لليوم الـ 54 على التوالي، يواصل الشيخ الأسير خضر عدنان اضرابه المفتوح عن الطعام، وعن الكلام مع سجانيه، يستمر في اضرابه متسلحاً بدعاء والديه العجوزين وزوجته وابنتيه، وبأمل لقاءه بهم وبجنينه الذي بعد ثلاثة شهور سيخرج للدنيا.
بما تبقى من جسده النحيل، وبايمانه الراسخ بعدالة قضيته، وبحتمية انتصاره، يواصل اضرابه رغم التهديد بالقتل، ودنو الموت منه، لم يثنه هذا ولا ذاك، ولم تنل منه كل أساليب التهديد والتخويف، وتلك الطقوس البدائية التي يمارسها سجانيه لاجباره على العدول عن اضرابه، فعزيمته تماثل رسو الجبال، وأنى للسجان هزيمة جبل.
الشيخ الأسير خضر عدنان، أخذ الجوع والاستمرار فيه سبيلاً لتأكيد كرامته وانتزاع حريته، رافعاً شعار "الموت أو الحرية"، وأي سلاح يملك وهو رهينة نظام من الجلادين يترقبون موته بلهفة، فما كان له إلا معدته الخاوية سوى من بعض الماء.
لثقته بالحركة الأسيرة، وبشعبه وأمته، وبأحرار العالم، يحتمل الجوع حتى لو تهدده الموت، لأن "كرامتي أغلى من الطعام"، يرفل في قيده معلناً رفضه لسياسة الاعتقال الاداري الممارسة من قبل دولة الاحتلال، وسخطه على العنجهية التي يتعامل بها المحققين، وهو الذي عانى وعرف هذا الاعتقال والتحقيق مرات ومرات، كما عرف أيضاً مرارة الاعتقال السياسي لدى أجهزة أمن السلطة الفلسطينية.
لم تلتفت المحكمة العسكرية في "عوفر" لمدى خطورة الوضع الصحي للشيخ خضر، ولم تعر اهتماماً لمفهوم الكرامة الانسانية، ولم تصغي سوى للقائد العسكري مصدر أمر الاعتقال الاداري بناء على طلب المخابرات، فذهبت إلى تثبيت أمر الاعتقال الاداري بتاريخ 6/2/2012، تبدأ مدته من 8/1/2012 وينتهي في 8/5/2012، لأن ثمة "معلومات سرية" تتعلق بانتماءه السياسي لحركة الجهاد الاسلامي.
وبعد تقديم الاستئناف ونظره من قبل المحكمة المرؤوسة من قبل القاضي "تيروش" والتي انعقدت اليوم 9/2/2012، في مستشفى "زيف" في صفد، حيث يقبع الشيخ الأسير، فقد تأجل البت فيه إلى موعد غير محدد، دون مراعاة لوضعه الصحي، إذ أحضر للمحكمة على كرسي متحرك، وهو موثوق اليدين والقدمين.
وخلال زيارته من محامي "الضمير" بعيد جلسة المحاكمة، في غرفته في المستشفى كان الشيخ خضر ممدداً على سريره وهو موثوق اليدين!!.
ان ما يتعرض له الشيخ الأسير خضر عدنان، مخالف بشكل صارخ للمعايير الدولية المتضمنة في قواعد القانون الدولي الانساني، وأحكام الشرعة الدولية لحقوق الانسان، وينتهك حقه في تمتعه بالكرامة والحرية، الكرامة المتأصلة لدى البشر، والحرية التي قدمت الانسانية في سبيل انتزاعها ملايين البشر.
الشيخ الأسير خضر عدنان، الانسان الحر النبيل، ورغم وحدته في عتم الزنازين، لا ينسى أحرار العالم ممن يقفون معه، فيوجه تحياته لهم قائلاً: "شكراً لجميع أحرار العالم الذين يقفون مع الشعب الفلسطيني، ويساندونني في معركتي، وقد زادني تضامنهم اصراراً على المضي قدماً في اضرابي حتى نيل حريتي". ".
هذا الشيخ الصلب، والذي خاض في العام 2005 اضراباً مفتوحاً عن الطعام لمدة (12) يوماً احتجاجاً على عزله الانفرادي، ولم يتراجع عن اضرابه الا عندما رضخت ادارة السجن لمطلبه وأخرجته من العزل، لا يأبه بمصيره الفردي، مؤثراً تضحيته بذاته في سبيل كرامة وحرية شعبه، وسيبقى، كما أكد أكثر من مرة، مضرباً حتى ينال حريته.
مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الانسان، واذ تنظر بقلق بالغ، وبخطورة جدية، لحالة الشيخ الأسير الصحية، فإنها تحمل الاحتلال المسؤولية الكاملة عن حياته، وتطالب دولة الاحتلال بضمان سلامته، كما وتناشد منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية القيام بدورها والتدخل العاجل والفوري لانقاذ حياة الشيخ خضر، كما وتتوجه إلى الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر ولكافة المؤسسات العاملة في قطاع الأسرى والمعنية بحقوق الانسان، بضرورة التدخل لدى سلطات الاحتلال والضغط عليها للإفراج عن الشيخ خضر وضمان سلامته، قبل فوات الأوان.
مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الانسان