ينظر مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية بخطورة بالغة إلى التعميم رقم (4) لسنة 2021م، الصادر بتاريخ 28/6/2021م عن الإدارة العامة للمنظمات غير الحكومية التابعة لوزارة الداخلية في غزة، والذي يفرض على الجمعيات الخيرية والهيئات الأهلية القائمة على تنفيذ مشاريع تهتم بقضايا المرأة الفلسطينية، التنسيق المسبق مع وزارة شؤون المرأة قبل تنفيد أي مشروع، تحت طائلة المسؤولية القانونية، باعتباره يُشكل قيداً على ممارسة الحق في تشكيل الجمعيات وحرية عملها، وينطوي على إخلال بجوهر فكرة حرية العمل الأهلي ويتجاوز دور وزارة الداخلية الذي يحصره القانون في تسجيل الجمعيات.

وكفلت المادة (26) من القانون الأساسي المعدل لعام 2003م وتعديلاته، الحق في المشاركة السياسية بما في ذلك تشكيل النقابات والجمعيات والاتحادات والروابط والأندية والمؤسسات الشعبية وفقاً للقانون.  فيما لم يخول القانون رقم (1) لسنة 2000م بشأن تشكيل الجمعيات الخيرية والهيئات الأهلية، أية جهة إجبار مؤسسات المجتمع المدني على التنسيق المسبق لتنفيذ أنشطتها خاصة ما يتعلق منها بقضايا بالمرأة، طالما أنها استوفت إجراءات تشكيلها وتسجيلها وفقاً لأحكام القانون.  وقد كفلت المادة (1) من قانون تشكيل الجمعيات حق الفلسطينيين في ممارسة النشاط الاجتماعي والثقافي والمهني والعلمي بحرية بما في ذلك الحق في تشكيل وتسيير الجمعيات والهيئات الأهلية. هذا بالإضافة لكون صلاحية إصدار قواعد عامة ومجردة تنطوي على تعديل بالإضافة للقانون الساري ليست من اختصاص دائرة المؤسسات بل هي اختصاص أصيل لمجلس الوزراء بموجب آلية التشريع اللائحي.

وقد نظم قانون الجمعيات الجانب الشكلي الإجرائي لها لا سيما قيدها في السجل العام، وضمان مراعاة تشكيلها وفق أحكامه دون التدخل في الجانب الموضوعي المتعلق بطبيعة الأنشطة نفسها، أما مسألة المتابعة فأناطها القانون بالوزارة المختصة، وبموجب قرار مسبب صادر عن الوزير في كل حالة، للتثبت من مراعاة أحكام القانون.  كما أن المادة (10) التي تنص على التعاون والتنسيق فيما بين الوزارة والجمعيات للصالح العام، فإن مقصدها لا ينصرف إلى ما جاء في التعميم من تنسيق مسبق قد يتمخض عنه منع ممارسة العمل الأهلي.

إن مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية إذ يرى أن هذا التعميم ينطوي على تمييز واضح ضد النساء، كونه خص المشاريع والأنشطة المتعلقة بالمرأة فقط، في تعارض واضح مع مبدأ المساواة وعدم التمييز، وهو ما يعتبر جريمة بحد ذاته، فإنه يؤكد على أن الحق في تشكيل الجمعيات وتسييرها، مكفول بموجب المعايير الدولية لحقوق الإنسان، ويُشكل أحد التزامات دولة فلسطين الدولية الناشئة عن انضمامها للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بدون تحفظات، خاصة المادة (22) منه.

وبناء على ما يشوب التعميم من مخالفة لقواعد الاختصاص الشكلية والموضوعية، وباعتبار الحق في تشكيل وتسيير الجمعيات مكفول بموجب المعايير القانونية الدولية والوطنية ذات العلاقة، وخشية من أن يؤدي هذا القيد إلى الحد من حرية ممارسة العمل الأهلي خاصة مناصرة قضايا المرأة ودعمها، ، فإن "مجلس المنظمات" يُطالب بسرعة إلغاء التعميم رقم (4) لسنة 2021م، احتراماً للقانون ولمنظومة الحقوق والحريات العامة المكفولة بموجب القانون الأساسي الفلسطيني، ووفاءَ بالتزامات دولة فلسطين الناشئة عن انضمامها للاتفاقات الدولية لحقوق الإنسان.

انتهى