واحدة يخرج بها إلى الفورة (الساحة)، ولا يسمح له بالتواصل مع أحد سوى السّجان؛ كما وتحرم عائلته من زيارته.

 أما على صعيد الزنزانة التي يُحتجز بها الأسير، فهي عبارة عن غرفة صغيرة لا تدخلها أشعة الشمس، وتحتوي على مرحاض بداخلها، وفيها فتحة واحدة وهي فتحة الباب الحديدي الذي يتم عبرها إدخال الطعام للأسير، وهناك العشرات من الشهادات للأسرى المعزولين تُفيد بانتشار الحشرات فيها، وهي شديدة البرودة في الشتاء، وحارّة في الصيف.

واستخدمت إدارة المعتقلات العزل بحق كافة الأسرى الذين خاضوا إضرابات، كإجراء عقابي أولي بحقهم، وبرزت بعض قضايا العزل خلال هذا العام منها قضية الأسير إسلام وشاحي.

حالة الأسير إسلام وشاحي

تواصل إدارة معتقلات الاحتلال عزل الأسير إسلام وشاحي منذ شهر آذار/ مارس 2019 حيث تعرض الأسير وشاحي للاعتداء بالضرب المبرح على يد قوات القمع في معتقل "النقب"، وتسبب بإصابته بكسور ورضوض شديدة، وجرى ذلك خلال الأحداث العنيفة التي شهدها سجن "النقب" في شهر آذار/  مارس 2019، إثر المواجهة التي اندلعت بين قوات القمع والأسرى، على خلفية تركيب أجهزة التشويش في السجن، ووجهت نيابة الاحتلال لائحة اتهام بحقه، ادعت فيها أنه حاول قتل أحد السجانين، وحتى الآن تحاكم إدارة المعتقلات الأسير وشاحي، وتستمر بعزله، حيث جددت عزله مؤخرًا.

يُشار إلى أن الأسير وشاحي من محافظة جنين، وهو معتقل منذ عام 2002، ومحكوم بالسجن لمدة (19) عامًا.