منذ أحداث السابع من أكتوبر 2023، وما تلاها من جريمة الإبادة الجماعيّة التي شنّتها قوّات الاحتلال ضدّ قطاع غزّة، تمّ اعتقال آلاف الفلسطينيّين من غزّة والضفّة الغربيّة، بما في ذلك القدس الشرقيّة، من قِبل قوّات الاحتلال الإسرائيليّ. وقد تمّ احتجاز هؤلاء المعتقلين في مرافق الاحتجاز التي تديرها إدارة الجيش الإسرائيليّ أو مصلحة السجون الإسرائيليّة، وذلك بموجب أنظمة قانونيّة مختلفة. وعلى الرغم من تنوُّع أماكن الاحتجاز الإسرائيليّة، أظهرت الشهادات التي جمعها المحامون  أو المؤسّسات الحقوقيّة من الأسرى المحرّرين والذين ما زالوا معتقلين أنّ المعتقلين الفلسطينيّين في السجون الإسرائيليّة، مهما كانت الأنظمة القانونيّة المطبّقة عليهم، يتعرّضون بشكل منهجيّ لظروف احتجاز غير إنسانيّة، تتّسم بسوء المعاملة، بما في ذلك التعذيب، والعنف الجنسيّ، وعدد من الجرائم الأخرى. 

وفي سياق موازٍ، تعرّض الأسرى الفلسطينيّون وأُسَرُهم إلى استهداف ممنهج من خلال القوانين، ومشاريع القوانين التي سنّها الكنيست الإسرائيليّ، أو حتّى جرى نقاشها وما زالت في مراحلها التشريعيّة منذ السابع من أكتوبر 2023. واستمر الكنيست الإسرائيليّ في عام 2024 بإقرار قوانين عنصريّة تستهدف الأسرى الفلسطينيّين؛  ما يمسّ حقوقهم الأساسيّة وحقوق عائلاتهم، ليصل الأمر إلى ذروته في تهجير عائلات الأسرى في القدس المحتلّة. واستمرّت سلطات الاحتلال بمحاولة النيل من الأسرى عبر تمديد العمل بحالة الطوارئ في السجون كافّة، منها: عقد جلسات المحاكمة عبر الفيديو كونفرنس، وحرمان الأسرى من المثول أمام المحكمة، واحتجاز الأسرى دون أسرّة، والاكتظاظ وغيرها من القوانين. 

ركّز الكنيست الإسرائيليّ أيضاً خلال هذا العام على إقرار ،أو طرح سلسلة من القوانين التي تضرب في صُلب الحياة الاقتصاديّة للفلسطينيّين بشكل عام، والأسرى وعائلاتهم بشكل خاصّ. ومن أبرز هذه التشريعات، مشروع قانون يجيز للمتضرّرين من أعمال "المقاومة" الفلسطينيّة، وفقًا للتعريف الإسرائيليّ "للإرهاب"، تقديم دعاوى تعويضات ضدّ الجهات الداعمة لتلك العمليّات، بما في ذلك السلطة الوطنيّة الفلسطينيّة. كما ناقش الكنيست الإسرائيليّ مشروع قانون يقضي بفرض عقوبات على مؤسّسات ماليّة، قائمة في الضفّة الغربيّة وقطاع غزّة، وتحتاج لعلاقات مع مؤسّسات ماليّة مثل بنوك وغيرها داخل دولة الاحتلال، في حال ثبت، أنّها تحوّل أموالاً من السلطة الفلسطينيّة إلى من يعدّهم التعريف الإسرائيليّ "إرهابيّين"، والقصد أسرى محرّرين وعائلات شهداء. 

 يتضمّن القانون فرض عقوبات وقيود على مؤسّسات ماليّة إسرائيليّة، أو تعمل داخل دولة الاحتلال في حال تعاملت مع تلك المؤسّسات الماليّة الأجنبيّة، دون أن تبلّغ عنها1. وأيضاً طرح مشروعَيْن  قانونيَّين يقضيان بجواز اقتطاع الحكومة الإسرائيليّة أموالاً من أموال الضرائب الفلسطينيّة المحتجزة لتسديد نفقات علاج الأسرى في السجون2، ويُعدّ  هذا الطرح تنصُّلاً واضحاً من مسؤوليّة دولة الاحتلال في علاج الأسرى المنصوص عليه في المواثيق الدوليّة، وفي لوائح مصلحة السجون الإسرائيليّة. وتمّ الإقرار النهائي في تاريخ 11/10/2024 لقانون يقضي باقتطاع أموال من أموال الضرائب الفلسطينيّة المحتجزة لدى الحكومة الإسرائيليّة، لتمويل محامي الدفاع الإسرائيليّين، الذين تعيّنهم المحكمة، ممّا يسمّى "هيئة الدفاع الحكوميّة"، الذين سيدافعون عن الأسرى الفلسطينيّين الذين شاركوا في 7/10/20233، وجاء هذا القانون لإضفاء الشرعيّة على عمليّات الاعتقال التي شرعت بها قوّات الاحتلال، في ظلّ رفض المحامين  والمؤسّسات الفلسطينيّة من تمثيل هؤلاء الأسرى لعدم مشروعيّة اعتقالهم، وعلى الرغم من هذا القانون إلّا أنّ مكتب الدفاع العام الإسرائيليّ رفض تمثيل أيّ أسير فلسطينيّ من قطاع غزّة جرى اعتقاله بعد السابع من أكتوبر 2023. ونذكر أنّ هذه فقط جزء لا يتجزّأ من القوانين، ومشاريع القوانين التي تحاول دولة الاحتلال سنّها وتطبيقها لكي تضيّق الخناق على عائلات الأسرى بشتّى الطّرق.